مصر الكبرى

10:34 مساءً EET

ارهاب الدستور… ودستور الارهاب

تمعن الاخوان المسلمون وجماعتهم السرية التي تعمل تحت الأرض في تكدير كل لحظة ظن المصريون أنها ستجلب الفرحة الى بلادهم التي مازالت تخرج من حداد الى حداد منذ الخامس والعشرين من يناير عام 2011 وحتى اليوم وهي ترى فلذات أكبادها يستشهدون واحد تلو الآخر في ميادين مصر ومدنها المختلفة وعلى أرض سيناء الحبيبة الكليمة في مواجهات متعددة تسببت صفقات الاخوان في حدوث معظمها. راقبوا ظهور الطرف الثالث والقناصة الغامضون وتفرق دمهم بين الشرطة والشرطة العسكرية وميليشيات التكفيريين والبلطجية والنتيجة واحدة: الموت والخراب.

أبى الاخوان أن يتركوا للمصريين فرحة كتابة دستور يليق بتاريخهم وثورتهم التي وقف لها العالم احتراما. أصر الاخوان ومن والاهم من أصحاب الأجندات الأفغانية والايرانية والوهابية على السيطرة على الجمعية التاسيسة للدستور الأولى والثانية وأن يتحادثوا فيما بينهم فقط على ما يجب وما لا يجب من حقوق ومسئوليات المصريين والتي كان من المفروض أن يكون الدستور هو دليلها ومرشدها.
كتب الدستور في أجواء يغلب عليها الخوف والقلق والرغبة في الانتهاء منه فقط من اجل تحقيق الاستقرار. سرب الاعلام الاخواني واللجان الالكترونية وافواه الاسلاميين المنتشرة في كل مكان بأنه لا صلاح للأحوال الا بدستور ابو احمد وام أيمن والمجموعة اياها التي انتقوها بعناية لكتابة دستورهم المشوه. قالوا للناس بان الاقتصاد لن يقوى والمشهد السياسي لن يستقر الا بتمرير الدستور والانتهاء من تلك المعضلة التي لا تخص الا النخبة. شعر المصريون وهم غير متابعين لكثير من تفاصيل الصياغة والتناقض ان الأمر بكامله مصدرا للشقاق او الصداع فقرروا ان يغضوا أبصارهم عما يحدث في أروقة مجلس الشورى. تسرب اليهم فقط تلك المواد التي استطاع الاعلام ان يصنع منها حلقات ساخنة يستجلب بها الاعلانات ومنها مواد زواج القاصرات وتمليك اراضي المصريين للغير. ومرة اخرى أراد عموم المصريين لذلك المشهد أن ينتهي وان يعودوا لأكل العيش ظنا من الكثيرين بان الدستور ما هو الا امر نخبوي لن يمس حياتهم ولن يؤثر على لقمة عيشهم.
ارتبط الدستور في اذهان المصريين بتعديلات 2007 التي طبخت خصيصا من اجل تجهيز الوريث جمال مبارك لخلافة والده، ثم التعديلات الدستورية التي استفتوا عليها بعد أسابيع من ثورة ينايرفي غزوة الصناديق المعروفة حين قالت الصناديق نعم وأنقذت شرع الله من كيد بني علمان، ثم ألقي بنتيجة الاستفتاء باليم واستصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة اعلانا دستوريا ما انزل الله به من سلطان. يتذكر المصريون معركة الدستور أولا ام الانتخابات أولا. يتذكر المصريون الدستور بأن الشريعة أمر هام فيه وأن الاتهام بالغاء هوية مصر الاسلامية جاهز لكل من يحاول مناقشته.
كتب الارهابيون الفكريون والمسلحون بأعتى أسلحة الاتهام دستور مصر. جهزوا أسلحتهم ، اسلحة الاتهام والتكفير واوصاف العمالة والانتماء الى الفلول لكل من عاداهم وكل من خالفهم. استلهموا تجارب ايران في تحويل ثورة الشعب على حاكم ظالم الى نظام حكم فاشي ديني لا يرحم ولا يسمح للشعب حتى بهامش الحرية الذي كان متاحا لهم لحفظ ماء وجه الطاغية الذي ثاروا عليه.
كتب الارهابيون الدستور الجديد وأرهبوا به جموع الشعب وقام الرئيس المنتخب باستصدار اعلان دستوري ليرهب القضاة ويمنع قضاة المحكمة الدستورية العليا من الحكم بحل التأسيسية ومجلس الشورى البائس الذي شارك سبعة بالمائة من المصريين فقط بانتخابه. حصن الرئيس الملهم قرارته السابقة واللاحقة واستخدم الارهاب في مساومة المصريين على تمرير دستور الارهاب من اجل اسقاط الاعلان الدستوري الارهابي.
أنا لا أسرف في استخدام كلمة الارهاب أعزائي، فمعجم مختار الصحاح يعرف الارهاب بأنه: رهبه او أرهبه اي أخافه. واظن أن الاجواء التي سيطرت على كتابة الدستور بل وطرحه على الاستفتاء بعد كتابته المسلوقة في منتصف الليل ما هو الاخوف وإخافة وارهاب يهدف الى كف يد وفكر المواطنين عن كتابة او مناقشة دستور ثورتهم التي دفعوا ثمنها دما.
يا سيادة الرئيس؛ اكتب الليلة وأنت تفر من قصر الاتحادية خوفا من جموع المصريين الثائرين في كل شوارع البلاد وميادينها ليقولوا لا لاعلانك الدستوري ومشروع دستورك الاقصائي اللاتوافقي الذي أتمنى ألا يرى النور مادام على حالته الهزيلة تلك. أذكرك يا سيادة الرئيس بوقفتك الشهيرة على منصة التحرير منذ بضعة أشهر وأنت تفتح سترتك وتقول انك ممن لا يرتدون القمصان الواقية واخذت تدفع حرسك بعيدا لتنضم الى صفوف الشعب الذي عصر على نفسه فدادين الليمون لينتخبك تجنبا لانتخاب احد رموز النظام السابق. الليلة تهرب من قصرك غير قادر على فغر فاه امام جموع المصريين.
سيدي الرئيس: يظل الرجوع الى الحق فضيلة….. فارجع قبل فوات الاوان.

التعليقات