مصر الكبرى

10:06 صباحًا EET

الدستور هو الوثيقة التي يريدها شعب مصر

 
أعد بعض الناشطين السياسيين وثيقة تقدم إلى محمد مرسي وأحمد شفيق, تتضمن بعض النقاط التي يجب أن يوافق عليها المرشح حتى يختاره المصريون رئيسا لهم. وفي اجتماع بمقر الحزب الديموقراطي المصري ضم عدد من القوى الليبرالية, اتفق الحاضرون على مسودة أطلقوا عليها اسم "وثيقة العهد", تتضمن بعض المبادئ العامة – يقوم الليبراليون بتقديمها إلى الشعب المصري ليحدد خياراته على أساسها في الانتخابات القادمة.

   هذه الوثيقة التي تبناها الحزب المصري الديموقراطي, تطالب كل من مرسي وشفيق بالموافقة مقدما على اختيار عدد من نواب الرئيس يتم تحديد أسمائهم مسبقا, كما يوافق على تشكيل حكومة إئتلافية تتمثل فيها جميع التيارات والطوائف الموجودة في المجتمع المصري. كما طالبت الوثيقة حزب الحرية والعدالة الإخواني – الذي ينتمي إليه محمد مرسي – بالقبول بمبدأ تداول السلطة وعدم التدخل في شئون القضاء وتحرير الإعلام من سيطرة الحكومة. وحتى يضمن معدي الوثيقة التزام المرشح بهذه الوعود, طالبوه بإقرار حق الشعب في الثورة إذا لم ينفذ وعوده بعد وصوله إلى كرسي الرئاسة.     
   وحيث أن هناك مبدأ يقول إن القانون لا يحمي المغفلين, فقد سارعت جماعة الإخوان بالإعلان عن تأييدها لكثير من النقاط التي جاءت في الوثيقة كما فعل أحمد شفيق نفس الشيئ, حتى يحصل كل منهما على تأييد الناخبين. ففي استطاعة المرشح إعطاء كافة الوعود المطلوبة منه الآن, وعدم الإلتزام بأي منها بعد فوزه في الانتخابات. أما موافقة المرشح على حق الشعب في الثورة لإجباره على تنفيذ وعوده, فليس له مفعول حيث أن الشعب لا يحتاج إلى موافقة الحاكم إذا ما قرر الثورة ضده. وفي حال فوز أحد الناخبين سيكون له الحق في استخدام كافة أجهزة الدولة في فرض سلطاته الشرعية, ولن يكون في استطاعة أصحاب "وثيقة العهد" إجباره على تنفيذ ما أعطاه من وعود.  
   وبينما كان الليبراليون يتناقشون في تحديد وثيقة الدستور, رفضت جماعة الإخوان المسلمين مجرد التوافق حول معايير اختيار الجمعية التأسيسة لوضع الدستور, وقررت تأجيل الاجتماع الذي كان مقررا عقده بينها وبين القوى المدنية مرتين, حتى لا يتم الاتفاق على الدستور إلا بعد نجاح مرشحها الذي وافق على وثيقة العهد. وفي ذات الوقت الذي وافق فيه محمد مرسي على حرية الإعلام كما جاء في الوثيقة, قرر مجلس الشورى الخاضع له تغيير القيادات الصحافية وفرض وصايته على الصحافة. وفي ندوة عقدها الصحفيون في الأهرام, قال الكاتب صلاح منتصر:" ستحدث فتنة وفوضى جراء هذه التدخل", كما أكد مكرم محمد أحمد – النقيب السابق للصحافيين – أن مشروع مجلس الشورى يورط  مهنة الصحافة في مستقبل مظلم.
   وكان الليبراليون قد تعاونوا مع المرشح الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح وأعطوه أصواتهم, لأنه وافق على كل كل ما طالبوه به من وثائق للعهد, وهاهو الآن – بعد أن كشف بسطاء الشعب المصري حقيقته وأخرجوه من حلبة الانتخابات – قد أفصح عن انتمائه الحقيقي بتأييده الصريح لمرشح الجماعة. ففي اجتماع بينه وبين مرسي, أكد أبو الفتوح على ضرورة الإصطفاف الوطني خلف مرسي, متهما شعب مصر الذي رفضه بمحاولة إعادة النظام القديم.
   وترجع فكرة "وثيقة العهد" إلى سفر الخروج من العهد القديم للكتاب المقدس. ففي تجمع قيل إنه حدث أسفل جبل موسى في سيناء, ظهر الرب إلى بني إسرائيل  وعقد معهم "وثيقة العهد", أن اعبدوني إلها واحد وتكونون شعبي المختار. ومع هذا فبمجرد وفاة موسى في الصحراء, نقض بنو إسرائيل العهد الذي قطعوه مع الرب, وعادوا إلى الوثنية حوالي ثمانية قرون إلى أن تمت كتابة التوراة في بابل. أما الشعوب التي قامت بثوراتها للمطالبة بحقوقها من حاكميها, فلم تطالب بوثيقة العهد وإنما طالبت بالدستور. وكان أول دستور في العالم هو الذي صدر بعد الثورة الفرنسية, ثم جاء "الماجنا كارتا" في بريطانيا ليحدد العلاقة بين الملك والشعب قبل انتخاب البرلمان.
   وفي مصر رفضت جماعة الإخوان كتابة الدستور قبل انتخابات ممثلي الشعب, فجاء البرلمان المصري بدون شرعية ثورية من الدستور. ولا تزال الجماعة ترفض كتابة دستور ثورة يناير إلى أن تفرض علينا رئيسها ونظامها خارج شرعية الثورة. نحن لا نحتاج إلى وثيقة العهد التي لا تلزم أحدا, نريد الدستور الذي يقيم الدولة المدنية ويخضع له الجميع.
أحمد عثمان

التعليقات