عرب وعالم
خادم الحرمين الشريفين: بمقدور أي مواطن مقاضاة الملك وولي العهد
أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أنه بمقدور أي مواطن في بلاده رفع قضية ضد الملك أو ولي العهد أو أي فرد من أفراد الأسرة
المالكة، وأنه يوجد في دول أخرى ملوك أو رؤساء لهم حصانة ضد الدعاوى، مشددًا على أن هناك إجماعا في البلاد على مكافحة الفساد، «وأكبر مكافح للفساد هو كتاب الله وسنة رسوله.. هي لا تقبل فسادًا على أحد ولا ترضاه على أحد».
جاء ذلك في كلمة مرتجلة ألقاها خادم الحرمين الشريفين خلال استقباله في قصر السلام، بجدة، كبار المسؤولين والمهتمين بمكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص.
وضرب خادم الحرمين الشريفين مثالاً لامتثال الجميع في بلاده، حكامًا ومحكومين، للشرع والتقاضي، موردًا عن والده المؤسس الملك عبد العزيز أنه كان بينه وبين أحد المواطنين قضية، حيث فضل المواطن الامتثال للشرع بينه وبين الملك عبد العزيز، فذهبا معًا للشيخ سعد بن عتيق، الذي كان قاضي الرياض آنذاك (في عهد الملك عبد العزيز)، فسأل القاضي الملك والمواطن عن الذي أتى بهما فقالا: «لدينا قضية»، فدعاهما للجلوس في «المجبب»، وهو مدخل البيت، وعندما انتهى من تقاضيهما دعاهما لتناول القهوة العربية في مجلسه «الديوانية»، مبينًا أن هذا المثال يؤكد تطبيق الشريعة على الجميع، وقال: «ومع هذا كله.. الملك عبد العزيز كان له الحق، ولكنه تنازل للمدعي عليه»، موضحًا: «الآن يستطيع أي مواطن في بلدنا يرفع قضية ضد الملك أو ولي العهد أو أي فرد من أفراد الأسرة».
وأكد الملك سلمان أن الدولة قامت على أسس الكتاب والسنة، وعلى العقيدة، وقال: «أكبر محارب للفساد هو تطبيق الشريعة الإسلامية». وأضاف أن دستور البلاد هو «كتاب الله وسنة رسوله وما جاء به الخلفاء الراشدون»، وقال: «الحمد لله نحن في أمن واستقرار، يأتينا الواحد من المواطنين يقول يا فلان بالاسم مثل ما قال لوالدنا وليس لقبه، ومع هذا كله جزاكم الله خيرا كرسميين وكأهالي، ونقول رحم الله من أهدى إلي عيوبي، إذا رأيتم شيئًا يضر بالمواطن أو بأفراد أو بقبيلة أو ببلدة أو بأي شيء كان، فأبوابنا مفتوحة وهواتفنا مفتوحة، وآذاننا مفتوحةٍ لكم، والله يحييكم، ومجالسنا مفتوحة لكم، والله يحييكم».
وقال الملك سلمان: «نحن في هذا البلد نشأنا من أرض هذه البلاد، وتكونت دولتنا بجهود أبنائها، وأنتم الحمد لله الآن أراكم من كل بلاد المملكة من كل مدنها متآلفين مجتمعين، جمعكم كتاب الله وسنة رسوله الذي قامت هذه الدولة عليه، وأقول لكم وأكرر في كل مكان: فخر هذه البلاد وعزها ومسؤوليتها أنها قبلة المسلمين ومهبط الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم في هذه البلاد، إذًا مسؤوليتنا يا إخوان أكبر مسؤولية في الدنيا كلها، ونرجو من الله عز وجل أن يوفقني ويوفقكم جميعًا لما فيه خير الإنسان والمسلمين، وإلى ما فيه خير شعبنا». وأضاف: «نقول الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، نحن في أمن واستقرار يسافر الإنسان هنا من أقصى البلد إلى أقصاه، من الخليج إلى البحر الأحمر، ومن أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، هو ونساؤه أو أطفاله، آمنًا دون مرافق، وهي نعمة من الله ويجب أن نحافظ عليها». وأضاف مخاطبًا الحضور: «أقول لكم وأكرر: رحم الله من أهدى إلي عيوبي، إذا رأيتم شيئًا، فيهمني حق المواطن أهم من حق نفسي».
