مصر الكبرى

05:44 مساءً EET

زهور مجانية

منزل صغير في قرية صغيرة عاشت فيه تلك الفتاة الشابة الظريفة التي كانت تعيش مع والدتها الطاعنة في السن، كانت محبوبة من الجميع معروفة بوجهها الصبوح وابتسامتها المشرقة، كان كل من في القرية يحب التعامل معها عرفوها وهي صغيرة وراقبوها وهي تكبر وتتولى خدمة والدتها التي كانت غير قادرة على خدمة نفسها.

اهتمت بشئون بيتها ورعاية والدتها ومع ذلك لم تنس الاهتمام بحديقتها الصغيرة، هذا المكان القريب الي قلبها الذي كانت تعطي له كل ما تبقى من وقتها واهتمامها وهو حديقة الزهور الخاصة بها، كانت تهتم بكل زهرة تكاد تعرف عدد اوراق كل واحدة منها اهتمت بزهورها كأنها تهتم بأولادها.و في احد الايام اخذت تتأمل حديقتها وقد لاحظت ان عدد الزهور ازداد بشكل واضح واثر فيها بشكل كبير ان زهورها الجميلة موجودة هنا خلف الاسوار دون ان يراها او يشعر بها احد، وفي المساء عندما نام الجميع في تلك القرية الصغيرة اخذت زهرة من كل نوع ووضعتها على شبابيك الجيران الذي كانوا يتركونها مفتوحة دائما كعادتهم، وفي صباح اليوم التالي عندما استيقظ جيرانها وجد كل منهم زهرة تشبهه على شباك منزله وعرف الجميع مصدر الزهور، اثر وجود الزهور في يومهم جميعا وشكرها كل من رآها على هذه اللفتة الجميلة الرقيقة.كررت نفس العمل مرة اخرى في المساء، وفي الصباح كان هناك من استيقظ باحثا عن زهرته وكان هناك من ابتسم وترك الزهرة مكانها وهناك ايضا من احتفظ بزهرته في كوب ماء وغيرهم من وضعها في كتاب واخر شم عبيرها والقاها على المائدة ملتفتا لأعماله، كانت سعيدة بالابتسامة التي تضعها على وجه جيرانها وسعيدة باهتمامهم بزهورها.وفي اثناء جولتها الليلية المعتاده في احد الايام بعد حوالي اسبوع من وضعها للزهور على شبابيك جيرانها فوجئت بأن بعضهم قد اغلق الشبابيك في اشارة منهم لإكتفائهم من الزهور، كذبت نفسها وقالت قد يكونوا شعروا بالبرد مثلا او قد يكون عدد الزهور لديهم ازداد قليلا ولن يستطيعوا الاعتناء بالمزيد منها، وبعد عدة ايام وجدت ان عدد الشبابيك المغلقة قد بدأ يزداد، لكنها استمرت في توزيع زهورها على باقي الجيران، وذات مساء خرجت لتوزع زهورها فوجئت بملحوظة قد وضعها احد الجيران على شباكه كاتبا: "الرجاء عدم وضع الزهور"، ونظرت حولها لتجد ان معظم الشبابيك قد اغلقت.شعرت بحزن شديد جلست في حديقتها وسط زهورها وقالت في نفسها كان يجب ان افكر في تلك اللحظة منذ رأيت ان الشبابيك قد بدأت تغلق، كان يجب ان اتوقف قبل ان يرفض احدهم زهوري، فقد فسر الناس منحي للزهور على انه عدم تقدير مني لأهميتها طالما اني امنحها بدون مقابل ودون ان يطلبها مني احد، لكنني سأتوقف عن منح الزهور لمن لا يعرف قدرها سأحتفظ بزهوري في اعوادها وان ماتت فأكرم لها ان تموت في مكانها على ان تموت مدهوسة تحت اقدام من لا يعرف قيمتها، ومع ذلك ستظل زهوري مجانية لكنني سأمنحها لمن يأتي باحثا عنها لأنه هو فقط من سيهتم بها ويقدرها.

التعليقات