تحقيقات

12:35 مساءً EET

2015: الإرهاب ينحسر في سيناء

في ذروة الأحداث السياسية والأمنية التي شهدتها مصر خلال العام 2014، كانت شبه جزيرة سيناء تخوض حرباً ضروساً في مواجهة الإرهاب الأسود الذي كشَّرَ عن أنيابه منذ الإطاحة بحكم جماعة الإخوان والرئيس الأسبق محمد مرسي في 30 يونيو 2013، إذ خضّبت دماء جنود القوات المسلحة والشرطة أرض مدن سيناء، الذين اغتالتهم أيدي الجماعات الإرهابية والتنظيمات التكفيرية في عمليات متفرقة جعلت من الحدود الشرقية للبلاد منطقة حرب، لاسيّما بعد فاجعة حادث “كرم القواديس”.

وفي مقابل العمليات الإرهابية تشتد المواجهات العسكرية للتصدي لتلك العناصر الإرهابية ومداهمة أوكارها، وقد أتت ثمارها بالفعل، إذ تمكنت القوات الأمنية من تصفية المئات من عناصر جماعة “أنصار بيت المقدس”، والتي أعلنت مسؤوليتها عن كثير من العمليات الإرهابية في سيناء، واستهدفت العشرات من رجال القوات المسلحة والشرطة، الأمر الذي استدعى مواجهة حازمة وحاسمة لذلك، من خلال رؤية أمنية جديدة وخطة استراتيجية شاملة تتناسب مع الوضع في سيناء.

ومع حلول عام جديد، وبالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية الموسعة بسيناء، تطرح التساؤلات نفسها حول ما إذا سيكون 2015 هو عام إعلان شبه جزيرة سيناء منطقة خالية من الإرهاب؟ أم سيمتد الأمر أعواماً طوالاً حتى يتم اقتلاعه من جذوره، وهو الأمر الذي يجيب عليه عدد من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين، من خلال استعراض وتحليل الوضع في سيناء على مدار العام 2014، باعتبار أن الأحداث السابقة هي التي تضع النتائج المستقبلية وترسم ملامح المرحلة المقبلة.

 

تطور ملحوظ

وفي هذا الصدد، أكد نائب رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق الخبير الاستراتيجي اللواء محمد علي بلال، أن العمليات العسكرية في سيناء شهدت تطوراً في مراحلها على مدار العام 2014، حيث اختلفت منذ بدء القوات المسلحة في تنفيذ خطة جديدة باستراتيجية شاملة في شهر أكتوبر عقب حادث كرم القواديس، وهو ما أثر بالفعل على عدد ونوع العمليات الإرهابية وأدى لانخفاضها بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين، إلا أنه لم يوقفها بشكل كامل.

وأشار “بلال”، إلى أنه يمكن تقسيم العمليات العسكرية في سيناء خلال 2014 إلى مرحلتين (ما قبل حادث كرم القواديس، ومرحلة ما بعد الحادث)، إذ أن التعامل العسكري قبل الحادث كان محدوداً ويتم بحذر، نظراً لوجود سكان ومدنيين من أهالي سيناء، ولكن بعد الحادث واتخاذ قرار إقامة منطقة عازلة على الشريط الحدودي وإخلائها من الأهالي، أعطى ذلك مساحة للقوات العسكرية للتعامل بجدية وكفاءة لدك معاقل الإرهاب وملاحقة عناصر، بل وتحجيم حركتها.

ورجح “بلال” أن يكون العام 2015 هو (عام انحسار الإرهاب من سيناء وليس القضاء عليه)، إذ سوف يتم التفرغ للكشف عن أي عناصر إرهابية مختبئة في جبال سيناء، وفق خطة أمنية جديدة لمواجهة العناصر المتبقية لتطويق وتقييد بقاياه، مؤكداً أن الإرهاب موجود في كل دول العالم وما يمكن فعله هو مواجهته وخفض معدلاته وتجفيف منابعه، ولكن لا يوجد دولة خالية من الإرهاب بنسبة 100%.

 

إشادة

ومن جانبه، أشاد الخبير الاستراتيجي اللواء عبد الرافع درويش، بالعمليات العسكرية التي تمت في سيناء على مدار العام، باعتبارها نجحت في توجيه ضربات كبيرة للعناصر الإرهابية، وهو ما ظهرت نتائجه في انخفاض العمليات الإرهابية وأصبحت تتم بشكل فردي، ومن ثمَّ خسائرها باتت أقل بكثير عما سبق، موضحاً أن الوعي الشعبي للخطر القائم في سيناء، والذي تمثل في معاونة السكان لقوات الجيش والشرطة، وهو ما ساهم في نجاح تلك العمليات وإحكام السيطرة على معظم مدن سيناء.

وأوضح “درويش” أن المتابع الجيد للوضع في سيناء سوف يلاحظ أن العمليات الإرهابية في انخفاض مستمر في مقابل توسع العمليات العسكرية، إذ تمكن الأمن هناك من تجفيف منابع تلك العناصر، من خلال هدم الأنفاق الممتدة بين سيناء وقطاع غزة، ما منع تسلل عناصر أو أسلحة إلى الأراضي المصرية، فضلاً عن إقامة المنطقة العازلة لمسافة 1 كيلومتر، ما يساهم في الكشف عن أي محاولات للتسلل، لافتاً إلى أنه لولا وطنية أهالي سيناء وتركهم منازلهم من أجل الوطن، لكانت العمليات الإرهابية مستمرة حتى الآن.

 

كرم القواديس

وبدوره، تحدث مساعد وزير الدفاع الأسبق الخبير الاستراتيجي اللواء نبيل فؤاد، عن الوضع في سيناء على مدار عام، مؤكداً أن فاجعة حادث (كرم القواديس) كانت نقطة فاصلة في تحول العمليات العسكرية في سيناء، إذ استطاعت القوات المسلحة تحليل الحادث واستنتاج الدروس المستفادة منه والتعامل وفقاً لها، فقد تطور أدائها وتغيرت رؤيتها في التعامل مع الجماعات الإرهابية، والتي كانت تتم ببطء وحذر لمدة 10 أشهر، حيث لم تمنع الإرهاب رغم انخفاض معدلاته، وهو ما يعتبر إنجاز في حد ذاته.

وأكد “فؤاد” أنه لا يمكن تحديد موعد بعينه لإعلان سيناء منطقة خالية من الإرهاب، إذ أن الأمر سيأخذ وقتاً طويلاً ولكن الأهم هو استمرار التعامل معه وصمود أبناء القوات المسلحة أمام التحديات والمخططات التي تًُحاك ضد مصر، مشيراً إلى أن تهديد أمن مصر ليس من جهة الشرق وسيناء فحسب، وإنما هناك تهديد يحيطها من كل الجوانب عبر الحدود الأخرى، وخاصة حدودها الغربية مع ليبيا، إذ أن فكرة الأمن المطلق غير موجودة، ولكن يمكن مواجهة تلك المخاطر.

التعليقات