مصر الكبرى

10:13 مساءً EET

عبدالله رسلان يكتب : حسان يدعي النبوة !

في مليونية ما سمي (بدعم الشرعية والشريعة) التي أخذت من الشوارع المؤدية والمحيطة بجامعة القاهرة مكانا لتجمعها وجاءت الحافلات من أنحاء مختلفة في مصر من الدلتا والصعيد وشرق القاهرة بأرقام مذهلة لحشد أكبر عدد ممكن لدعم مرسي ثم عاد أغلبهم إلى محافظاتهم واتجه الباقي لمحاصرة المحكمة الدستورية العليا في المعادي لإرهاب المحكمة والقضاة ومنعهم من نظر القضايا المعلومة للجميع ، ولم تستوقفني معظم هذه التفاصيل إذ لا تبدو مفاجئة في حدوثها بقدر ما تبدو توقيتاتها محسوبة بدقة لإعطاء زخم غوغائي لخطاب مرسي ودعوته ما يسميه الشعب للاستفتاء على ما يسميه دستورا (لاحظ أن مرسي أعلن الاستفتاء حال تسلمه المسودة بما يوحي بعلمه بكل ما في الدستور مسبقا)، بينما ما استوقفني وأثار ذهولي وغضبي الشديد حقا هو ما قاله محمد حسان على المنصة المنصوبة تلك الليلة بين كلام كثير (لقد بزغ فجر الإسلام) ، وهذه لم تكن الوحيدة إذ بالغ العديد ممن يسمون شيوخا في مديح مرسي وتأليهه وربط كل كبيرة وصغيرة بالشريعة ونصرتها ، ولكن ما قاله حسان يعد سابقة في غاية الخطورة لعدة أسباب :
أولا: كيف لحسان أن يعلم مثل هذا الأمر بينما الواقع المعلوم للجميع والذي وقر في قلوب ووجدان ملايين المسلمين أن الإسلام نزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا ؟ وهل في هذا جدال؟!
ثانيا: كيف يدعي حسان مثل هذا الأمر بينما قال الله تعالى في كتابه العزيز : "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" ، ولأننا نعلم الفارق بين الأنبياء والرسل وعامة الناس بأنهم يوحى إليهم ، فإما أن حسان يدعي النبوة والوحي من السماء وفي هذه الحالة تجب محاكمته بتهمة ازدراء الأديان وادعاء النبوة والكذب والإساءة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، وإما أنه يطلق كلاما فارغا لا معنى له لإرضاء الحشود وهذه أيضا تستوجب محاكمته. وكما قلت ليس حسان وحده في هذا فكل من تحدث عن مرسي وقراراته بدا وكأنه يتحدث عن دين جديد وعالم آخر لا علاقة له بقيم الإسلام وتعاليمه.
ما هذه اللغة الغريبة التي يتحدثون بها؟ ولست أعني هنا العربية الفصحى (التي يظنون أنهم يتحدثونها) ، بل أقصد المصطلحات والصياغة التي تحتقر الآخر وتكفره وتعتبره عبداَ لا قيمة له ، ولماذا الحديث عن الإسلام بهذه الهمجية والعدوانية ؟
في أثناء الأحداث التي نتجت عن الفيلم المسيء للرسول عليه الصلاة والسلام ، نشر مقال في جريدتي الشرق الأوسط ومصر11 بعنوان (عقدة الإسلام) للكاتب المعروف الدكتور مأمون فندي والذي تناول فيه عقدة الإسلام في الغرب واستباحتهم لحرمات ومقدسات عند المسلمين، واليوم أقول هنا أنه لا يقل أهمية عن هذا الأمر عقدة الإسلام عند الحركات الإسلامية المتشددة التي ترى في الدين مبررا لكل طغيان وفجور.
ليعلم حسان وأمثاله أنهم لا يحتكرون الإسلام ليحدثونا بهذه الطريقة الحقيرة ، وليس من حقهم بأي حال التحدث عن الدين الإسلامي الحنيف كأنه نزل على محمد مرسي منذ أيام أو على حسان نفسه ، وليتوقفوا عن استخدام الدين كوسيلة لكل غاية غالبا ما تكون دنيئة وحقيرة أيضا ولم تكن يوما من الأساس سوى دعما لديكتاتورية مبارك ثم مرسي أو لتحقيق مآرب سياسية .
وعلى المصريين جميعا بكل طوائفهم دون تمميز أن يقفوا ضد هذا الطغيان الفاجر على الدين الإسلامي الحنيف ، وأن لا يسمحوا لثلة من مرتادي الفضائيات أن ينالوا من الإسلام والمسلمين بهذه الطريقة.
إن ما نراه اليوم هو أشبه بادعاء مسيلمة الكذاب النبوة، كان البعض من أهله وعشيرته في نجد يصدقونها ولكنها كانت نبوة كاذبة وتغير الزمن وذهب مسيلمة الكذاب بعاره وفجوره ، نبوة حسان لا تختلف عن مسيلمة هي صيحة في نجد ظهرت للحظة واختفت إلى الأبد وأصبحت جزءا من تاريخ عار نجد إلى الأبد.

التعليقات