عين ع الإعلام
جريدة عمان: قناة السويس كانت وستظل خط الدفاع الأول لمصر
تواصل الصحافة العمانية تبنى سياسات إعلامية تعكس مؤشرات جديدة عديدة تؤكد على قوة العلاقات بين مصر والسلطنة ،وعلى تضامن الشعب العمانى الشقيق مع مصر.
تعبر هذه السياسة الاعلامية عن حرص السلطنة على تبنى مبادرات ومواقف صريحة وواضحة تعكس اهتمامها بدعم المواقف المصرية فى جميع المجالات ، وذلك فى اطار السياسات الثابتة للسلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان تجاه مصر على مدار عقود من الزمان ، والتى تعكس تقديره العميق لها ، وحرصه الكامل على مساندة جميع خيارات شعبها بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى .
فى هذا الاطار نشرت جريدة عمان – التى تعد أعرق صحف السلطنة اليومية – مقالا تصدره عنوان بارز يقول:
” قناة السويس الجديدة.. تغيرات استراتيجية والمشروعات الإقليمية الموازية”.
وقالت فيه الجريدة :لقد كانت وستظل قناة السويس خط الدفاع الأول لمصر، ليس فقط في حروبها الحديثة، ولكن منذ تاريخ إنشائها وحتى يومنا هذا، حيث شكلت مع شبه جزيرة سيناء أهم المحطات العسكرية والاستراتيجية في الحرب العالمية الأولى، كما كان لقناة السويس الدور العسكري الكبير في حروب 56، 67، 73، كانت تمثل خط دفاع ضد أي خطر يهدد أمن مصر، وبحفر قناة السويس الجديدة يتشكل أحد أهم المراكز الاستراتيجية الدفاعية للدولة من خلال خط دفاع استراتيجي وبذلك ستحرم إسرائيل من استخدام قواتها المدرعة والمشاة الميكانيكية كقوة ضاربة رئيسية للقوات البرية والسيطرة تماما على عمليات العبور غير الشرعية سطحيا أو من خلال الأنفاق بين قطاع غزة ومصر وكذلك الحد من القدرات القتالية للقوات الإسرائيلية لنقل المعركة من داخل حدودها إلى سيناء والتي تمثل قلب نظرية الأمن القومي المصري لأن من يسيطر على فلسطين في الوقت الحالي هي إسرائيل ولا يوجد أحد لا يعلم أطماع إسرائيل في إجراء عمليات توسعية في الأراضي المصرية في سيناء.
مشروع قناة السويس الجديدة أحبط طموحات إسرائيل تجاه مصر وقناة السويس والتي كانت تخطط لإقامة مشروعات جديدة منافسة لقناة السويس والتفكير الاستراتيجي لإسرائيل بالتفكير لإقامة خمسة مشروعات للربط بين البحر الأحمر والمتوسط تتنوع ما بين قناة بحرية وإقامة طرق برية وخطوط سكك حديدية ومد أنابيب لنقل البترول من الخليج إلى أوروبا ومن خلال هذه المشروعات تحاول إسرائيل أن تقيم طريقا ضخما وممرا موازيا لقناة السويس بإنشاء جسر بري يربط بين أيلات وأشدود حيث يتضمن مد خط حديدي لنقل البضائع الآسيوية خاصة من الصين عبر البحر الأحمر إلى البحر المتوسط ومنه إلى أوروبا لتكون بديلا لقناة السويس بطول 320كم لنقل البضائع من البحر الأحمر للبحر المتوسط خلال هذا المحور والذي يبدأ من إيلات في الجنوب على البحر الأحمر ويصل لتل أبيب في الشمال على البحر المتوسط.
