مصر الكبرى

11:42 صباحًا EET

احتجاجات الإعلان الدستوري تعيد الجيش المصري إلى الواجهة

 
عادت المؤسسة العسكرية القوية في مصر في الأيام الاخيرة إلى الواجهة، التي غادرتها منذ تولي الإسلامي محمد مرسي الرئاسة كأول رئيس للجمهورية من خارج الجيش، لتكلّف بالمساعدة في حفظ الأمن والنظام، وسط انقسام سياسي عميق في البلاد قد يضطرها إلى التدخل. القاهرة – عاد الجيش المصري ليلعب دورا جديدا على الساحة السياسية المصرية في خطوة وصفها مراقبون على أنها جاءت لتؤكّد بها المؤسسة العسكرية المصرية دورها كأقوى مؤسسة في البلاد بعد أن تردّد أنها غادرت الساحة مع تخلي المجلس العسكري عن سلطة التشريع للرئيس المصري محمد مرسي. عودة الجيش المصري جاءت عن طريق إعلان المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية على صفحته الرسمية على "فيس بوك " أن وزير الدفاع المصري القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي دعا إلى لقاء "يجمع شركاء الوطن" يحضره خصوصا الرئيس محمد مرسي والتيارات السياسية المختلفة. وتأتي هذه الدعوة فيما شهدت القاهرة وعدة محافظات مصرية تظاهرات للمعارضة التي تطالب خصوصا بتأجيل الاستفتاء على مشروع الدستور وأخرى لمؤيدي الرئيس مرسي الذي أصدر قرارا بإجراء الاستفتاء في موعده السبت المقبل. وتولى الجيش المصري، الذي خرج من صفوفه كافة الرؤساء الأربعة السابقين لمحمد مرسي بين 1952 و2012، إثر الإطاحة بحسني مبارك في شباط/فبراير 2011، قيادة المرحلة الانتقالية والسلطتين التنفيذية والتشريعية من خلال مجلس عسكري قاده المشير حسين طنطاوي. وبدا وكأن المؤسسة العسكرية غادرت المسرح السياسي وخفت صوتها تماما منذ 12 آب/اغسطس الماضي مع تخلي المجلس العسكري عن سلطة التشريع للرئيس المنتخب محمد مرسي وإحالة رئيس المجلس المشير طنطاوي الى التقاعد في الشهر ذاته. وقال المحلل والباحث في مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية عمرو هاشم ربيع "بعد انتخاب مرسي "حزيران/ يونيو" سعى هذا الأخير إلى إعادة الجيش إلى دوره كجيش محترف لا يتدخل في السياسة". غير أن تكليف مرسي الجيش بالمساعدة في حفظ الآمن حتى ظهور نتائج الاستفتاء ومنح ضباطه حق توقيف المدنيين وكذلك البيان الصادر عن المؤسسة العسكرية أكدا مجددا أن الجيش لا يزال قوة لا يمكن تجاهلها في الحياة السياسية المصرية. وأكد قائد الجيش ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول عبد الفتاح السيسي أن "القوات المسلحة هي ملك للشعب وجزء من الدولة المصرية وتؤدي مهامها الوطنية بكل نزاهة وحيادية". غير أن ربيع رأى أن بيان الجيش الأخير "أظهر أنه لا يزال يملك أقداما وأصابع موجودة في العمل السياسي". وكان يشير إلى دعوة الجيش في بيان أصدره طرفا الأزمة إلى اعتماد الحوار لحلها ومحذرا من أنه "لن يسمح " بأن تدخل البلاد "نفقا مظلما نتائجه كارثية". تشهد مصر منذ أكثر من أسبوعين أزمة سياسية حادة بين أنصار مرسي الإسلاميين الساعين إلى المسارعة إلى الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أعدته لجنة تأسيسية هيمنوا عليها، وقوى