مصر الكبرى

02:09 صباحًا EET

ثورة من جديد… مع الفلول وأبناء مبارك

 
 
 
اليوم خرج الشعب المصري بأطيافة المختلفة والمتنوعة معلناً بصورة لا تقبل الشك بداية الموجة الثالثة للثورة. فبعد خلع فرعون ثم القضاء على التسلط العسكري، حان وقت التخلص من التسلط الديني الساعي ومنذ اندلاع ثورة يناير إلى انتهاز الفرصة لبناء ديكاتوريته على أشلاء ديكتاتورية العسكر.
غير أن اليوم دشن الشعب المصري موجة أخرى من النضال الثوري، قد تكون الأصعب والأدق والأكثر خطراً على سلامة ووحدة الدولة ولكني على يقين أن مصر ستخرج منتصرة ومتحدة طالما أننا نضع دائماً نصب أعيننا أننا نمر بصراع داخليجميع أطرافه مصريون. والتاريخ الإنساني يزخر بحكايات دول مرت بانقسامات وصراعات داخلية واستطاعت أن تخرج منها منتصرة متحدة، وهذا ما سننجح فيه بمشيئة الله.

الحديث عن الفلول الآن لم يعد له معنى،والاستمرار في تذكر المواقف المخزية للبعض أثناء الموجة الأولى للثورة لن يفيد. الثورة نجحت في خلع فرعون رغم أنف الفلول (اللي هم مصريين زينا) ونجحت في القضاء على التسلط العسكري رغم أنف حزب الكنبة (اللي كان بيقول هم إيه اللي وداهم هناك)، وهاهم، الفلول وحزب الكنبة، ينضمون للموجة الثالثة للثورة ليمنعوا قيام ديكتاتورية جديدة ستكون أكثر خراباً على الوطن وعلينا (ده اللي بيقوله التاريخ)، فمرحباً بمن غَيَّر موقفه من أهلنا وأصدقائنا وجيراننا. مرحباً بكم، فميدان التحرير هو ميدان المصريين جميعاً. إن الحديث عن أهمية الحفاظ على طهارة الثورة من أي شوائب هو نوع من العنصرية الذميمة. مصريون مثلنا (إخوتنا في الوطن)، بالأمس كانوا ضدنا ولكنهم اليوم يشاركوننا الإحساس بالخطر ويريدون المشاركة في درئه، فأهلاً بهم.
يجب علينا التمييز بين عدة أمور.
أولاً، إن سوء التقدير أو ضيق الأفق أو الأنانية أو التملق أو حتة الخسة والنذالة وإن كانت من الأمور المزمومة فعقوبتها ليست إسقاط الجنسية، والثورة المصرية هي ثورة شعب (مش بس الشباب الطاهر البريء). لأ، ثورة شعب كامل، بأغنياؤه وفقراؤه، بعلماؤه وبسطاؤه، بأذكياؤه وأغبياؤه. وعناصر الشعب المشاركة في الموجة الثالثة من الثورة تختلف عن تلك التي شاركت في الموجة الأولى أو التي شاركت في الموجة الثانية (أبطال شارع عيون الحرية). لا تطردوا شركاؤنا في الوطن من ميدان التحرير لأنهم فلول ولنعمل سوياً أن تخرج ثورة مصر منتصرة. هذا وقت تضميد جراح الموجة الأولى من الثورة فلنغتنم الفرصة.
ثانياً، ما أقوله لا يعني التغاضي عن الجرائم التي ارتكبت، بل على العكس، فثورة يناير قامت لبناء دولة العدل، وسيادة القانون هي إحدى ركائز دولة العدل. الموجة الرابعة من الثورة (والأخيرة) ستكون ضد التسلط الإداري الذي سمح لنفسه ليس فقط أن يكون فوق القانون بل وأن يخرقه بارتكاب الجرائم وطمس الأدلة. ولكن الموجة الثالثة من الثورة هدفها هو منع الفاشية الدينية، فما جدوى الاستمرار في الحديث عن فلول واجترار مرارات الأمس؟
ثالثا، مصر بإذن الله لن تقع في براثن الحرب الأهلية. ولنتذكر دائما، كلنا مصريون. هدف الموجة الثالثة من الثورة هو درء خطر الديكتاتورية وليس القضاء على الأشخاص المنتمين لجماعات وإن كنا نعترض على أسلوبهم وفكرهم، يحق لنا أن نطالب بمعاقبة من يقوم بنشاط أهلي بعيد عن إشراف الدولة ولكن الحفاظ على سلامة المجتمع وسلامتنا جميعاً يعتمد في هذه الثورة على مدى قدرتنا على المواجه بحزم وبقوة وبمثابرة ولكن دون عنف. وليتذكر الجميع أننا نواجه أنفسنا. فمن أقف أمامه أعارضه وأمنعه من التغول هو مصري مثلي، لا يحق لي أن أسقط عنه الجنسية حتى وإن غش أو كذب أو خان. يحق لي أن أسعى لمحاكمته ولكنه سيظل مصرياً. أقول ذلك لمن له عقل يعمله ويسترشد به، وليحفظنا الله جميعاً من الهرج.
أعلم مدى صعوبة الموقف على النفس ولكن من الذي قال أن النضج المجتمعي أمر سهل؟
 
 
 

التعليقات