تحقيقات
هل يتحدى المؤتمر الاقتصادى البيروقراطيه ؟
تضع المشاركة القوية من كافة دول العالم في المؤتمر الاقتصادي – مصر المستقبل المنعقد في مدينة شرم الشيخ الحكومة المصرية امام تحد حقيقي الا هو القضاء على البيروقراطية والفساد داخل الجهاز الاداري للدولة وتيسير عمل المستثمرين خلال المستقبل القريب.
وتقول بسنت فهمي الخبيرة المصرية ان “المؤتمر يسير بشكل اكثر من ممتاز .. نرى الكرة الارضية قاطبة مهتمة بالاستثمار في مصر بينما تنكمش اقتصادات دول كبرى .. يعود ذلك الى اننا نملك ثروات وطاقات غير مستغلة”.
“ولكن هذه التدفقات الضخمة تعكس تطلعات كبيرة للمستثمرين اهمها القضاء على البيروقراطية في الجهاز الاداري للدولة.. وهي الافة التي تهيئ مناخ ملائم للفساد”، وفقا لفهمي.
وتجاوزت حصيلة الاستثمارات التي تم الإعلان عنها في مؤتمر شرم الشيخ السبت 112.2 مليار دولار، بجانب استثمارات ودعم خليجي بحوالي 12.5 مليار دولار الجمعة، ليبلغ إجمالي اليومين حوالي 124.7 مليار دولار.
واشارت فهمي الى ان مصر لديها مشكلات على عدة اصعدة لابد من التعامل معها لتوفير بيئة خصبة للاستثمار منها تعديل التشريعات وهو ما تعكف الحكومة عليه حاليا وكذلك ضبط السياسات المالية والنقدية وتأهيل القوى العاملة وتوفير الامن والاستقرار الاجتماعي وتوفير موارد للطاقة.
وقال رجل الاعمال نجيب ساويرس خلال احدى جلسات المؤتمر إن مصر بحاجة إلى تسريح الموظفين العمومين غير الأكفاء لجذب الاستثمار وتعزيز الاقتصاد. ووافقته الراي سيدة الأعمال السعودية لبنى العليان قائلة ان التحدي في مصر يكمن في تغيير العقلية البيروقراطية بالكامل.
ودعا البنك الدولي مصر الى محاربة الفساد وتنفيذ اصلاحات جريئة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بالتزامن مع المؤتمر ونشرت صفحة البنك على لسان مديرته المنتدبة وكبيرة مسؤولي العمليات سري مولياني إندراواتي “يجب ان تركز مصر على التصدي للفساد والاصلاحات الجرئية وخلق بيئة استثمار تنافسية”.
الحكومة تحاصر الفساد
من جهته، قال الدكتور هشام ابراهيم استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان الحكومة اتخذت اجراءات لمواجهة التعقيدات الادارية واصلاح الجهاز الاداري للدولة وبالتالي محاصرة الفساد.
واوضح ان حصار الفساد بدأ بالتعديلات التشريعية وفي مقدمتها فكرة الشباك الواحد التي اعفت المستثمر من التعامل مع 78 جهة لاصدار تراخيص تأسيس مشروع منها المحليات والمحافظات والجهات الامنية وغيرها مقابل التعامل مع جهة واحدة فقط.
وقال الاقتصادي علاء رزق ان قانون الاستثمار الجديد اختزل متوسط الفترة اللازمة لعمل المشروع من 78 يوما منذ بدء الاجراءات الى نحو اسبوع مما يعد خطوة مهمة على طريق محاربة البيروقراطية.
وكان وزير الاستثمار أشرف سالمان قال خلال المؤتمر الاقتصادي ان القضاء على البيروقراطية في الجهاز الاداري للدولة ضرورة لجذب الاستثمار.
واشار في مقابلة مع موقع اخبار مصر في نوفمبر الماضي الى ان الحكومة اعدت قانون الاستثمار الجديد المستند على الية الشباك الواحد.
ويستند التعديل التشريعي الى ان هناك 3 مستويات تصدر تراخيص وموافقات واجراءات تنفيذية للمستثمر ايا كان نوعه سواء كان زراعي او صناعي او خدمي او عقاري وغيره وهي الوزارات والمحافظات والمحليات وتقوم فكرة الشباك الواحد على ربط تلك الجهات بالهيئة العامة للاستثمار وعندما يتوجه المستثمر الى الهيئة تقوم بمخاطبة جهات اصدار التراخيص والموافقات وكل الامور التنفيذية وتسلم التصاريح للمستثمر ليبدأ عمله سريعا، وفقا للوزير.
وبجانب ذلك – يستكمل الوزير – اعدت الحكومة تشريعا يعطي افضلية للمنتج المصري في التعاقدات الحكومية وتم اصداره لدعم المنتج المحلي وتعكف الحكومة على تعديل قوانين اخرى منها قانون العمل لايجاد علاقة عادلة بين الموظف وصاحب العمل لخدمة مناخ الاستثمار.
رفع كفاءة الموظف
وقال علاء رزق المحلل الاقتصادي “رفع كفاءة الموظف العام من اهم سبل التصدي للتعقيدات الادارية وتيسير التعامل مع الجهات الحكومية.. وتم اصدار قانون جديد للخدمة المدنية للقيام بهذا الدور”.
“التعامل مع الجهات الحكومية يمثل عبئا على الموطن عامة والمستثمر بشكل خاص نظرا لان كل تاخر في بدء نشاطه يمثل خسارة .. وتقدم دول اخرى تسهيلات في الحصول على التراخيص لبدء نشاط اقتصادي.. ففي دولة مثل نيوزيلاندا يحتاج المستثمر الى يوم واحد للحصول على كافة التراخيص”، بحسب رزق.
واوضح ان قانون الخدمة المدنية الجديد الذي تم اصداره قبل مؤتمر شرم الشيخ بساعات يستند الى معاير الكفاءة في الترقيات بدلا من الاقدمية.
وذكر ان الترقي وفقا للاقدمية خلف ارثا ثقيلا على عاتق الجهاز الاداري للدولة وحد من حوافز الاجتهاد في العمل.
واشار الى قانون الوظيفة العامة القديم الذي صدر عام 1978 واعطى امانا وظيفيا مطلقا للموظف العام جعل البيروقراطية جزءا من ثقاقة المصريين ودعا الاعلام الى التوعية بضرورة التخلي عن تلك الثقافة وترسيخ اخرى تولي اهتماما بالانجاز والاجتهاد في العمل.
واعتبر علاء رزق ان قرار خفض الضريبة على الدخل الذي صدر ايضا قبيل المؤتمر معولا لمواجهة الفساد.
وفسر رؤيته قائلا “كلما زادت الضريبة زادت احتمالات دفع الرشاوى لتقليصها وبالتالي فان خفض الضريبة يشجع المستثمر من جهة وتقلل حاجته الى التهرب منها”.
ودعا الى انشاء جهاز مستقل لمكافحة الفساد يراقب اجهزة الدولة بشكل صارم للقضاء على ظاهرة الادراج المفتوحة.