اقتصاد

01:30 مساءً EET

مملكة أحمد عز الاقتصادية لا تحظى بنفس بريق السياسة

–       الشركة تواجه تحديات انقطاع إمدادات الغاز.. وتحميها رسوم الحكومة من المستورد 
–       الدولة برأته من الاحتكار.. وصدقت على إصلاحات قانونية كان يقف ضدها 

عاد إسم أحمد عز إلى أضواء السياسة مرة أخرى بعد أن سمحت السلطات القضائية بالإفراج عنه خلال الصيف الماضي، في ظل مداولات لدعاوي مرفوعة ضده في قضايا فساد.

وبينما يري محللون سياسيون إن أسهمه السياسية قد تكون في صعود مع عودة وجوه مرتبطة بنظام مبارك إلى المنافسة على انتخابات البرلمان، المزمع عقدها شهري مارس وأبريل المقبلين، فإن شركة الحديد التي تحمل إسمه سجلت خسائر صافية خلال الأشهر الأخيرة.

فبحسب محللون اقتصاديون، الأجواء الاقتصادية التي عاد إليها عز بعد شهور طويلة من السجن اختلفت بشكل كبير عن وقت تأسيس إمبراطوريته الاقتصادية.

“نتوقع أن تسجل الشركة خسائر خلال العام الجاري”، كانت هذه تقديرات بنك إتش إس بي سي لأداء شركة حديد عز، في تقرير أصدره بنهاية 2014، واعتبر فيه أن الشركة التي تحمل إسم رجل الأعمال المقرب من نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك “عانت بشكل واضح منذ الثورة”.

ويري محللون مثل أحمد شمس الدين، المدير بإدارة البحوث بالمجموعة المالية هيرميس، إن أزمة الطاقة الحالية ساهمت بشكل قوي في تكبيد العز خسائر بقيمة 176 مليون جنيه خلال النصف الأول من 2014.

“انقطاع إمدادات الغاز كان السبب الرئيسي في تحول الشركة للخسائر، فقد عملت خلال العام الماضي بنحو 60% من طاقتها الإنتاجية، هذا إلى جانب ارتفاع أسعار الغاز من 4 دولار إلى 7 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية منذ يوليو 2014″، يقول المحلل.

وبحسب محمد حنفي، مدير غرفة الصناعات المعدنية، فقد واجهت “حديد عز” انقطاعات قوية في إمدادات الغاز خلال أغسطس وسبتمبر الماضيين، بسبب أعمال صيانة لخطوط توصيل الغاز و”الشركة طلبت من الحكومة توصيل كميات محدودة من الغاز حتى لا تتعرض الماكينات للتلف بسبب التوقف”.

وتعد أزمة الطاقة من الأزمات التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة من حكم مبارك وبعد خلعه، وبينما إتجهت شركات الأسمنت إلى الاعتماد على مصادر بديلة للطاقة تتمثل في الفحم، فإن التحول إلى نظم طاقة بديلة للغاز غير مناسب اقتصاديا في صناعة الحديد، بحسب قول شمس الدين.

أنا باشتغل في حديد عز

ترتبط حديد عز، التي يتبعها مصنع في مدينة السادات وآخر في العاشر من رمضان وتساهم في عز الدخيلة وعز للصلب المسطح، في أذهان المواطنين بالدعاية التلفزيونية المعروفة بشعار “أنا باشتغل في حديد عز”، والتي كانت تذاع بشكل مكثف في عهد مبارك الذي سيطرت فيه الشركة على أكثر من نصف سوق حديد التسليح.

لكن دعاية عز تلاشت خلال الأشهر التالية لخلع مبارك، بينما بزغ إسم رجل الأعمال الشاب محمد أبو هشيمة مع دعاية مكثفة لشركته التي تحمل إسم “حديد المصريين”، الأمر الذي قد يوحي بأن مملكة عز قد تأكلت خلال سنوات الثورة.

إلا أن محلل هيرميس ينفي ذلك “مازال إجمالي حصة مجموعة العز من السوق حوالي 60%، بغض النظر عن بزوغ أسماء جديدة مثل حديد المصريين، التي تقتصر طاقتها الإنتاجية على 350 ألف طن حديد تسليح سنويا”.

وبحسب تقرير إتش إس بي سي، فإن الطاقة الإنتاجية للعز تصل إلى 5.8 مليون طن سنويا، وهي المنتج الأكبر للصلب في مصر.

