تحقيقات

07:57 مساءً EET

ذكرى ميلاد عبقرى الموسيقى فنان الشعب “.سيد درويش” ….

 
 
فنان مصري، اسمه بالكامل “السيد درويش البحر”، ولد يوم 24 مارس عام 1892م في حي كوم الدكه بالإسكندرية، التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية عام 1905م.

تزوج “سيد درويش” وهو في السادسة عشرة من عمره وصار مسئولاً عن عائلة، فاشتغل مع الفرق الموسيقية ولكنه لم يوفق فاضطر أن يعمل كعامل بناء، وكان خلال العمل يرفع صوته بالغناء مثيراً إعجاب العمال وأصحاب العمل.

تصادف وجود الأخوين “أمين وسليم عطا الله” أحد أشهر المشتغلين بالفن، في مقهى قريب من الموقع الذي كان يعمل به الشيخ “سيد درويش”، واسترعى انتباههما ما في صوت هذا العامل من قدرة وجمال مما أدي إلي الاتفاق معه على أن يرافقهما في رحلة فنية إلى الشام عام 1908م.

خلال الفترة (1912 – 1914) أتقن “درويش” أصول العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية في الشام، ثم لحن أول أدواره “يا فؤادي ليه بتعشق”، وفي عام 1917م عاد إلى مصر حيث سطع نجمه وقام بالتلحين لكافة الفرق المسرحية أمثال فرقة نجيب الريحاني وجورج أبيض وعلي الكسار.

اشتهر اسم “سيد درويش” وذاعت أغانيه حتى وصل إلى سمع الفنان “سلامة حجازي” الذي حرص عام 1914م على الاستماع إليه وأبدى إعجابه بأسلوبه في التلحين، كما عرض عليه تلحين رواية كاملة لفرقة “جورج أبيض” بعنوان “فيــروز شاه” ليصبح خلال سنوات معدودة الملحن الأول في مصر متفوقاً على الملحنين المخضرمين أمثال “كامل الخلعى” و”داود حسنى”.

يُعد “سيد درويش” مجدد الموسيقى وباعث النهضة الموسيقية في مصر والوطن العربي، هو أول من أدخل “الغناء البوليفوني” في الموسيقى للمرة الأولى في مصر من خلال أوبريت “العشرة الطيبة” و”شهرزاد” و”البروكة”.

 

وكان لافتا أن يحدث درويش كل هذا التطور في عالم الأغنية والموسيقى واللحن في ظروف تعتبر محدودة الإمكانيات العلمية، فلم تكن وقتذاك معاهد فنية وموسيقية، ثم إن هذا الفنان البسيط لم يستكمل دراسته الموسيقية في أوروبا مثلاً، بل كان فنانا عصاميا نبت في بيئة شعبية، والتصق بها، وعاش في عمقها على المستوى الوطني، لدرجة أنه قبس بضع عبارات من خطب الزعيم مصطفى كامل وصنع منها مطلعاً للنشيد الوطني “بلادي بلادي/ لك حبي وفؤادي”، كما نظم نشيداً وطنياً من كلمات مصطفى صادق الرافعي ومطلعه: “بني مصر مكانكم تهيأ فيا/ مهدوا للملك هيا/ خذوا شمس النهار حليا”. كما اعتاد تقديم ألحان وطنية متدفقة في المناسبات الوطنية، مثل ذلك النشيد العظيم الذي قال فيه: “أنا المصري كريم العنصرين/ بنيت المجد بين الأهرامين/ جدودي أنشأوا العلم العجيب/ ومجرى النيل في الوادي الخصيب/ لهم الدنيا آلاف السنين، ويفنى الكون وهم موجودين”.

 

 

 

في ذكرى ميلاد  سيد درويش اعتادت الأوساط الثقافية والفنية العربية وبخاصة في مصر والمغرب العربي الاحتفاء بذكراه والإشادة بعبقريته ودوره في تغيير نمط وقالب الأغنية العربية، في إطار أصول الموسيقى العربية. لكن في تقديري أن الأهم من هذا كلّه، هو أن نحتفي بهذا الفنان الكبير “موضوعيا”، بأن ندرس إنتاجه الفني لنرى بالمقاييس العلمية كيف أمكن له أن يطوّر موسيقانا من مرحلة بسيطة تقليدية إلى مرحلة متقدمة جداً، وأن يدرك بموهبته وخياله وذكائه ووطنيته الصافية الطريق الحقيقي لهذا التطور وسبل إدخال الشعب في ثقافته وفنّياته، فيربط الموسيقى بالمسرح وبالناس وبالحياة الاجتماعية وبالموضوعات الفنية، ويضعها في وظيفتها في خدمة الوطن بالأسلوب الموسيقي بما حقق بجدارة ثقافة موسيقية جماهيرية لا نجد لها مثيلا حتى اليوم. 

اشتهرت موشحات وأدوار الملحن “سيد درويش” في سائر البلاد العربية وأصبحت المادة الثقافية الفنية لكل فنان، حيث بلغ إنتاجه الفني من القوالب المختلفة العشرات من الأدوار وأربعين موشحاً ومائة طقطوقة، بالإضافة إلي 30 رواية مسرحية وأوبريت، كما كان من أشد المتأثرين بثورة 1919 المصرية وقدم عدد من الأناشيد الوطنية منها “قوم يا مصري مصر دايماً بتناديك” و” بلادي بلادي”.

من أبرز أدواره: “يا فؤادي ليه بتعشق” و”يللي قوامك يعجبني” و”في شرع مين” و”الحبيب للهجر مايل” و”عشقت حسنك” و”يوم تركت الحب” و”عواطفك”، بينما من أشهر الموشحات “يا ترى بعد البعاد” و”يا صاحب السحر الحلال” و”يا شادي الألحان” و”حبي دعاني للوصال” و”طف يا دري”.

في 10 سبتمبر 1923م توفي “سيد درويش” في مسقط رأسه بالإسكندرية عن عمر يناهز 31 عاماً، إلا أنه اختلفت الأقاويل حول سبب وفاته في هذا السن المبكر.

التعليقات