آراء حرة

11:49 صباحًا EET

نشوى حسين على تكتب : المصريون غاضبون !

نعم، انهم غاضبون! وبعكس المرات السابقة في ٢٠١١ و٢٠١٣ فإن غضب المصريين غير منصب على حكوماتهم، بل على حكومات دول غربية. حيث يشعر الكثير من المصريين بالإستياء حيال ما يعتبرونه تناقضاً بين قول وفعل العالم الغربي عندما يتعلق الأمر بمصر. ويرى هؤلاء أن هناك محاولات عديدة للإساءة المتعمدة لبلدهم بأشكال عدة، إلا أن أبرز هذه المحاولات يمكن تلخيصها في أربعة مظاهر.

التغطية الإعلامية المنحازة

تعتبر التغطية الإعلامية المنحازة أحد أهم أسباب غضب المصريين، فهم يرون أن صحفاً عالمية مثل الواشنطن بوست والنيويورك تايمز فضلاً عن إفتتاحياتها التحريضية ضد مصر وقيادتها، فإنها تخلط عمداً بين الخبر والرأي، وأن تغطيتها للأخبار والأحداث بمصر غالبا ما تكون منحازة بشكل واضح ضد القيادة المصرية. علاوة على ذلك، فإن التقارير التي تصدرها هذه الصحف ومثيلاتها (والتي تعد مؤثرة في دوائر صنع القرار الغربي وخاصة الأمريكي) عن الحوادث الإرهابية بمصر كثيراً ما تتضمن تبريرات تصل إلى حد التعاطف مع التطرف والإرهاب ووسم السلطات بمصر بأنها مسئولة عن صناعته بسبب عزل الرئيس السابق محمد مرسي مما أدى بأنصاره إلى اللجوء للعنف و الإرهاب. وفي نفس الوقت، تسخر هذه الصحف في تغطيتها من المصريين وتتهم إعلامهم بغسل أدمغتهم تجاه جماعة الإخوان المسلمين وتنفي عن الجماعة تهمة الإرهاب وتصر أنها جماعة سياسية سلمية وليست إرهابية. ويتساءل المصريون كيف لهذه الصحف الأجنبية أن تبرر لجوء أنصار الجماعة للإرهاب وتصفهم بالسلمية في آنٍ واحد!

افعل ولا تفعل

“الشعب المصري يريد كذا وكذا”، “لقد قامت ثورة يناير بمصر لأن المصريون أرادوا أن…”، “على الحكومة المصرية أن تفعل هذا الشيء أو ذاك”، “يجب أن تفهم الحكومة المصرية أن سياستها لابد آن تقوم على إحتواء كافة القوى السياسية”….وغيرها من التصريحات العامة التي تصدر عن الحكومات الغربية وفي تقارير مؤسسات الأبحاث الأجنبية بصيغة الأمر والتي تجعل المصريين يشعرون بالغبن وبأن “هؤلاء الأجانب” يعتقدون أنهم يفهمون كيف يجب أن تُدار الشئون السياسية المصرية أفضل من المصريين أنفسهم، وهو ما يؤدي لردة فعل عكسية لدى جموع المصريين ويشعرهم بالإهانة، خاصة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار التاريخ الطويل لمصرتحت الإحتلال من قوى متعاقبة في الماضي.

حقوق الإنسان…كلمة حق يراد بها باطل

حقوق الإنسان مسألة يصعب أن تكون خلافية فمن من البشر لا يريد التمتع بحرياته على قدم المساواة مع الآخرين ومن دون تمييز؟ إلا ان تشدق الغرب بحقوق الإنسان عند الحديث عن دول الشرق الأوسط، مع إستثناء خروقات إسرائيل المتعاقبة والتغاضي عن هذه الحقوق في جوانتانامو وبقاع أخري، أكسب ثقافة حقوق الإنسان سمعة سيئة في أذهان المصريين. وربطها لديهم بإحساس بالتعالي من دول الغرب. إضافة إلى ذلك فإن قيام الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة بتمويل منظمات المجتمع المدني يجعل المصريين أكثر تشككاً في نوايا هذه الدول كما في نوايا النشطاء العاملين بهذه المنظمات، مهما حسنت تلك النوايا. فرجل الشارع البسيط يعتقد ان ناشط جمعية حقوق الإنسان الذي ينتظر تمويلا من دولة أجنبية هو تابع لهذه الدولة وسيقوم بالضرورة بترديد ما تراه صوابا بحق مصر، بغض النظر عما إذا كان حقيقياً أم لا.

بسط السجادة الحمراء

قال جون الترمان مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في تقرير نشرته ال “آي بي تايمز” عن زيارة بوتين لمصر بتاريخ ١٠ فبراير ٢٠١٥، أن “هناك شعور بالحيرة لدى واشنطن فيما يتعلق بالطريقة المُثلى للتغلب على” ما أسماه “بارانويا المصريين”، مضيفاً “عندما يتحدث المسئولون الأمريكيون مع المصريين يصلهم الشعور بأن المصريين يعتقدون أن الولايات المتحدة ترغب في إبقاء مصر في حالة ضعف”.

ولا يملك رجل الشارع المصري إزاء هذه التصريحات سوى الضحك وترديد المقولة المصرية الشهيرة “اسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك استعجب”. فحديث السيد الترمان يوحي بأن المصريين لديهم شعور مرضي وغير مستحق بالإضطهاد وبأن واشنطن لم تقم بفعل ما يمكن أن يؤدي بالمصريين لمثل هذا الشعور السيئ بل الأكثر من ذلك انه يوحي برغبة واشنطن في أن تكون مصر قوية لا ضعيفة. ولكن أقوال واشنطن ومحلليها السياسيين أمثال السيد الترمان لا تتفق مع أفعالها، خاصة عندما يتم استقبال وفد من الإخوان المسلمين -يسمي نفسه “وفد المجلس الثوري المصري”- في مختلف الدوائر الرسمية الأمريكية وبحضور ممثل من البيت الأبيض، بحسب القيادي الإخواني عبد الموجود الدرديري. وهو الاستقبال الذي تلاه إعلان جماعة الإخوان الجهاد في مصر، كأنهم كانوا في واشنطن للحصول على الضوء الأخضر.

التعليقات