المعارضة الليبرالية واليسارية الساعية إلى تأجيل استفتاء السبت لحين التوافق على مشروع الدستور. ومع تأكيد المحلل عمرو هاشم ربيع أن "العسكريين بدوا حذرين جدا" في البيان الذي وصفه بـ"المثير"، فإنه أضاف أن"السؤال الذي يبقى مطروحا هو في حالة خروج المواجهات في الشارع عن السيطرة، هل سيتدخل الجيش بأمر الرئيس أم ضد الرئيس؟" وهو سؤال ترتبط الاجابة عنه بمعرفة مدى ولاء الجيش لأول رئيس غير عسكري للجمهورية. وقال إن "البيان مثير وأنا اعتقد أنه صدر دون علم الرئيس مرسي لأنه يتضمن ضغطا مباشرا عليه" مشيرا مع ذلك إلى أنه "يصعب الجزم بذلك كما يصعب التنبؤ بدور الجيش في هذه المرحلة الذي يبقى غامضا". من جهته أشار المحلل السياسي عماد جاد إلى أن منح الجيش سلطة الضبطية العدلية هو محاولة من الرئيس لحشد الأمن والجيش "ليتعاونا في حفظ النظام" للسيطرة على الوضع الناجم عن حالة احتقان سياسي وانقسام عميق حول مشروع أول دستور بعد مبارك. وقال إن المؤسسة العسكرية "تقف اليوم في مستوى الوضع ذاته قبل سقوط حسني مبارك، أي على الحياد" غير أنه أضاف "لو حدثت أعمال عنف وسالت دماء فإن الجيش سيتدخل حتما للسيطرة على الوضع ولن يلتفت كثيرا لكون الرئيس مرسي منتخبا". وأكد أنه "إذا خرجت الأمور عن السيطرة فسيتدخل الجيش لفرض الأمن وبعد ذلك سيتولى على الأرجح إعادة بناء مرحلة انتقالية جديدة بقواعد جديدة". ولم يمر اعطاء الجيش سلطة الضبطية القضائية والحق في توقيف مدنيين دون اعتراضات من قوى المعارضة وانتقادات شديدة من منظمات حقوق الانسان. ونددت المعارضة بإصدار مرسي هذا القانون الذي يرتبط عادة بحالة الطوارئ التي شهدتها مصر لأكثر من 30 عاما في مصر في عهد مبارك. وذكرت أن حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين وكان يرأسه مرسي، كان شارك في الحملة ضد قرار الضبطية العدلية الذي أصدره المجلس العسكري والتي انتهت بإبطاله من القضاء الإداري. واعتبرت منظمة العفو الدولية أن قرار الرئيس المصري محمد مرسي بمنح ضباط القوات المسلحة وضباط الصف المشاركين في الاشراف على الاستفتاء على الدستور سلطة توقيف المدنيين حتى اعلان نتائج الاستفتاء "سابقة خطيرة " يمكن أن تؤدي إلى عودة المحاكمات العسكرية للمدنيين. وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسيبة حاج شعراوي، "أخذا بالاعتبار سجل الجيش حين كان في السلطة، بما فيه مقتل 120 متظاهرا ومحاكمة نحو 12 الف مدني امام المحاكم العسكرية بشكل غير عادل، فان الخطوة تعد سابقة خطيرة". ويقوم الجيش المصري بدور أمني واقتصادي هام في البلاد. وهو يسيطر مباشرة أو عن طريق شبكة من كبار الضباط المتقاعدين على امبراطورية اقتصادية كبيرة محاطة بكثير من التكتم تشمل الكثير من المجالات مثل المياه المعدنية ومصانع الاسمنت والعقار. ويتلقى الجيش علاوة على ذلك، مساعدة بقيمة 1,3 مليار دولار من الولايات المتحدة وهو يتزود بشكل واسع بالعتاد الأميركي. ويبلغ عدد الجيش المصري 470 ألف جندي إضافة إلى 480 ألفا من جنود الاحتياط، بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن.

التعليقات