فن

06:33 مساءً EET

اليساتحصل على أعلى نسبة مشاهدة ونقد لنشيد ” موطنى “

حصد نشيد «موطني» الذي أدته إليسا بصوتها في نسخة موسيقية جديدة، أعلى نسبة مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي. ولعلّ اختيار الفنانة اللبنانية لهذا النشيد الذي سبق وغنّاه عدد من أهل الفن قبلها، وفي الظروف غير المستقرة التي يعيشها الوطن العربي بشكل عام، شكّل مناسبة لاستقطاب اهتمام المواطن العربي وشدّه إلى جذوره من جديد. واستطاعت إليسا التي تغني للمرة الأولى نشيدا وطنيا وبالعربية الفصحى، أن تأسر قلوب اللبنانيين المقيمين وفي المهجر الذين اعتبروا أداءها في الأغنية، بمثابة صلاة تلتها بحرارة من أجل التسريع في شفاء الوطن العربي من جراحه.


وكان اللافت في أداء إليسا لهذا النشيد الذي تجاوز عمر ولادته الثمانين عاما، أسلوبها في مناجاة الوطن بإحساس عالٍ. والنشيد كتبه الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان ولحنه محمد فليفل (ملحن النشيد الوطني اللبناني) عام 1934، فتحوّل إلى النشيد الوطني الفلسطيني غير الرسمي حتى عام 1972، ومن ثم صار النشيد الوطني العراقي إثر سقوط صدام حسين.

غنّى مراد السويطي هذا النشيد على طريقته، كما أنشده أيضا كل من هاني متواسي وفايا يونان وحسين الاكرف. إلا أن النسخة المقدمة بصوت إليسا سجّلت أرقاما قياسية في الاستماع إليها، إن من خلال موقع الـ«يوتيوب» أو من خلال تطبيق «أنغامي» الإلكترونيين. هذا الأمر انعكس إيجابا على المغنيين السابقين للنشيد، بحيث راح الناس يستمعون إلى هذه النسخة أو تلك للمقارنة بينها وبين التي أدّتها إليسا. واختارت الفنانة اللبنانية المعروفة بأغانيها الرومانسية وبحصولها على أكثر من جائزة عالمية، الموسيقي اللبناني ناصر الأسعد ليدخل إلى الأغنية بعض التغييرات في توزيعها الموسيقي. فيما ترافق عرض الكليب مع صور انتقيت من واقع مرّ نعيشه وماض جميل نحنّ إليه. فجاءت المشاهد تكملة لمعاني كلمات النشيد بحيث أخذتنا في رحلة إلى ذاكرتنا القريبة البعيدة معا، التي ترتبط ارتباطا مباشرا بالزمن الجميل من ناحية، وكذلك بمأساة وظروف قاسية يعاني منها الوطن العربي حتى الآن من ناحية ثانية.

نشاهد في الشريط المصاحب للأغنية صورًا التقطت من لبنان السياحة والعمران وتفاصيل الحياة الهنيئة اليومية، مرورا بصور عن لبنان الحرب والميليشيات، لنرى بعد ذلك مصر في قلب ثورة الربيع العربي، ومن ثم كفاح الشعب الفلسطيني ومأساة الطفل العربي، وصولا إلى أعمال القتل والدمار التي تعيشها أوطان عربية أخرى حاليا كسوريا والعراق. ويختتم الكليب بصور أرادتها الفنانة بمثابة طاقة أمل يطلّ منها شباب وأطفال اليوم إلى وطن الغد، الذي ينعم بالسلام والطمأنينة. إذ ينقلنا غسان السبعلي (منفّذ الكليب) إلى بزوغ فجر جديد ترجمه بعرض صور سريعة ومتلاحقة لمدننا العربية المتلألئة بالأضواء والإنارة أحيانا، وزحمة الشوارع ورفرفة اليافطات المطالبة بوضع حد للإرهاب أحيانا أخرى.