من جانبه ألقى الدكتور خالد بن عبد المحسن المحيسن رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كلمة قال فيها: «إن هذه البلاد منذ توحيدها على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن رحمه الله، وضعت نصب أعينها التصدي للفساد، ودليل ذلك البلاغ الرسمي الصادر منه رحمه الله، الذي أعلن فيه للناس كافة (أن من كان له ظلامة على كائن من كان، موظفا أو غيره، كبيرا أو صغيرا، ثم يخفي ظلامته فإنما إثمه على نفسه، وأن من كان له شكاية، فقد وُضع على باب دار الحكومة صندوق للشكايات مفتاحه لدى جلالة الملك.. وليثق الجميع أنه لا يمكن أن يلحق المشتكي أي أذى بسبب شكايته المحقة من أي موظف كان) إلى آخر البلاغ الرسمي الذي قامت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بوضعه نبراسا تستلهم منه الدروس».
وبين المحيسن أن الهيئة تشعر بالاعتزاز لما تلقاه من رعاية ودعم من خادم الحرمين الشريفين، منوها بالموافقة الملكية على التوجهات الاستراتيجية للهيئة للفترة المقبلة، وقال: «ما تشريفكم لنا بهذا اللقاء إلا امتداد لهذا الدعم الذي تولونه لهذه الهيئة، وللجهات الرقابية بوجه عام، التي وجهتم بمراجعة أنظمتها، بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها».
كشف الدكتور خالد بن عبد المحسن المحيسن رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في السعودية لـ«الشرق الأوسط»، عن اتجاه استراتيجي جديد في أدوار الهيئة تختص بمراجعة الأنظمة المتعلقة بمكافحة الفساد والتحقق من قدرتها على الحد من حالات الفساد، ومتابعة المشاريع التنموية الكبرى ومراقبة تنفيذها بما يحقق العائد الأكبر للمواطن، إضافة للتوجه لبناء شراكات بين المجتمع والهيئة.
وأوضح المحيسن أن الملك سلمان بن عبد العزيز قريب دائما من الهيئة ويساند أعمالها وأقر أخيرا التوجهات الاستراتيجية الجديدة للهيئة التي تعكف على تنفيذها بناء على توجيهه، وأضاف أن خادم الحرمين الشريفين مهتم بقطاع الرقابة ومكافحة الفساد، وقال بأن هناك توجها لمنح الأجهزة الرقابية مزيدا من الصلاحيات لتمكينها من أداء مهامها «على النحو الذي يحد من حالات الفساد ويقضي عليه، ومن خلال تلك الصلاحيات يكون هناك قدرة على الأداء بشكل أفضل».
وأشار إلى أهمية زيادة التعاون الرقابي وبذل الجهود والتنسيق بين الجهات الرقابية في البلاد بما يحقق تفاعلها وتكاملها على الوجه المطلوب، مبينا أن التحولات الجديدة تحتاج لبعض الوقت حتى تتبلور بشكل واضح بمساندة من الملك سلمان الذي يؤكد كل يوم أنه يدعم الحق ويقوم معه وينصف الجميع، ومجهوداتنا تلقى منه الدعم والتأييد.
وذكر أن لائحة إقرار ذمة كبار مسؤولي الدولة للإفصاح عن ممتلكاتهم قبل توليهم الوظيفة قيد الدراسة، وقريبا سوف تكون الصورة واضحة بشأن من تنطبق عليه، ولا يمكن الإدلاء بمزيد من التفاصيل حتى يتم اعتماد المشروع بشكل نهائي، لكن القيادة حريصة على تحقيق مبدأ الشفافية والنزاهة على جميع المسؤولين.
حضر الاستقبال الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، والأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الحرس الوطني، والأمير الدكتور مشعل بن عبد الله بن مساعد مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأمير الدكتور عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين، والأمير فيصل بن خالد بن سلطان المستشار في الديوان الملكي، والوزراء.