تحقيقات
هبوط أسعار البترول بين الأزمة والفرصة
يمثل هبوط أسعار البترول أزمة لكل الدول المنتجة للبترول والمتمثلة في منظمة الدول المصدرة للبترول ( الاوبك) والتي تضم 11 دولة هم المملكة العربية السعودية – الامارات العربية المتحدة – ايران – العراق – الكويت – فنزويلا – قطر –اندونيسيا – ليبيا – الجزائر – نيجيريا حيث انتاج كميات كبيرة من البترول الذي يمثل الداعم الأكبر لميزانية تلك الدول وعلي حسب أخر اجتماع للمنظمة الذي اتفقوا فيه علي الحفاظ علي سقف الانتاج كما هو(30 مليون برميل يوميا) الأمر الذي أدي الي المزيد من هبوط أسعار خام البترول بسبب زيادة المعروض عن الطلب العالمي وعليه فقد تأثرت ميزانية تلك الدول بسبب هبوط الأسعار من ما يقرب من 100 دولار للبرميل الي 35 دولار للبرميل
وهناك احتمالية هبوطه الي أقل من 30 دولار للبرميل في سنة 2016 بسبب زيادة أنتاج دول أخري من خارج منظمة الأوبك مثل روسيا حيث بلغ متوسط انتاج روسيا من النفط في عام 2014 أعلي مستوي في فترة ما بعد الحقبة السوفيتية ليصل نحو 10.6 ملايين برميل يوميا وهو ما يقارب انتاج المملكة العربية السعودية وايضا بداية رفع الحظر عن ايران والتي بدورها ستزيد انتاجها للضعف تقريبا حيث بلغ انتاج ايران من الخام في يوليو الماضي 2.85 مليون برميل يوميا وقد صرح وزير النفط الايراني انه بمجرد رفع العقوبات عن ايران سيتم رفع انتاج البترول أول يوم بمقدار 500 ألف برميل وسوف يستمر زيادة انتاج البترول تدريجيا ليصل الي 3.8 مليون برميل يوميا في غضون الاشهر التالية بالاضافة الي طفرة الانتاج الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية وتطور التكنولوجيا هناك لتقليل سعر انتاج البترول من البترول الصخري مما أدي الي فائض في الانتاج برغم أن الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر الدول المستهلكة للبترول.
الفرص الذهبية لهبوط الأسعار
ومما لاشك فيه أن أزمة الدول المنتجة للنفط بسبب هبوط الأسعار يقابلها فرص عظيمة للدول المستهلكة مثل جمهورية مصر العربية باستغلال فرق تخفيض دعم المحروقات في الموازنة العامة للدولة الي الاستغلال الأمثل لمواكبة قطار التنمية حيث بلغ حجم ميزانية دعم الطاقة في 2013 – 2014 حوالي 114 مليار جنيه وتقلص بسبب هبوط أسعار البترول الي حوالي 90 مليار في 2015- 2014 ثم تم تخصيص حوالي 61 مليارجنيه مصري لدعم الوقود في موازنة الدولة في 2016- 2015
فهذه فرصة ذهبية للاقتصاد المصرى للنمو وتوجيه فرق الدعم لتحسين الخدمات الأخري كالتعليم والصحة والمشروعات الصناعية والزراعية والخدمات الأخري من انشاء شبكات الطرق والمياه والصرف الصحي وغيره من خدمات تصب في صالح المواطن المصري بصورة مباشرة
التفكير خارج الصندوق واقتناص الفرصة
تمثل الهيئة المصرية العامة للبترول التابعة لوزارة البترول سياسة جديدة في التعامل مع الوضع الحالي حيث استطاعت من خلال الفكر الاقتصادي الجديد والرؤية الصائبة لتقدير الوضع الراهن في تنفيذ مشروعات بترولية عملاقة والذي نتج عنه اكتشاف شركة اني الايطالية لأكبرحقل للغار في مصر والبحر المتوسط ” حقل ظهر” والذي بدوره سيؤدي الي جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والعربية وهو ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الأخير لمنظمة الأوابك للدول العربية المنتجة للبترول في دخول الاستثمارات العربية بقوة في هذا المجال
وجاءت تصريحات المهندس محمد المصري الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للبترول من اقتراب الأخيرة من ابرام اتفاقية مع مؤسسة النفط الليبية لاستيراد 2 مليون برميل من الخام الليبيي الخفيف الذي تصل درجة نقاوته الي (37) والذي يناسب معامل التكرير المصرية والذي يهدف الي تشغيل معامل التكرير المصرية وتوفير فرص عمل جديدة وايضا توفير عملة صعبة من استيراد تلك المنتجات البترولية بعد تكريرها.
ولأول مرة في تاريخ صناعة البترول المصرية تم التوقيع بين هيئة البترول المصرية بنسبة 10% و شركة كويت انرجى للبحث عن البترول والغاز في منطقة الامتياز بالقطاع رقم 9 في محافظة البصرة بالعراق حيث تلك المنطقة الواعدة باستخراج الزيت الخام بكميات كبيرة والذي يفسح المجال أمام قطاع البترول لأول مرة في ايجاد مصادر جديدة للبترول والغاز من خارج مصرمما يؤدي الي زيادة الاحتياطي المصري والذي يساهم في تأمين الامدادات البترولية من خارج مصر لتلبية جانب من احتياج السوق المحلي وتوفير العملة الصعبة من استيراد تلك الكميات من الخارج بصورة مباشرة
ولعل من أهم الخطوات التي نأمل من الهيئة العامة للبترول هي تحفيز الشركات المصرية 100% في مجال الحفر وانتاج البترول وتشجيعها علي الاستمرار قدما باسناد العمل لها كي تظل تعمل حيث ان العمالة لتلك الشركات مصرية مائة بالمائة وايضا عوائد وارباح هذه الشركات سيتم ضخه مره أخري بالسوق المصرية مما يعود بالنفع علي جمهورية مصر العربية وتحسين الاقتصاد برغم الركود العالمي في مجال صناعة البترول