كتاب 11
مصر بعد المؤتمر الاقتصادي
انتهت منذ أيام قليلة أعمال وفعاليات المؤتمر الاقتصادي المصري الكبير الذي انعقد في مدينة شرم الشيخ على البحر الأحمر من أجل دعم الاستثمار في جمهورية مصر العربية والذي دعت إليه بقوة حكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
لقد كان المؤتمر ناجحا في تفاصيل الإعداد والتحضير وأوراق العمل والجلسات والضيوف والمتحدثين ونوعية الحضور وما تم التطرق إليه من أفكار ومواضيع، بالإضافة إلى «الإعلان» المميز عن مجموعة مهمة من المشاريع والاستثمارات التي كان لها الأثر المهم سواء على الصعيد النوعي أو المادي. واعتبر المراقبون أن المؤتمر واجهة عرض أو تحديدا فترينة وواجهة لمستقبل الاقتصاد المصري ووعود الحكومة عن تذليل العقبات وإزالة القيود البيروقراطية ومكافحة الفساد واستحداث حزمة مهمة من التشريعات والنظم والقوانين التي من شأنها تيسير الصعاب وتذليلها أمام المستثمر العربي والدولي.. كل ذلك كان من العلامات المهمة التي جاء بها المؤتمر، بالإضافة للمفاجأة المتمثلة في استحداث عاصمة إدارية جديدة للبلاد وما يصاحب ذلك من مشاريع عملاقة في البنية المكملة لها، ولكن «الفترينة» شيء والبضاعة شيء آخر تماما.
المعنى هنا أن الحكومة المصرية «الجديدة» شكلا وروحا عليها العمل بصورة استثنائية لحل كافة المشاكل المعلقة لكافة رجال الأعمال سواء أكانوا مصريين أم عربا أم عالميين الذين لديهم قصص ومشاكل منذ زمن ليس بالقليل، بل إن البعض منهم كما يتردد لديه أحكام لا يستطيع الانتهاء من تنفيذها نتاج تعقيدات غير مفهومة لديه.
الذين جاءوا إلى شرم الشيخ وشاركوا في هذه المناسبة المهمة إنما فعلوا ذلك لسببين لا ثالث لهما؛ الأول محبتهم لمصر وتقديرا لمكانتها وحجم سوقها وثقلها وأهميتها، وثانيا ثقة في العهد الجديد وقيادة عبد الفتاح السيسي للبلاد والوعود التي أطلقها. ولكن وكما هو معروف رأس المال جبان وفي الحالة العربية رأس المال جبان وأصابته العقدة الأزلية من التوقعات التي خابت وحسن الظن الذي جاء بالخيبة الثقيلة، وعليه فمن الضروري جدا العمل الجاد والدؤوب على إزالة كافة أسباب القلق والخوف والشك والحيرة بعلاج كافة المواضيع القديمة والمعلقة التي لم تحسم بشكل كامل ونهائي وبقيت بلا ختام.
مجتمع الأعمال الآن ينتظر حراكا من الدولة في مصر لفتح صفحة جديدة بالكامل لأن الثقة موجودة كما اتضح مع الدولة ومع رأس الهرم فيها. ولكن هناك صفحات من الماضي بحاجة لأن يتم الحسم والبت فيها بشكل قاطع وجذري حتى تبنى الثقة بشكل كامل وعقلاني وعاطفي وبناء على معطيات حقيقية ومادية وليس بناء على أحاسيس ومشاعر آنية وليدة اللحظة.
نجاح مصر اقتصاديا يهم الكل في المنطقة والعالم بلا جدال والكل مطالب بالمشاركة في تحقيق ذلك، ويبقى الدور الأهم على الحكومة المصرية لحسم الملفات القديمة المعلقة فهي بين أيديها ولكنها سترسل رسالة مدوية وإيجابية للعالم بحلها.