وكانت إسرائيل تخطط لتنفيذ هذا المشروع في 5 سنوات لينتهي عام 2017، و«قناة السويس الجديدة» أحبطت هذا المشروع في مهده لأن توسعة قناة السويس ستؤدي إلى تنشيط حركة التجارة العالمية ومرور سفن الحاويات العملاقة التي تصل حمولتها لـ220 ألف طن للسفينة الواحدة وستقلل زمن الرحلة من 18 ساعة إلى 11 ساعة ولا توجد فترات انتظار، بالإضافة لتمتع قناة السويس بالموقع الذي لا مثيل له على مستوى العالم ويربط البحر الأحمر والمتوسط وقارتي إفريقيا وآسيا وتصل لقارة أوروبا وبالتالي قيام إسرائيل بمشروعها يعد أمرا بالغ الصعوبة لأنه في حاجة إلى حفر 320 كيلومترا بالإضافة إلى 180 كيلومترا ليمر من خليج العقبة، أي في حاجة إلى قطع نحو 500 كيلومتر، والفكر الخاص بالمشروع كان يعتمد على حفر جزء من خليج العقبة في إيلات لعمل قيمة مضافة من خلال مناطق صناعية وتكنولوجية، ثم عملية تفريغ البضاعة وحملها مرة أخرى عن طريق السكك الحديدية إلى البحر المتوسط وهذه تعد تكلفة ضخمة للغاية.
وفي المقابل البضاعة تمر في قناة السويس من البحر الأحمر الى البحر المتوسط خلال 11 ساعة فقط، بالإضافة إلى أن السفن التي تمر عبر قناة السويس، سفن عملاقة بها حاويات تحمل أطنان البضائع، الواحدة تحمل 8 آلاف حاوية، ويعتبر هذا هو العدد الأدنى للسفن العملاقة، إذ أن بعضها يحمل 12 ألف حاوية، وقناة السويس تنقل سنويا ما بين 18 و20 ألف سفينة عملاقة. أي بما يوازي 1500 سفينة شهريا بمتوسط 50 سفينة يوميا، وبعد فتح القناة الجديدة، فإن القدرة الاستيعابية ستكون 97 سفينة قياسية في اليوم بدلا من 50 سفينة يوميا، بالإضافة إلى أنها ستمكن السفن من العبور المباشر دون توقف لـ45 سفينة في كلا الاتجاهين. وهذا ما يصعّب مهمة إسرائيل في إقامة مشروعها المزعوم. ونشرت تقارير مؤخرا في إسرائيل تعترف فيها بأن «قناة السويس الجديدة» تغير خريطة العالم حيث نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» تقريرا حول افتتاح قناة السويس الجديدة، قالت فيه: إن القناة الجديدة تمنح الأمل لـمصر. ومن جانبه اهتم موقع «المصدر» الإسرائيلي بافتتاح قناة السويس الجديدة المقرر تدشينها رسميا في السادس من أغسطس الجاري، ويرى الموقع أن السفن الكبيرة سوف تستطيع العبور والإبحار من القناة الجديدة بمسار ذي اتجاهين.
وقال الموقع الإسرائيلي عن القناة الجديدة يفتخر المصريون بمشروع قناة السويس الجديدة ويعلقون آمالا اقتصادية عليها، تم حفر القناة الجديدة، الموازية للقناة الأصلية التي أقيمت عام 1869 والتي تشكل حتى يومنا هذا مسارا مائيا دوليا ومركزيا، من قبل الجيش المصري وشركات مصرية خاصة. وأضاف «الموقع»: إن القناة الجديدة ستغير خريطة العالم جغرافيا ومن المفترض أن تؤثر إيجابيًا على الاقتصاد المصري الذي يعاني من تباطؤ منذ ثورة 2011. وتوقع «المصدر» وفقا للتقديرات أن تكون عائدات مصر من القناة نحو 13 حتى 15 مليار دولار سنويا، أي ثلاثة أضعاف العائدات الحالية، ومن المحتمل أن تزيد من حجم الوظائف في سوق العمل المصري وأن توسع حجم التجارة وحركة السفن بين أوروبا وآسيا وهذا يعني أن إسرائيل تعي جيدا الأهمية الاستراتيجية لقناة السويس الجديدة وستحاول جاهدة أن تقوم بتنفيذ مشروعها في محاولة منها لتقليل عائد التنمية المنتظرة من القناة الجديدة لمصر.
