مصر الكبرى

11:20 صباحًا EET

“مصـــــر تنتحــــب” قبل جولة الإعادة

مع الإعلان عن موعد الإنتخابات الرئاسية المصرية التي تُعد نُقطة تحول في تاريخ مصر بعد ثورة (25 يناير)، بدأت جميع وسائل الإعلام سواء التقليدية أو الإلكترونية في الحديث عن ذلك الحدث التاريخي، والذي كان يتفاءل بهِ العديد من المصريين أملاً منهِم بأنهُ بداية العودة إلى الإستقرار والشعور بالأمن والآمان. والذي إفتقدهُ المصريون في الفترة الأخيرة بسبب حالة التسيُب والفوضى التي تجوب شوارع مصر. وإنطلقت المُنافسة بين القنوات الفضائية في إستضافة المُرشحون، وإستوديوهات التحليل، والمُناظرات، … وما إلى ذلك. وإنتشر الشعار الرئيسي لتلك المرحلة "مصـــر تنتخـــب" والذي أرى أنهُ تحول بمُجرد بداية ظهور مؤشرات نتيجة الإنتخابات الرئاسية إلى "مصــر تنتحب". حيثُ تحولت الفضائيات إلى ساحات للندب والنقاش الحاد بين الخُبراء والمُحللين والإعلاميين بعد حصر الخيارات بين مُرشح الإخوان، ومُرشح النظام السابق. هذا الخيار الذي أصبح حديث الشارع المصري بأكملهِ. ذلك الشعب الذي أصبح أمام خيارين من أصعب ما يكون مما جعل الجميع في حالة من الذهول والدهشة يتخللها نبرة حُزن في العديد من القطاعات. تلك القطاعات التي أصبحت في حيرة من أمرها ولا ترى حلاً سوى إختيار الإخوان لمُجرد عدم قُدرتهِم على التصويت للطرف الآخر، أو التصويت لمُرشح النظام السابق خوفاً من سيطرة تيار الإخوان المُسلمون -ويبقى شالوا الوطني حطوا الإخوان- ، أو اللجوء إلى المُقاطعة لجولة الإعادة. تلك المُقاطعة التي يصفها البعض الآخر بالسلبية. تلك السلبية التي يراها آخرون حلاً يُريح ضمائرهِم ولا يجعل ردهم في يوم من الأيام على أولادهِم أنهُم من صوتوا بإرادتهِم لمُرشح منهُما يقضي على ما مررنا بهِ وتحملناه على مدار عام ونصف تقريباً للوصول إلى بر الأمان ودولة مدنية ديمُقرطية حديثة تحترم جميع المُعتقدات والأديان.
لقد أصبح الموقف مُعقداً للغاية، وأبواق الإعلام لازالت تتوجه طبقاً لأهواء مُقدميها، وتلعب بتوجُهات المُشاهدين وآراءهِم. والعمل على خلق حالة من التشويش والفوضى الفكرية لدي المُشاهد البسيط الذي أُثقل كاهلهُ بالمعلومات السياسية والبنود والمواد القانونية والدستورية…إلى آخرهِ. أى أصبح المواطنون يُعانون بحالة من الإرهاق المعلوماتي السياسي. تلك الحالة التي يراها بعض الإعلاميين نوعاً من التوعية السياسية للمواطنين، غافلين أن المُواطن المصري البسيط فقد الثقة بهِم وفيما يُقدمونهِ، وأنهُ في حالة مُشاهدتهُ لهُم، فهو ليس إلا لكى يفعل عكس ما يقولون.
ولذلك أتمنى أن ينتبه الإعلاميون والقائمون على الإعلام المصري لما يُقدمونه وبالأخص في تلك المرحلة، لأن الإنحياز لتيار دون الآخر من المُمكن أن يجعلهُم مُتهمون إلى الأبد، وخاصة في حالة وقوع عكس ما يتوقعونهُ أو ما يُحاول بعضهُم دفع الناس لهُ. لأن الأُسر المصرية التي كانت تلتف حول شاشات التليفزيون لمُشاهدة البرامج الترفيهية وبالكتير نشرة أخبار الساعة التاسعة على القناة الأولى على مدى سنوات عديدة، لن تحتمل أكثر من ذلك.
 

التعليقات