أفضل المقالات في الصحف العربية

11:48 مساءً EET

عيون وآذان (المرأة: إنجاز هائل واضطهاد مستمر)

 المرأة العربية في الدول القادرة تقدمت سنوات ضوئية في جيل أو جيلين، وعادت بأعلى الشهادات الجامعية من أهم الجامعات، واحتلت مناصب عليا في بلادها. ومَثلي المفضل هو «اللبنيان» الأخت لبنى خالد القاسمي، وزيرة التنمية والتعاون الدولي في الإمارات، والأخت لبنى سليمان العليان، رئيسة إحدى أكبر الشركات العربية وأنجحها. هما نجحتا في السياسة و «البزنس».

المرأة العربية لم تصل بعد إلى درجة المساواة مع الرجل، إلا أنها على الطريق، وقد اخترت أن أبدأ بها وبما أنجزت، وأنا أقرأ عن مصائب المرأة في بلدان أخرى.

الطالبة الأفغانية فرخندة ماتت بعد ساعتين من عذاب فظيع لا يمكن وصفه، فغوغاء من حوالى 500 رجل في كابول صدقت أنها أحرقت صفحات من القرآن الكريم بعد خلافها مع بائع، والرجال داسوها بالأقدام، وضربوها بالعصي، ورموها بالحجارة، وسيارة مرَّت على جسدها ثم أحرِقت… كل هذا ورجال شرطة مسلحون يراقبون الجريمة من دون أن يتدخلوا.

الشرطة نفسها والمحققون والحكومة أعلنوا أن فرخندة لم تحرق صفحات من القرآن، أو أي شيء آخر، وهي قتِلت بأبشع طريقة بعد خلاف بسيط مع بائع انتقم منها بتوجيه تهمة كاذبة إليها، ولم يشفع لها أنها محجبة ككل بنت أفغانية محافظة، أو أنها تحفظ القرآن الكريم كما قال أهلها المفجوعون وصديقاتها.

كان رئيس أفغانستان أشرف غني في طريقه إلى الولايات المتحدة عندما ارتكبت جريمة وصفها هو عشية السفر بأنها فظيعة، ووعد بمعاقبة الفعَلة. إلا أن ردود الفعل المحلية على الجريمة طغت على الزيارة كلها، واجتاحت تظاهرات البلاد، وهتف ألوف من الرجال والنساء أمام المحكمة العليا مطالبين بمعاقبة القتلة وأيضاً طرد مدير الشرطة التي لم تحاول إنقاذ الضحية.

إذا أسفر موت هذه الشابة البريئة عن تحسين وضع المرأة في أفغانستان، تكون قد أدَّت لبنات بلدها خدمة كبيرة لم تستطع إنجازها وهي حيّة. ولكن هل كان من الضروري أن تموت شابة بريئة لتتحرك الحكومة ويثور المواطنون طلباً لحماية المرأة في أفغانستان؟

المرأة مضطهدة في المناطق التي نكبت بالإرهاب في بلدان عدة، ويكفي ما حلَّ بالنساء في مناطق الإرهابيين من «داعش» في شمال العراق وسورية. كل قارئ يعرف كيف أخِذت بنات صغيرات سبايا، وقتِل المسلمون مع غير المسلمين في إرهاب فالتٍ من كل عقال.

كان الإرهابيون من «بوكو حرام» ارتكبوا جرائم مماثلة في شرق أفريقيا، وعلى رغم جهود دول المنطقة لا تزال مئات البنات أسيرات عندهم، وأقرأ عما يتعرضن له فأفضّل عدم نشر التفاصيل. كل يوم قصص عن زواج بالإكراه أو موت في معسكرات اعتقال محاطة بأسلاك شائكة، بعد خطف حوالى 500 بنت من مدرسة صغيرة في بلدة شيبوك السنة الماضية، وخطف عدد مماثل من بلدة داماسك قبل أيام.

الأمم المتحدة، لا أنا أو القارئ، أصدرت قراراً عبر لجنة أوضاع المرأة تدين إسرائيل لاستمرار الاحتلال غير الشرعي و «الوضع المتردي للمرأة الفلسطينية». اللجنة تضم 45 عضواً، وقد أيَّد 27 عضواً القرار، وامتنعت 13 دولة عن التصويت، أكثرها أوروبي، وعارضته دولتان. مَنْ هما؟ هل أحتاج أن أقول لقارئ هذه السطور إنهما كانتا إسرائيل والولايات المتحدة؟ القرار يستحق الترجمة والنشر كاملاً، وهو يدين بلداناً مثل إيران والسودان لانتهاك حقوق المرأة فيهما. أنا أدين انتهاك هذه الحقوق في غالبية بلاد العرب والمسلمين. اللجنة حددت 2030 موعداً أخيراً لإنهاء عدم المساواة بين الجنسين. أرى الأمل يتقدم الواقع في هذا الكلام.

التعليقات