مصر الكبرى

10:00 مساءً EET

العسكري والأخوان: 54 رايح جاي

والتاريخية وطبيعة علاقتها بالنظام السياسي المصري سواء قبل ثورة 1952 أو بعدها. مما ينبأ بتكرار سيناريو عام 1954 حين قرر الرئيس عبد الناصر الزج بهم في غياهب السجون لفترات طويلة بعد محاولتهم اغتياله في حادث ميدان المنشية الشهير بالاسكندريه في أكتوبر 1954. ولكن من الملاحظ انه بالرغم من التلويح بهذا السيناريو وبالرغم من تحلي المجلس العسكري حتي هذه اللحظة بالحكمة…ورغم تلقي الجماعة  تهديدات بحل البرلمان و تحريك الطعون القضائية المقدمة فى عدد من أعضاء البرلمان والتى  تقدر بأكثر من 100 طعن ألا أن الأغلبية البرلمانية استغلت الموقف الحالي واتبعت أسلوب التهديد والوعيد بتهييج الرأي العام في حالة عدم حل الحكومة الحالية بل وزجت موْخرا باسم خيرت الشاطر كمرشح في الانتخابات الرئاسية.

واليوم لا يجب أن يغيب عنا أن استخدام الجماعة للعنف والتصفيات السياسية تجاه خصومها السياسيين يعد جزءا من التكوين الخاص بهم منذ نشأة الإخوان المسلمين في عشرينيات القرن الماضي وعلى امتداد تاريخها الطويل.  فقد حرص حسن البنا على البناء العسكري للجماعة وتشكيل فرق شبه عسكرية ، وأنشأ ما يسمي باسم الجهاز السري عام 1936 وذلك على أسس عسكرية، لتكون عبارة عن ميليشيات سرية مسلحة مهمتها أن تستولي على الحكم بتحرك انقلابي.  هذا وقد بدأ التنظيم نشاطه بعمليات استهدفت الطائفة اليهودية المصرية من محال ومصانع وأفراد تأكيدا لرؤيتهم للصراع ضد الصهيونية بصفتها دين يهودي وليس كيانا استعماريا استيطانيا، ومن ضمن هذه الأهداف تم تفجير محلات شيكوريل بشارع فؤاد ومحلات عدس وبنزايون وجاتينيو ونسف شركة الإعلانات المصرية المملوكة ليهودي ، ثم كان الانفجار الهائل بحارة اليهود الذي أودى بحياة 20 فردا وعشرات الجرحى، كما شنوا أيضا سلسلة من الهجوم على المصالح البريطانية و و دور السينما والبارات والكازينوهات وضد بعض من اعتبروهم خصوما سياسيين أو منافسين حزبيين كحركة مصر الفتاة وحزب الوفد.  كما استخدمت الجماعة منذ وقت مبكر سياسة اغتيال الخصوم والمخالفين من خارج الجماعة وداخلها يستوي في ذلك القضاة المتهمين بإصدار أحكام مشددة عليهم كما حدث مع القاضي أحمد الخازندار واغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي وأيضا سليم زكى حكمدار العاصمة واغتيال المهندس سيد فايز أحد قادة الجهاز الخاص لخلافات داخلية.
وبمراجعة تسلسل الأحداث في مارس 1954 سنجد أن الإخوان حاولوا بعد قيام الثورة واستيلاء الضباط الأحرار على السلطة في 1952 أن يهيمنوا عليها ويفرضوا عليها شروطهم من خلال إدعائهم أنهم من حمى هذه الثورة وقيامهم بحماية الخطوط الخلفية وقطع طريق السويس القاهرة لمنع تحرك الإنجليز من خط القناة للانقضاض على هذه الثورة.  وفعلا فقد مضت شهور طويلة من الغزل السياسي بين السلطة الجديدة والإخوان وسمح لهم بالاستمرار في العمل السياسي بعد حل جميع الأحزاب وتمت مفاوضات مهمة معهم للمشاركة في الحكومة، ولكن بعد تحديد ممثليهم فى الحكم رفضوا المشاركة وكان شرط المستشار حسن الهضيبي المرشد الجديد للجماعة ومكتب الإرشاد أن تعرض جميع القوانين على الإخوان لتحديد مدى تطابقها مع الشريعة الإسلامية ومن ثم التصديق عليها وهذا ما رفضه بشدة جمال عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة.هذه الأحداث تماثل تماما ما نحن بصددة اليوم… فبعد قيام ثورة 25 يناير وصعود التيار المتأسلم علي أكتاف من قاموا بها… تم التكالب علي كراسي البرلمان…وعلي وضع الدستور ورئاسة الجمهورية.. ضارب هذا التيار بعرض الحائط كعادتهم كل شيء وأي شيء ….في حين أن الأغلبية البرلمانية الحالية أغلبية موْقتة قد تتغير ما بين ليلة وضحاها….في حين أن الدستورية العليا قد طعنت في شرعية هذا المجلس أساسا…في حين ان الفقه الدستوري يتطلب توافر شروط معينة لعدّ الدستور الذي تضعه الجمعية التأسيسية…ومنها أن تكون منتخبة بواسطة الشعب و ان يكون الانتخاب ديمقراطي وحر أي أن يكون الاختيار متعدد أمام الناخبين من جميع الأحزاب السياسية الموجودة…وفي حين أن تأسيس أي حزب سياسي على أساس ديني هو مخالف للدستور الحالي. هذا ما يحدث علي ارض بلادي الأن…بلادي التي اصبحت علي مذبح تيار الأسلام السياسي والمنقسم بطبيعة الحال ما بين الأخوان وإعلانهم الوسطية السياسية وقبول الآخر بما يتنافى مع تاريخهم الإقصائي الأصيل، وجماعات سلفية عاشت لعقود داخل أدراج الأمن والجماعة الإسلامية التي خرجت من السجون لتلملم شتاتها من مختلف بقاع الأرض… هذا ما يحدث علي ارض بلادي من استغلال لطيبة وسذاجة وجهل عدد كبير من اهلها بأسم الدين. و طالما قررت مجتمعاتنا ألا تحدد لها هوية واضحة، ومشروع قومي تنبني على أساسه، ستتراجع كل الأحلام امام تلك الديكتاتوريات المقدسة التي لن ترحل بألف ثورة أو انتفاضة. واختتم بقولة تعالي " ويمكرون و  يمكر الله والله خير الماكرين".

التعليقات