وفي ظلّ النجاح الذي حققه النشيد بصوت إليسا، كان لا بدّ من أن ترتفع أصوات أخرى تنتقد أسلوبها في الغناء تارة، وتعتبر أنها تبنّت توزيعا موسيقيا سبق أن سمعناه في النشيد نفسه عندما غناه مراد السويطي تارة أخرى.

وبلغ الأمر ببعض الحاملين لراية الفكر القومي العربي، حد القول إن غناء هذا النشيد يتطلّب (وعكس ما قامت به إليسا) حماسا أكبر في الأداء، وصوتا ذكوريا قويا كي لا يخففّ من وقعه شعبيا.

وفي اتصال مع موزّع موسيقى الأغنية ناصر الأسعد، وصف الأصوات المناهضة للعمل بمثابة عصابات فنية معروفة لا يعلّق على كلامها، وقال: «هي أغنية وطنية في النهاية، ويمكن أن يؤديها رجل أو امرأة، كما أن إليسا استطاعت أن تأخذنا في أدائها إلى حيث لم يجرؤ الآخرون، فلامست إحساس وقلوب العالم العربي أجمع، وأعادته إلى الجذور بأسلوبها القوي واللين معا من حيث مناجاة الوطن الذي هو يمثّل لها الحبّ بكل صوره».

وعن التجديد الذي أحدثه على التوزيع الموسيقي قال: «لقد أضفت آلات مختلفة تمثّلت بأوركسترا موسيقي وعزف على الكلارينيت والكمان. فهدفنا من هذا العمل لم يكن الشهرة بل تقديم التحية إلى وطننا العربي المتألّم».

وأضاف: «لا يمكن إجراء المقارنة في أداء نشيد بين شخص وآخر، فلكل أسلوبه ولونه في أدائه، كما أنه لا يمكننا الخروج، في الوقت نفسه، عن الأطر العامة للنشيد بل يجب أن نحافظ على النموذج الأصلي، وإلا فإننا بذلك نقوم بتشويهه».

ولم ينكر ناصر الأسعد إعجاب إليسا بنسخة النشيد التي أدّاها مراد السويطي، وبأنه شخصيا حافظ على هيكليتها العامة مع إجراء بعض التغييرات على بعض التفاصيل الموسيقية، مما أضفى على النشيد خصوصية لم نرها في النسخ الأخرى المغناة.

وأعطى ناصر الأسعد مثالا على كلامه فقال: «عندما أخذنا أغنية (لولا الملامة) مثلا لم نغيّر في هيكليتها، بل في بعض النوتات الموسيقية مما صبّ في تحديثها. ولتبسيط الصورة بشكل أفضل فإننا عملنا على النشيد وكأنه قصر قديم استحدثنا ديكورات جديدة فيه فبقي على صورته دون لمس هيكليته الأساسية، فحافظنا على اللحن والكلام والجو العام للنشيد وحدّثنا التوزيع ليس أكثر».

ووصل نجاح الأغنية حد الاستفادة منها تجاريا، بحيث راحت بعض المحلات الخاصة ببيع الثياب الشبابية، تطبع كلمة «موطني» على قمصان قطنية لبيعها تلبية لرغبات زبائنها. فيما لجأ بعض أصحاب محلات الإكسسوارات والهدايا لتحويلها إلى قلادات مطلية بالذهب والفضة تحمل اسم النشيد تيمنا به.

وكانت المرة الوحدة التي خرجت فيها إليسا عن صمتها حول التعليقات والانتقادات التي طالت أغنيتها الجديدة، عندما تحدثت في برنامج «إكس فاكتور» الذي يعرض على شاشة «إم بي سي» عندما قالت: «أكيد أنا سعيدة بنجاح الأغنية، وأشكر تطبيق (أنغامي) الإلكتروني الذي قدّم لي كل الدعم، والذي حققت وإياه رقمين قياسيين، إن في أعلى نسبة استماع للأغنية في ظرف 48 ساعة، أو في احتلالها المركز الأولى في سباقات الأغاني في مختلف الدول العربية». وكان قد تردد أن إليسا بكت في أول مرة استمعت فيها إلى نشيد «موطني»، مما دفعها إلى غنائه على النحو الذي رأينا.

التعليقات