تحقيقات
للايتام حقوق شرعية
يُصادف الجمعة الأُولى من شهر إبريل ” يوم اليتيم العربي”، وهو مُناسبة ضروريّة لكي نتذكّر معاناة هذه الشريحة من الأطفال، الذين فقدوا مُعيلهم، وهم بأمسّ الحاجة إلى عطفه وحنانه ودعمه.
ونتذكر في نفس الوقت أنّ ديننا الإسلامي الحنيف أوصانا برعاية اليتيم وكفالته على مدار العام، بل وشجّع المجمتع على ذلك، ليكون المُجتمع الإسلامي والعربي مُتكافلاً ومُتعاونًا، فيكون الكافل بمثابة الأب لليتيم، ويكون الطفل – مثلكم أحبائي- أخًا له.
معنى اليتيم في اللغة العربية:
هو الانفراد. فمَن فقد أبــاه فهو يتيم، ولا يُقال لِمَن فَقد أمّه يتيم؛ بل مُنقَطِع. أمّا مَن فقد أُباه وأُمّـه معًا فهو (لطيم).
أمّا شرعًا: فهو مَن مات عنه أبوه وهو صغير قبل بلوغه سن الرُشد.
عـــدد الأيتام في الوطن العربي:
لا توجَد إحصائيّة رسميّة عن عدد الأيتام في الوطن العربي، ولكن عددهم يتجاوز عِدّة ملايين، فيكفي أنْ تعرفَ أنّ عددهم في ” مصر” وحدها يتراوح ما بين ثلاثة – خمسة ملايين طفل، سواء مَن فقدوا آباؤهم بسبب الموت الطبيعي أو بسبب الحوادث المُروريّة، أو بسبب الحروب كما هو الحال في ” فلسطين المُحتلة”.
ما واجبُنا تجاه اليتيم:
أوجب الإســلام على المُجتمع كفالة هؤلاء الأيتام، وتعني الكفالة ضم اليتيم والإنفاق عليه، والقيام بِمصالحِه وشؤونه، ورعايته تربويًّا وصحيًّا واجتماعيًّا ومعيشيًّا.
وقد شجّع رسولُنا الكريم محمد ” صلى الله عليه وسلّم” على ذلك
بقوله 🙁 أنا وكافل اليتيم في الجنّة كهاتَيْن، وأشار بالسبّابة
والوُسطى وفرّج بينَهُما).
وعـــادةً ما تتم رعاية الأطفال من خلال أهل الخير والمُحسنين والجمعيّات الخيريّة وهم في بيوتهم إلى جِوار أُمهاتهم، أو من خلال دور الإيــواء التي يُقيمون فيها ويتعلّمون من خلالها.
“والان رسالة الى المجتمع بمناسبة يوم اليتيم العالمي في الأول من ابريل “
يغفل الكثير من الناس والذين شغلتهم أموالهم وبنوهم في الوقت الذي أمر به القران الكريم بإكرامهم وتخفيف معاناتهم وتعريف الناس بمصيبتهم وبالظروف العابسة التي أحاطت بهم وأطفأت الابتسامة من على هذه الوجوه الصغيرة .
نتكلم عن اليتامى الذين فجعوا بفقد آبائهم وذاقوا ألم اليتم في ساعات مبكرة من حياتهم .
نحن في هذه الكلمة عن اليتيم لا نقصد فقط من فقد أباه ، ولا نقتصر على المعنى الشائع لدى عامة الناس وحسب ، ولكن نتعداه إلى كل لقيط وكل من فقد العلم بنسبه ، وهذا المصيبة عليه أشد، وهذا ما يؤكده العرف الاجتماعي واللغوي ويدعمه الفقه ، وذلك لأنه من باب الأولى إلحاق مجهول النسب واللقيط بلفظ اليتيم ، وذلك لأن الحرمان عندهما ظاهر لا يخفى .
وتحدث تعالى عن مجهولي النسب بقوله تعالى {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ … } الأحزاب5 ، تأكيدا لحقهم الشرعي وتذكيرا بأن الاعتناء بهم هو من صميم الدين ، وليس فقط واجبا اجتماعيا أو التزاما مجردا .
وقوله تعالى {فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ … } الأحزاب5 . وقد فسر الالوسي رحمه الله هذه الآية بقوله إن للدين نوعا من الأبوة ، فقد أبدل القران الكريم مجهولي النسب عوضا عن هذا الحرمان – نسبا عقيديا جديدا ورحمة دينية هي وحدها القادرة على الكسر المضاعف في نفوسهم ، و لهذا اعتبر مكذبا بالدين من يدُع اليتيم .
أما عدم العلم بالشيء فلا ينفي وجوده ، فالأب قد يكون موجودا ولكنه غير معروف ولهذا قال تعالى { فان لم تعلموا } ، وهذا الم في النفس لدى مجهول الأبوين الذي لا يعلم عنهما شيئا ، مما يحتاج معه إلى المزيد من العناية والاهتمام ، وفي السياق تأتي ” ان” الشرطية التي تفيد احتمال الوقوع ، لتفتح الباب واسعا أمام الاحتمالات الواردة التي قد تقف وراء عدم العلم بهؤلاء الآباء .
لقد قدم الإسلام الأيتام للمجتمع في أفضل صورة إنسانية شهدتها المجتمعات الحضارية ، فهو لم يقدمهم على أنهم ضحايا القدر أو بقايا المجتمع ، كما هو شائع في مجتمعات أخرى ، بل كانوا موضوعا لآية قرآنية كريمة رسمت عنهم صورة إيمانية تسمو على كل الارتباطات المادية و الدنيوية ، يقول تعالى {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ … } البقرة220 . وهذه الآية تخص اليتامى ،أخوة دينية ، من منا يقول لليتيم أخي ؟ ويقول لليتيمة أختي ؟ ولئن كانت هذه التسمية هي الحقيقة ، إلا أن فيها كذلك أدبا قرآنيا جما في الخطاب وتطبيبا لقلوب هؤلاء المخاطبين المنكسرة ، فإنهم إخواننا في الدين .