ودار جدل واسع خلال سنوات حكم مبارك حول مدى استغلال أحمد عز حصته السوقية الضخمة، التي قدر تقرير لصحيفة نيويورك تايمز أنها مثلت ثلثي السوق المصرية في عام 2003، في ممارسات احتكارية.

وزاد ذلك الجدل مع تصدي عز لتعديلات حكومية مقترحة على قانون حماية المنافسة تزيد من قدرتها على كشف الممارسات الاحتكارية، حيث عرقل رجل الأعمال القوي تلك التعديلات من موقعه كرئيس للجنة الخطة والموازنة بالبرلمان تحت حكم مبارك.

وبينما تم حبس عز بعد ستة أيام من خلع مبارك في ظل تحقيقات واسعة، خلال 2011، مع رجال أعمال بارزين وقتها، فقد صدر تقرير لصالح عز من جهاز حماية المنافسة، وهو لايزال سجينا، يُبرأه من شبهة الاحتكار. ولكن القانون المنظم للسوق تم تعديله أيضا وأصبح من حق السلطات إعفاء المُبلغ عن ممارسات احتكارية شارك فيها من الملاحقة القضائية، وهو أحد أبرز الإصلاحات التي عارضها عز.

 المنافسون الجدد

 

الحديد المستورد أصبح شريكا مهما في السوق الجديدة التي يعود إليها عز بعد خروجه من محبسه، حيث أصبح يستحوذ على 15% من سوق حديد التسليح في مصر حتى سبتمبر الماضي، بحسب محلل هيرميس، مفسراً ذلك بأن الشركات المصدرة دخلت لسد عجز في السوق المصرية بعد أن خفضت الشركات المحلية من إنتاجها نتيجة نقص إمدادات الغاز.

ويقول منتجو الحديد المحليون إنهم تتضرروا مما يصفونه بـ”زيادة مفاجئة وغير مبررة في واردات حديد التسليح”، مما دفع غرفة الصناعات المعدنية لتقديم شكوى لجهاز مكافحة الدعم والإغراق، الأمر الذي أدى إلى فرض رسوم مؤقتة على واردات الحديد في أكتوبر الماضي لمدة 200 يوم، حتى يتم التحقيق فى شكوى الإغراق.

ويسعي عز إلى التوسع في الإنتاج مع الطاقات الإنتاجية الجديدة الداخلة إلى السوق، حيث استطاعت الشركة أن تسوي نزاعها مع الحكومة على رخصة جديدة لإنتاج الحديد والبيليت. وقد تم الإنتهاء من نحو 80% من الأعمال الإنشائية لهذا الكيان الجديد، بحسب ما أعلنته حديد عز.

ويقول محلل هيرميس إن هذا المشروع قد ينتشل حديد عز من الخسائر إذا استطاعت تشغيله خلال العام الحالي، لأن “فرص المصنع الجديد في الربح جيدة جدا حتى بعد زيادة أسعار الغاز”.

الشركة وصاحب الاسم

حرصت حديد عز أن تعزل نفسها عن المشكلات القانونية التي واجهت رئيسها السابق، حيث أصدرت بيانات تقول فيها إن التحقيقات الجارية معه تتعلق بشخصه، وأنه خلال السنوات الأخيرة كان العمل اليومي يتولاه فريق إداري محترف.

وخلال عام الثورة الأول ترك عز منصبه في الشركة، ولا يضم فريق التنفيذين إسمه حتى الأن، بحسب بيانات موقع حديد عز.

لكن بنك إتش إس بي سي يرى إن موقف عز القضائي يمثل مخاطر على أداء الشركة، “بالرغم من أنه لايزال هناك ثلاث قضايا ضده … إلا أن المخاطر تكمن في إمكانية أن يُجبر عز على بيع بعض أو كل حصته”، بحسب التعبير الوارد في تقرير البنك.

“أحمد عز لديه حصة حاكمة في حديد عز، ولا أعتقد أن حصوله على البراءة سيؤثر على قدرة الشركة على الحصول على تمويل، ولكنه سيغير الإنطباع العام تجاه الشركة وسهمها في البورصة، وهناك من يتوقعون أن يكون هذا الإنطباع ايجابيا وآخرون يرون إنه يمكن أن يكون سلبياً” كما يقول محلل هيرميس.  

ولم نتمكن من الحصول على تعليق من أحد مسؤولي الشركة حول علاقة عز بإدارة الشركة بعد الإفراج عنه.  

 

التعليقات