تحقيقات
الأميرة حصة.. “أخت الرياض”… كبرت الصورة وصارت بحجم المملكة
الرياض: ستتجه الأنظار حتماً في الفترة المقبلة لـ”فتاة السعودية الأولى”، لصاحبة الصورة الأشهر حين كانت صغيرة وهي بصحبة الملوك السعوديين، الأميرة حصة، الابنة الوحيدة لعاهل السعودية الجديد الملك سلمان بن عبدالعزيز.وإن كانت الذاكرة السعودية تحتفظ بتلك الصور الكثيرة للفتاة الصغيرة وهي تنتقل من صورة إلى أخرى بين استقبال رسمي، أو رعاية حفل، أو حتى في صورة عائلية داخل وخارج المملكة، فإنها الآن كبرت وصار من المؤكد أن أداء صاحبتها المقبل سيكون مراقباً وتحت المجهر أكثر من أي وقت مضى بحكم الوضع الجديد للمملكة ولها.
ورغم أن المؤشرات الأولية تعطي الإيحاء بأنها مستمرة في ما كانت تفعله طوال السنوات الماضية، إلا أن الإطار العام لما ستقدمه وتُقدم عليه سيكون أكثر تفاعلاً بين كل المهتمين بالشأن النسائي خصوصاً.
الأميرة حصة مثلما تفردت بأنها وحيدة والدها الملك سلمان، تفردت بذلك أيضا عن باقي بنات الملوك السعوديين السبعة، ولكن ليس لهذا السبب فحسب حظيت باهتمام والدها البالغ، بل حصلت على مجدها منذ اللحظة الأولى حين أطلق عليها الملك سلمان الاسم نفسه الذي تحمله والدته الأميرة حصة السديري أهم زوجات الملك المؤسس، إذ أنجبت حصة الأولى سبعة من أهم رجال الدولة السعودية الثالثة، منهم الملكان فهد وسلمان، واثنان توفيا وهما وليان للعهد سلطان ونايف، وثلاثة أثروا في مسيرة الدولة وهم تركي الثاني وعبدالرحمن وأحمد.
الأميرة حصة كبرت مع الرياض، عاصمة المملكة وعرين والدها الذي انطلق منه لقيادة المملكة المترامية الأطراف، وحين أرادت التعبير يوماً عن ارتباطها بالرياض وبوالدها في قصيدة شعرية بعد أن أنهت دراستها الجامعية سمّت نفسها بـ”أخت الرياض”، فكبرت الرياض وصار والدها ملكا وصارت حصة الفتاة الأولى في المملكة.
وللأميرة حصة نشاط لا ينتهي في عدد من المجالات الاجتماعية والفكرية والإعلامية والقانونية والفنية، ولا يُعرف أي هذه المجالات له الأهمية عن الآخر، إلا أن السمة الغالبة عليها هي الشبه الكبير بمسيرة والدها واهتماماته، فهي ورثت عنه الكثير من الصفات التي ظهرت منذ أيام دراستها الإبتدائية حينما أسست مجلة مدرسية بدعم مباشر من والدها. هذا الهم الصحافي والإعلامي وصل ذروته حينما أسست في العام 2007م جائزة للصحافة النسائية في المملكة، ورصدت جوائز ضخمة للفائزات في فروعها المختلفة، وتلقت دعما مباشراً من والدها وإخوانها فهد وأحمد وفيصل الذين يجري في دمائهم أيضاً حبر الصحافة.
الأميرة حصة التي أنهت دراستها العليا قبل سنوات في لندن وحصلت على شهادة أهّلتها لأنْ تكون محاضرة في الحقوق والعلوم السياسية، تعرف جيداً ماذا يريد والدها، فتقتفي أثره وتلتقط إشاراته في المشاريع التي يتبناها أو يدعمها، فتهتم بالمعاقين، وتشارك بفعالية في مشاريع الإسكان والجمعيات الخيرية، وتعطي جزءا مهما من وقتها في زيارة وافتتاح الفعاليات التي تهتم بالأطفال. تقول عن ذلك الأميرة حصة التي تجيد عدة لغات منها الإنكليزية والفرنسية بأنها تخصص وقتا مهما في حياتها للفن التشكيلي، ولذلك فإن كل الفنانات السعوديات يعرفن جيداً ماذا يعني أن تكون الأميرة حصة داعمة أو راعية أو مشاركة في معارضهن وهمومهن وشجونهن.
وبالحديث عن الفنانات والمبدعات السعوديات، فلا تخفي الأميرة ميلها نحو بنات جنسها ووطنها على حساب شقائقهم، فتفخر كثيراً بأنهن يتفوقن على الرجال في تحصيلهن العلمي وعدد المتعلمات ونتائجهن مقارنة بهم، فلا تترك فرصة إلا وتعبر عن ذلك، وتذهب أكثر نحو المطالبة بتعزيز دورهن في المجتمع السعودي المعروف بثقله وبطئه في التغيير والتمكين، وتركز مع ذلك على ثوابت المملكة وخصوصيتها. حين أقر العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز دخول ثلاثين امرأة لمجلس الشورى مطلع العام 2013م، كان صوت الأميرة حصة عالياً وهي تهنئهن بالمرور من تحت القبة الشهيرة في وسط الرياض، وقالت حينها، لدينا الكثير، لكن دخول المرأة لإحدى دوائر القرار المهمة في المملكة هو أكثر أهمية من ملفات أخرى تبدو ساذجة أمامها.
ولأن الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز كان من أهم الملوك السعوديين في دعم المرأة أيضا، قالت فيه الأميرة حصة نثراً بعد وفاته، وذكّرت كذلك بقراره التاريخي حين صار للمرأة حق الترشح والانتخاب في المجالس البلدية. قبل سنوات، تداولت وسائل الإعلام السعودية خبراً يخص تزويج فتاة قاصر من رجل ثمانيني، وحين علا الجدل، ظهرت الأميرة حصة بصفتها مستشارة في هيئة حقوق الإنسان السعودية وباحثة في الحقوق والقانون، وقالت إن هذا الأمر لابد أن يوضع تحت النقاش وليس المسكوت عنه، وبعد أن عابت على وسائل الإعلام تسطيح القضية وجرّها لساحة صراع التيارات، استعرضت حصيلتها المعرفية شرعاً وقانوناً محليا ودولياً حول الأطفال وحقوقهم، وأكدت أن المهم هو الدخول في عمق القضية ووضع الحلول الناجعة لهذه المواضيع. ولأن الأميرة ابنة للملك وأخت للرياض سابقاً والفتاة الأولى حاليا، فإن العيون ستظل ترقب ما ستقدمه، انطلاقاً من “أختها” الرياض، وليس انتهاءً بكل مناطق ومحافظات المملكة.