مصر الكبرى

09:30 صباحًا EET

ما هي دلالات صعود مرسي وشفيق

 
على عكس ما تنبأت به استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات, أظهرت نتلئج فرز الأصوات حتى الآن تراجع شعبية عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح, وتصاعد حظوظ محمد مرسي وأحمد شفيق للتنافس على الرئاسة في المرحلة النهائية. ورغم حصول حمدين صباحي على تأييد كبير بين صفوف المثقفين وشباب الثورة, فمن المرجح خروجه هو وعمرو موسى وأبو الفتح – الذين تقاربت نتائجهم -  من التصفية النهائية التي ستجري في الشهر القادم.

   لا يستطيع أحد التشكيك في نتائج الانتخابات التي جرت, حيث أنها تمت في ظل رقابة عدة جهات محلية وأجنبية وأما كاميرات الصحافة, ولم يلاحظ أي منها حدوث تدخل من السلطة لتزوير النتائج. وبخلاف بعض الخروقات التي جاءت معظمها من جانب جماعة الإخوان والمنقبات, سارت عملية التصويت في هدوء وانتظام رغم شدة الحرارة وطول الطوابير.
   وليس في إمكاننا رفض نتيجة الانتخابات لأنها جاءت عكس ما نتمناه, ولا التهديد بالنزول إلى ميدان التحرير في ثورة ثانية. علينا أن نفكر في هدوء ماذا حدث في بلادنا منذ 25 يناير 2011, ولماذا تأتي نتائج الانتخابات بعكس ما أراده شباب الثورة. فمن الواضح أن حوالي 25 مليون من المواطنين المصريين قد انقسموا بين التيار الإسلامي الذي يعد بإلغاء الدولة المدنية وإقامة دولة دينية تحكم بالشريعة, وبين أنصار النظام السابق الذي – رغم فساده وشموليته – قد وفر الأمن والاستقرار في البلاد.
    ذلك أن الثورة التي قامت في العام الماضي – وإن أسقطت نظام مبارك – فهي لم تستطع إقامة نظام بديل ولا الدعوة إلى فكر جديد يعبر عنها, فهي ثورة بلا قيادة وبلا برنامج. وبينما أفرزت انتخابات أول برلمان بعد الثورة برلمانا يعادي الحرية والديموقراطية, ويعمل على إسقاط الدولة المدنية التي أقامها محمد علي باشا, فمن المرجح الآن أن يأتي رئيسا للجمهورية يكمل مسيرة البرلمان ويدخل بلادنا في متاهة تشبه ما حدث في دولة طالبان بأفغانستان والجمهورية الإسلامية في إيران.
   وإذا نظرنا إلى دعوة شباب الثورة التي وجهوها إلى الناخبين, نجد أنهم يطالبون الناس إما بإعادة نظام جمال عبد الناصر وإنقلاب يوليو من جديد عن طريق انتخاب حمدين صباحي, وإما لإختيار عبد المعم أبو الفتوح الإسلامي المتطرف الذي أنشأ الجماعة الإسلامية التي أفرزت أيمن الظواهري رفيق أسامة بن لادن في الإرهاب. فهل هذا هو ما قامت ثورة 25 يناير من أجله؟  
   رغم أن الفرصة باتت ضيقة جدا والعد التنازلي صار يعلن عن قرب قيام دولة جديدة أكثر شمولية من نظام مبارك, فقد يكون من الممكن حماية الثورة وحماية شعب مصر لو أعاد المثقفون وشباب الثورة التفكير, ووضعوا خطة جديدة وأهدافا يمكن الوصول إليها وإقناع الجماهير بها, بعيدا عن الأحلام الرومانتيكية التي يعيشون فيها. فنحن في حاجة إلى فرصة من الزمن تعطينا الوقت الكافي, الذي يسمح بنمو فكر جديد وظهور قيادة للثورة تضع برناجا لها, وتبلور أهدافها في بناء مجتمع الديموقراطية والرخاء.
   الآن لم يعد أمامنا سوى ثلاث خيارات لا رابع لها: إقامة نظام ديني يحكم بالشريعة, استمرار النظام السابق من غير مبارك والهانم لفترة أخرى, أو إنقلاب عسكري سيتم حتما لو حاول الإخوان حل الجيش وإقامة الحرس الثوري الإسلامي.   
أحمد عثمان

التعليقات