اقتصاد

04:34 مساءً EET

السوق السوداء للعملة مترنحة من المعركة مع البنك المركزى المصرى

“لم تعد هناك سوق سوداء تقريبا..لا أحد يشترى منا وكله بيروح للبنوك”، هكذا علق متعامل فى السوق السوداء بمرارة على حال السوق بعد أسبوعين من بدء البنك المركزى المصرى ضرباته الموجعة التى تركت تلك السوق مترنحة.

وهبط الجنيه اليوم، الخميس، إلى مستوى قياسى جديد مسجلا 7.59 للدولار بعد سلسلة تخفيضات رسمية توجها البنك المركزى اليوم الخميس بالسماح للبنوك بتوسيع هامش بيع وشراء الدولار إلى عشرة قروش.

وقال محمد الأبيض رئيس شعبة شركات الصرافة لرويترز “الوضع فى مكاتب الصرافة عادى جدا. احنا بنعمل داخل منظومة ومعندناش مشكلة.”

لكنه أوضح أن الوضع مختلف فى السوق السوداء.

وقال “الأمور تكاد تكون متوقفة فى السوق الموازية، الدنيا هادية وكله فى حالة ترقب.”

وأفاد متعاملون فى السوق الموازية بأن حركة البيع والشراء شبه متوقفة مع تقلص الفجوة بشدة بين أسعار البنوك والسوق السوداء.

وذكر متعامل أن سعر الدولار فى السوق السوداء بلغ 7.85 جنيه فى حين قال آخر إن السعر هو تقريبا نفس السعر فى البنوك.

وعلق الأبيض قائلا “أعتقد نقدر نقول إن العوامل مؤدية إلى نجاح ولكن الناس تترقب وهناك إحجام عن بيع الدولار.”

وكان البنك المركزى قد بدأ الاسبوع الماضى السماح للجنيه بالانخفاض عن 7.14 جنيه للدولار للمرة الأولى فى ستة أشهر فيما قال مصرفيون ومحللون إنه مسعى لتشجيع الاستثمار والتصدى للسوق السوداء فى العملة.

ويأتى سماح البنك المركزى المصرى بالتخفيض التدريجى لعملة البلاد قبل نحو شهرين من استضافة مصر لمؤتمر اقتصادى كبير فى منتصف مارس آذار القادم.

وقال السيد القصير رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى فى اتصال هاتفى مع رويترز اليوم إن الاجراءات التى أخذها البنك المركزى “من شأنها أن تعمل على زيادة التدفقات النقدية من العملات الأجنبية للاقتصاد المصرى من خلال الاستثمار الأجنبى المباشر والصادرات والسياحة.”

وأشار القصير إلى أنه لا تزال هناك آليات بوسع البنك المركزى استخدامها لتقليص الفارق بين سعر السوق الرسمية والسوق الموازية ومنها الطرح الاستثنائى للعطاءات الدولارية.

ولجأ المركزى من قبل إلى العطاءات الاستثنائية لتوفير دولارات إضافية لتلبية حجم كبير من الطلبات التى لا تغطيها العطاءات الأربعة التى يطرحها أسبوعيا باجمالى 160 مليون دولار.

وقال أسامة المنيلاوى مساعد المدير العام لقطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة إن خفض الجنيه بنحو عشروة قروش اليوم يعمل على تقريب كبير للفجوة بين سعر الدولار فى السوقين الرسمية والسوداء.

وجاءت الصدمة المفاجئة للسوق اليوم بعد يومين فقط من تلويح هشام رامز محافظ البنك المركزى بأنه لا يزال فى جعبته الكثير فى مسعاه للقضاء على السوق السوداء.

وقال رامز قال لقناة تلفزيون سي.بي.سى “هذه بداية خطة البنك المركزى ونحن جادون فى ما نفعل بمعنى أن (كل شيء) سيصبح داخل السوق الرسمى قريبا جدا.

“السوق غير الرسمى سيختفي، وهناك قرارات كثيرة ستأتى الفترة الجاية سنضبط بها السوق والاقتصاد سيتحرك فى الاتجاه السليم.”

وتخوض مصر معركة شاقة لاستعادة الثقة فى اقتصاد منهك جراء سنوات من الاضطرابات السياسية منذ انتفاضات الربيع العربى فى 2011.

ورحب اقتصاديون ورجال أعمال الخطوة التى يرى كثيرون أنه طال انتظارها ومن شأنها تعزيز تنافسية الصادرات المصرية ودعم ثقة المستثمرين قبيل القمة الاقتصادية فى مارس أذار.

وقال حسين شكرى رئيس مجلس إدارة شركة اتش سى للأوراق المالية والاستثمار المصرية “الوقت مناسب الان لتخفيض العملة. التخفيض سيجعلك دولة تنافسية أكثر وسيدعم المصدرين بشكل كبير ويقلل من الاستهلاك.”

وتابع شكرى قائلا إن قرار خفض الجنيه “سيشجع على جذب استثمارات أكثر. نعم القرار فى صالح المستثمر والاستثمار.”

ويرى اقتصاديون أن انحسار احتمالات تفاقم التضخم بفضل انخفاض أسعار النفط عالميا وارتفاع الدولار ساعد البنك المركزى فى تحركه.

وقال أحمد خير الدين المحلل بأحد البنوك فى مصر “تخفيض الجنيه يساعد فى الحفاظ على تنافسية الصادرات المحلية والعملة المحلية خاصة مع انخفاض الريال البرازيلى والروبل الروسى واليورو وقوة الدولار أمام معظم العملات الأخرى.”

وأضاف أن ما يترتب على انخفاض سعر صرف الجنيه من ارتفاع تكلفة الواردات “خطوة تصب فى صالح المنتج المصرى لأنها ستعزز تنافسية المنتج المصرى فى السوق المحلي.”

لكنه تابع “أسعار السلع تتراجع عالميا لذا ستكون هناك حركة تعويضية فى تكلفة الواردات.”

وفى أحدث تقرير لها، تكهنت مؤسسة كابيتال ايكونوميكس للأبحاث أن يواصل الجنيه النزول خلال عام 2015 ليصل إلى نحو 8.25 جنيه للدولار بنهاية العام ولكن على مراحل وليس دفعة واحدة.

ويرى جيسون توفى -الاقتصادى فى كابيتال ايكونوميكس- أن على المركزى المصرى بذل المزيد لمنع تنامى الضغوط على الجنيه مجددا.

وقال ردا على سؤال لرويترز “خطوة (المركزي) ستساعد فى تخفيف بعض الضغوط عن الجنيه فى السوق السوداء لكن ينبغى أن يصاحبها مزيد من الجهود لزيادة كميات العملة الصعبة التى يتم ضخها فى الاقتصاد عبر القنوات الرسمية.”

غير أن مصرفيا فى بنك حكومى اعتبر أن معركة البنك المركزى مع السوق السوداء كادت تنتهى قائلا “واضح ان المركزى بيخلص (يقضي) على السوق السوداء. العملية قربت تخلص.”

التعليقات