مصر الكبرى

09:23 صباحًا EET

تفتت أصوات الناخبين في انتظار الإعادة

 
رغم بعض الخروقات التي شابت الجولة الأولى لإنتخابات الرئاسة, فهناك مظاهر إيجابية توحي ببداية إدراك المصريين لمعنى الديموقراطية التي فقدوها ستين عاما. فرغم غياب هدايا المرشحين التي وزعت على الناخبين لاختيار أعضاء البرلمان, فقد خرجت الجماهير بكثرة ووقفت في طوابير طويلة تحت شمس حارقة, لتدلي بأصواتها. كما اختفت المراهقة الساسية السابقة عندما كان من السهل على بعض الجماعات إقناع الناس بأن هناك مصريون يعرفون ربنا وآخرين لا يعرفونه.

   ويبدو أن الجماهير التي خرجت من بيوتها كانت قد حدتت مرشحها بالفعل قبل خروجها, وذهبت لتدلي بأصواتها لشخص بعينه, بينما انتابتهم الحيرة في انتخابات البرلمان من كثرة المرشحين الذين لا يعرفون عنهم شيئا, حتى تلك الرموز التي حددتهم. ورغم وجود ثلاث عشرة مرشحا للرئاسة, فقد توزعت غالبية الأصوات على خمسة منهم فقط ينتمون إلى ثلاث تيارات سياسية: عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي الإسلاميين, أحمد شفيق وعمرو موسى ممن عملوا مع مبارك, وحمدين صباحي الذي يمثل التيار الناصري.
   ورغم عدم وجود أية معلومات أو نتائج تشير إلى اتجاهات التصويت, فهنك بعض الدلالات التي قد تساعد على تفهم رغبة الناخبين. ومن المؤكد أن أولئك الذين أيدوا التيار الإسلامي في انتخابات البرلمان, قد قل عددهم هذه المرة حيث اعتقد البعض أنهم خدعوا في المرة الأولى ولن يخدعوا هذه المرة. ورغم انقسام أنصار التيار الإسلامي بين أبو الفتوح ومرسي, فقد حظي أبو الفتوح بتأييد بعض المثفين كذلك الذي اعتبروه مرشحا للثورة.
   وبينما يمكننا بسهولة توقع حصول عمرو موسى على أصوات الناخبين الذين أيدوا حزب الوفد في انتخابات البرلمان, حيث أن الوفد هو الذي رشح موسى, فقد يتقاسم موسى وأحمد شفيق ما عرف باسم "حزب الكنبة", الذين لم يصوتوا في انتخابات البرلمان, والذين شعروا بأن الفوضى وعدم الاستقرار الأمني قد أثر سلبيا على الوضع الإقتصادي والإجتماعي بعد الثورة.
   أما حمدين صباحي فهو يتقاسم أصوات المثقفين وشباب الثورة مع عبد المنعم أبو الفتوح , الذين يعتقدون أنه أصلح المرشحين للرئاسة بسبب عدم مشاركته في العمل الحكومي خلال حكم حسني مبارك, كما يبهرهم حماسه القومي الذي يذكرهم بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
   إلا أن الشيئ المؤكد هو أن نتيجة هذا التعدد والإختلاف في اتجاهات الناخبين – والذي هو علامة على نضج سياسي مبكر – سوف يؤدي إلى تفتت الأصوات وتقارب حظوظ المرشحين في الجولة الأولى, مما يتطلب بالضرورة إعادة الانتخابات بين مرشحين يحصلا على أعلى الأصوات في الجولة الأولى.
   لقد استيقظ شعب مصر من غفوته وأدرك أن صوته هو الذي سيحدد مصره ومصير وطنه, لهذا لم يعد يقبل أن يبيعه مقابل كيس رز أو أنبوبة غاز, وعلينا أن نبارك خروج المصريين إلى الصناديق ونرفض أي تهديد بالنزول إلى الميدان لإلغاء اختيار الجماهير. ذلك أن الميدان لم ينجح في إسقاط النظام السابق, إلا بعد إنحياز شعب مصر إلى الثوار. والآن لن تستطيع قوة في العالم أن تسقط خيار الشعب المصري حتى لو نزلت إلى ميدان التحرير.
أحمد عثمان

التعليقات