آراء حرة
باسم شرف يكتب: سيد قطب.. إمام داعش الحقيقي
سيد قطب هو إمام الانتقام والمنظر الأكبر لفكر جماعة الإخوان الانتقامي، لأنه كان يملك تاريخاً قبل التحاقه بالجماعة يستشهد به كتجربة وخبرة مر بها، فيجب ألا يمر بها أحد ولا يفكر بها لأنه لن يصل لنتائج أخرى غير التي وصل إليها هو، فيتحدث إليهم بيقين أنه على معرفة بكل العلوم والفلسفة، وعلى هذا الأساس ترك كل هذا العالم لأنه يملك من الضلال ما يكفيه لدخول النار، يقينه أمام الجماعة التي لا تملك عقلاً نقدياً قادراً على مشاركات فنية أو أدبية جعله إماماً للفكر وأن ما يقوله صحيح وغير قابل للنقاش لأنه في نظرهم مر بكل تجارب الحياة التي تجعله عالماً بكل شيء وأن المجتمع في جاهلية، فيقول في كتابه معالم في الطريق وهو الكتاب الكاشف لفكره الحقيقي والداعم الأساسي لفكر داعش:
“إن الذي يكتب هذا الكلام إنسان عاش يقرأ أربعين سنة كاملة. كان عمله الأول فيها هو القراءة والاطلاع في معظم حقول المعرفة الإنسانية. عرف الجاهلية على حقيقتها، وعلى إنحرافها، وعلى ضآلتها، وعلى قزامتها، وعلى جعجعتها وانتفاشها، وعلى غرورها وادعائها كذلك !!! وعلم علم اليقين أنه لا يمكن أن يجمع المسلم بين هذين المصدرين في التلقي”.
ومن هذا اليقين والوصاية التي كان يفرضها علي محبيه ومستمعيه من الجماعة والطامحين لقيام دولة إسلامية كان يتحدث وكان ينظر ويعدد في الفروق بين المجتمعات المسلمة والمجتمعات الجاهلية ويغذي بداخلهم مبادئ الجهاد للدفاع عن الإسلام ضد الجاهلية والانتقام من الجميع من خلال طرح توضيح مهمة الجماعة:
“إن مهمتنا هي تغيير واقع هذا المجتمع. ..مهمتنا هي تغيير هذا الواقع الجاهلي من أساسه”.
وليس هذه فقط في فهم مهمة الجماعة ولكنه سرعان ما عمم المفهوم علي وظيفة الإسلام كما يراه:
“وظيفة الإسلام هي إقصاء الجاهلية من قيادة البشرية”.
هذه النظرة التي اعتقد أنها شمولية في علاقة المسلم بكل ما هو جاهلي عن طريق إقصائه والقضاء عليه، وهنا يجعلنا أمام تساؤل هام في فهم رؤيته للعالم، ماذا يقصد بالمجتمع الجاهلي وما هي الجاهلية في نظره ونظر جماعته؟:
“إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم! وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا: إنه هو كل مجتمع لا يخلص العبودية لله وحده”.
متمثلة هذه العبودية في التصور الإعتقادي، وفي الشعائر التعبدية، وفي الشرائع القانونية، وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار “المجتمع الجاهلي” جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلاً وافترض لنفسه الموضوعية في الطرح الذي قدمه لفهم المجتمع الجاهلي وليس هذا فقط ولكنه يستكمل لتوضيح الشرائع الاسلامية كما تراها الجماعة فيقول :
و”ليس المجتمع الإسلامي هو الذي يضم ناساً ممكن يسمون أنفسهم “مسلمين” ، بينما شريعة الإسلام ليست هي قانون هذا المجتمع، وإن صلى وصام وحج للبيت الحرام! وليس المجتمع الإسلامي هو الذي يبتدع لنفسه إسلاماً من عند نفسه – غير ما قرر الله سبحانه، وفصله رسوله صلى الله عليه وسلم”.
ومن يحدد كل هذه المفاهيم وأن هذا هو الإسلام الصحيح والآخر الخطأ الذي يرفضه سيد قطب؟ الذي يحدد هذه المفاهيم هو دستور الجماعة الذي اتفقوا عليه فيما بينهم ويصدرونه علي أنه دستور الاسلام، فمن هو خارج هذه الجماعة فليس علي الإسلام فهو من المجتمع الجاهلي، ويزيد قطب في شرح وظيفة الإسلام وعلاقته بالآخر ويجيب علي أهم سؤال: هل يتطور الإسلام ويستطيع أن يتماشي مع المجتمعات والحضارات الأخري فيقول:
“ليست وظيفة الإسلام أن يصلح مع التصورات السائدة في الأرض، ولا الأوضاع الجاهلية القائمة في كل مكان..لم تكن هذه وظيفته يوم جاء، ولن تكون هذه وظيفته اليوم ولا في المستقبل. فالجاهلية هي الجاهلية، الجاهلية هي الانحراف عن العبودية لله وحده وعن المنهج الإلهي في الحياة، واستنباط النظم والشرائع والقوانين والعادات والتقاليد والقيم والموازين من مصدر آخر غير المصدر الإلهي..الإسلام هو الإسلام، ووظيفته هي نقل الناس من الجاهلية إلى الإسلام”.
راجعوا كل التصورات التي قدمها سيد قطب وضعوها في مقارنة مع أهم مبادئ داعش وستجدون أن تنظيم داعش استمد كل التصورات تقريباً من كتاب “معالم في الطريق” وهو الكتاب الأخطر في جماعة الإخوان المسلمين والداعم الأساسي فكرياً للإرهاب ..لذلك فسيد قطب هو إمام داعش الحقيقي وسنكمل في المقال القادم جانباً آخر من تصوراته تجاه المرأة والفنون والغرب.