مصر الكبرى
كل من يدعي أنه مرشح الثورة فهو كاذب
عندما نزل شباب مصر إلى ميدان التحرير في 25 يناير, كانوا يرفضون سياسة القمع الأمني الذي قامت به الشرطة ضد المواطنين, كما هتف الشباب من أجل الخبز والحرية والكرامة للمواطنين. قامت الثورة لإسقاط برلمان الحزب الوطني الذي جاء بالتزوير, وخرجت ملايين الشعب المصري تؤيد شباب التحرير, رافضين توريث السلطة ومصممين على رحيل مبارك ونظامه. لم يكن شعب مصر هو الذي أتى بمبارك رئيسا للبلاد, حيث قام نظام يوليو الجمهوري على أساس الحزب الواحد الذي يختار الرئيس الواحد ويقدمه للشعب, فقط ليقول نعم أو لا. وقال الشعب نعم لعبد الناصر ونعم للسادات ونعم لمبارك, حيث لم يكن هناك مرشحا آخر سوى مرشح الحزب الواحد.
   الآن بعد سقوط مبارك والحزب الوطني, أصبحت الفرصة متاحة أمام شعبنا للمرة الأولى لإختار رئيس من بين عدة مرشحين. فلا حزب حاكم ولا تزوير, وعلينا نحن أن نختار بإرادتنا من سيكون أول رئيس منتخب لبلادنا.
   هذه الحرية في الإختيار تفرض على كل فرد منا مسئولية التفكير قبل التصويت, فلطالما استغل الطامعون براءة شعب مصر وطيبته, ليخدعوه ويقرضوا عليه إرادتهم ونظامهم الذي يخططون له. ومن السهل علينا الآن معرفة نتائج انتخابات البرلمان, والوعود التي قدمها المرشحون ثم أخلفوها في أول يوم بع الانتخاب. وهناك من بين المرشحين الآن من يحاول خداع الجماهير للوصول إلى كرسي الرئاسة, ثم تعود الأمور كما كانت عليه من قبل, قمع جديد وحكم شمولي جديد تحت اسم آخر.   
  وهناك علامة بسيطة تمكننا بسهولة من كشف نوايا المرشحين, والتعرف عل من منهم يريد خداعنا هذه المرة, وكل من يزعم من الناخبين أنه يمثل ثورة 25 يناير, فهو كاذب, فليس هناك واحد من بين المرشحين يمكن اعتباره ممثلا للثورة.
   ليس لدينا أمل الآن في اختيار ممثلا للثورة, وكل ما نريده هذه المرة هو رئيس يضمن استقرار الأمن في البلاد, ويعيد عجلة النشاط الإقتصادي والسياحي إلى الدوران. نريد رئيسا لا يفرض علينا نظاما دينيا أو عسكريا, يحترم تعدد الآراء ومؤسسات الرقابة والقضاء. نريد رئيسا يمنحنا قدرا من الحرية والإستقرار, حتى نتمكن من بناء مجتمع الكفاية الذي يسمح بظهور براعم جديدة من الشباب الذي يتسلم زمام الحكم بعد أربع سنوات, ويحقق مطالب الثورة.
   والحرية تعني أن يصبح المصريون قادرون على إبداء الرأي كما يريدون دون رقابة من الشرطة, والمشاركة في اتخاذ القرار في كل ما يمس حياتهم ويقرر مصيرهم. الحرية تعني ألا يسيطر حزب واحد على الحكم في البلاد, يفرض قوانينيه كما يفرض محاسيبه على السلطة.   
   فلم تقم ثورة يناير من أجل استبدال الحزب الوطني بحزب الإخوان المسلمين, ولا من أجل تحديد سلطة المحكمة الدستورية العليا واستبعاد الأزهر عن تقرير الشرعية الدينية, ولا من أجل معاقبة رجال الإعلام والصحافيين. كما لم تقم ثورة يناير من أجل الدخول في حرب جديدة مع إسرائيل, ولا من أجل استبعاد العالم العربي والتحالف مع دولة الفرس في إيران. فقد قامت ثورة الشباب من أجل إعادة الكرامة للإنسان المصري, ومن أجل الحرية ولقمة العيش وبناء وطن جديد للمصريين جميعا.
أحمد عثمان