كتاب 11

01:03 مساءً EET

هدف عاصفة الحزم الأهم !

لا قيمة للتاريخ إذا لم يُقرأ جيدا وبتمعن شديد ويتم الاستفادة منه مستقبلا متى دارت الأيام وتكرر المشهد بشكل ما. كان ذلك التاريخ «البعيد» هو يوم 26 سبتمبر (أيلول) من عام 1962 عندما سمح في غفلة من الزمن بالانقلاب على الشرعية اليمنية تحت اسم الثورة وما كان سوى انقلاب دبر في خيانة ليل، وذلك لتقديرات سياسية «إقليمية» لم تكن قط بريئة ولا سليمة، وعليه لم يكن أبدا أمن ورخاء واستقرار وحرية وكرامة ورفاه اليمن وشعبه أهم أهداف هذا الحراك المريب.

واليوم حصل من الأحداث ما حصل وتطورت الأمور بشكل غير بسيط، وبسبب كل ذلك كان من المهم والمطلوب وتطلبت الحاجة إحداث فوضى جديدة هناك، ومع هذا الطرح يبدو أنه كان يوجد من توهم واستعد ليكون هو حامل راية الفوضى الخلاقة بانقلاب جديد على الشرعية في 26 مارس (آذار) 2015، ولكن «عاصفة الحزم» كانت الصدمة التي حققت الإفاقة من هذا الوهم.

هناك من توهم واعتقد أن لحظة 26 سبتمبر ممكن أن تتكرر بصورة جديدة وعصرية مع حليف جديد، وتصور «عاما» جديدا للمنطقة من الممكن أن يتم استغلاله في غفلة من الوقت وركوب الموجة العامة، ولكن حزم قيادات التحالف العربي المفاجئ هذه المرة كان الأهم والأسرع، فانطلقت «عاصفة الحزم»، محاولة إعادة خطف الشرعة مجددا.

لقد آن الأوان وحان الوقت لأن يتوقف مسلسل خطف الشرعية وأن ينتهي، وأزف الوقت لأن يكون اليمن سعيدا حقا، وهي مسألة حق مشروع للبلد ولشعبه فليس ممنوعا أن ينعم اليمن بالأمن والاستقرار. الدولة يجب أن تنتصر في اليمن. نقطة على السطر.

كانت فزاعة وآلة الرعب الموجهة للدول العربية التي تعيقها من الانتقال مما هي فيه إلى الدولة المدنية الحديثة والعصرية هما مسألتان حيويتان؛ الأولى تتمثل في ضغوطات وتهديدات جماعات الإسلام السياسي، والثانية التكتلات القبلية، ولعل ما حدث في مصر قضى على مخططات وأوهام الإسلام السياسي المربوط بأداة التهديد والترهيب وقهقر «المشروع» بشكل هائل وذلك للرفض الشعبي الذي تولد بعد التجربة، والتغيير المرتقب في اليمن بعد «عاصفة الحزم» سيحجم أسطورة التكتلات القبلية داخل إطار الدولة العصرية دون مبالغات ولا خيال ولا أوهام. وقد تكون هذه هي نقطة البداية لشرق أوسط جديد كما نريده نحن لا كما يريدونه هم أو كما يرغبون في فرضه علينا.

السعودية هي العمق الأساسي لليمن، ففيها أكبر جالية موجودة في خارج اليمن وأكبر حجم تبادل تجاري واستثمارات مشتركة هي مع السعودية، والعلاقات الهائلة والخاصة التي تشمل العمل والمصاهرة والتجارة والجيرة تجعل للسعودية مكانة ليس كمثلها مكانة بالنسبة لليمن، وبالتالي كل هذا الإرث كان لا بد أن يولد الدوافع للتحرك السعودي الاستباقي لحماية الشرعية وحماية اليمن نفسه وهذا هو هدف «عاصفة الحزم» الأول والأهم لمن لا يعلم أو يدعي أنه لا يعلم.

التعليقات