ومن المؤكد أن أمن مصر الاستراتيجي يرتبط بأمن قناة السويس بشكل عام والمرتبط بدوره بشكل أساسي بأمن البحر الأحمر والدول الواقعة على ضفتيه، ونعني هنا، السعودية واليمن، كذلك الدول الأفريقية (السودان وأريتريا وجيبوتي والصومال) المتاخمة لباب المندب، وهو المضيق الذي يصل البحر الأحمر بالبحر العربي والمحيط الهندي وامتداداته داخل الخليج العربي ودوله، والقناة الجديدة ستمنح مصر بعدا استراتيجيا لأمنها من جهة الشرق، لذلك تعتبر مصر أن أمن الخليج ودوله هو جزء من أمنها الاستراتيجي، وهي معنية بحماية أمن هذه الدول ومواردها ضد المخاطر المتأتية من القوى التي تقف في الصف المعادي أو المخالف لتوجهات مصر السياسية والفكرية، وارتباطاتها الاستراتيجية مع سياسات الغرب، وبخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل. وتمثل قناة السويس والبحر الأحمر دورا استراتيجيا مهما في حدود مصر خاصة مع شقيقتها المملكة العربية السعودية والتي تشكل مع مصر درع القوة العربية وذلك حسب ما جاء في «إعلان القاهرة» مؤخرا، وستلعب قناة السويس الجديدة دورا استراتيجيا مهما في تلك المرحلة لأن إعادة تعيين الحدود البحرية بين البلدين له أبعاد أهمها هو الاكتشافات البترولية على البحر الأحمر، بالإضافة إلى مناطق صيد الأسماك هناك، وهذه الاتفاقية تعيد الترسيم من خلال التوصل لاتفاق رضائي بين البلدين، وحزمة المشروعات الاقتصادية على جانبي القناة الجديدة ستعمل على الارتقاء في التنمية الاقتصادية وتعظم من مشروعات القناة.
كذلك فإن أمن القناة ومصر يرتبطان أيضًا بأمن البحر الأبيض المتوسط، وحتى مضيق جبل طارق، وهذا يعني ارتباط القناة بحركة السياسة والاقتصاد والتجارة في العالم، وحركة الأساطيل التجارية في الاستيراد والتصدير، الأمر الذي يستدعي حركة الأساطيل الحربية الأوروبية والأمريكية في البحر المتوسط والمحيط الهندي والخليج وحتى بحر الصين واليابان، وربما المحيط الهادئ، وبذلك تتشكَّل أهمية قناة السويس الجيواستراتيجية كمعبر أقصر، وأسرع، وأقل تكلفة، ما بين شرق الكرة الأرضية وغربها ما بين مصادر الطاقة الضرورية للغرب ونقلها الآمن، وما بين أسواق الاستهلاك الضرورية لتصدير الصناعات الغربية إلى الشرق.
وتعد قناة السويس لاعبا أساسيا استراتيجيا في العلاقات المصرية – الأمريكية فعبر قناة السويس وخط الأنابيب من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط تتدفق الملايين من براميل النفط إلى السوق الدولية، وعبر قناة السويس تعبر السفن الحربية الأمريكية من وإلى المحيط الهندي والخليج، وستعمل القناة الجديدة على تقليل المدة الزمنية لعبور السفن وكذا ارتفاع العائد الاقتصادي لمصر وكل هذا يجعل الولايات المتحدة تقلق من ارتفاع معدلات التنمية لدى مصر.
ويرى كثير من الخبراء الاستراتيجيين أن زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى أثيوبيا مؤخرا وإعلانه عن حزمة من المساعدات لها والتوصل إلى الاتفاق الأمريكي الإيراني النووي «5+1» بمثابة قلق أمريكى من تفوق مصر ونجاحها في إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة في عام واحد بعد أن كان مقررا لها أن تتم في خلال 3 سنوات، فزيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لأثيوبيا، تعد ورقة ضغط جديدة استخدمتها أمريكا وإسرائيل ضد مصر في إطار الخطة الأمريكية لإخضاعها، ويعد جزءا منها هو تنفيذ وإتمام بناء سد النهضة، وأن هذه الزيارة هدفها الأساسي – من وجهة نظر البعض على الأقل – دعم الموقف الإثيوبي ضد مصر في هذه القضية.