آراء حرة
خليل القاضي يكتب: قتال الاخوة الاعداء في القلمون صراع نفوذ ام فتنة!
قاربت الاحداث في سوريا من بلوغ سنتها الخامسة، ولم يتغير الواقع على الارض نيل الحرية والعدالة والمساواة ، غير ان الغائب الاكبر عن ساحة الميدان السوري هو الجيش الحر الذي بدأ يتعرض لعمليات ضرب ممنهجة من قبل القوى الاقليمية والدولية الداعمة للحراك السوري ناهيكم عن الصراعات الداخلية التي خاضها بعض من ظن نفسه انه يحتكر الجيش الحر دون غيره ، فما كان الا ان تحول الجيش الحر الى فريسة تسعى القوى الاسلامية المتطرفة ان تنهشه.
ولعل اضمحلال الدور المؤثر للحر في القلمون الذي لاطالما كان قاعدته المحصنة ، فهاهو القلمون السوري يشهد معركة السيطرة النهائية بين ثلاث فصائل تتفاوت بالقوة لعل اضعفها الجيش الحر في مواجهة جبهة النصرة المهددة بخسارة نفوذها فيه لصالح اموال داعش التي تأتي بالجحافل من اجل فرض السيطرة على اكثر منطقة حيوية للحراك السوري، حيث يرى مراقبوان ان جولة الاشتبكات الأخيرة نذيراً على إشعال “لفتنة الجهادية” في المنطقة الوحيدة من سوريا التي لم تمتد إليها حتى الآن.
فقد كشفت المعلومات الآتية من القلمون ان المواجهات عن تزايد قوة “داعش” في المنطقة، وقدرته على الهيمنة على العديد من الفصائل، خصوصاً تلك التي تنتمي إلى “الجيش الحر”.
وتعزو المصادر، سبب ذلك إلى أمرين، الأول، نجاح “داعش” في استقطاب بعض فصائل “الجيش الحر” التي أعلنت مبايعتها في تشرين الثاني الماضي، وأبرزها “كتائب الفاروق المستقلة” و”لواء القصير”، الأمر الذي زاد من عديد مقاتلي “الدولة”. والثاني، وصول كوادر جديدة لقيادة “الدولة الإسلامية في القلمون”، وعلى رأس مهام هذه الكوادر إعادة هيكلة بنية التنظيم ورسم علاقاته مع الأطراف الأخرى وفق أسس جديدة.
وبرز من بين هذه الكوادر اسمان، هما “أبو الوليد المقدسي” و”أبو بلقيس”، الأول يرجح أنه الشيخ مجد الدين نفسه الذي كان يشغل منصب “الأمير الشرعي” في “جبهة النصرة في القنيطرة”، قبل أن ينشق عنها وينضم إلى “داعش” في تشرين الثاني الماضي. وهو ما قد يبرر الأسلوب التصادمي الذي عرف عن المقدسي، الذي كان معروفا في القنيطرة باسم “أبو الوليد الصومالي”، وهو منذ قدومه إلى القلمون، محكوم بهاجس إثبات ولائه الجديد، والانعتاق من ولائه السابق إلى “النصرة”.
أما الثاني، وهو “أبو بلقيس”، فلا معلومات كافية عنه، غير أنه بحسب المصدر معروف بغلوّه وتطرفه. ويعتقد أن “أبا بلقيس” يحمل الجنسية الفرنسية، ومن غير المستبعد أن يكون هو الشخص نفسه الذي ورد اسمه في تحقيقات القضاء اللبناني حول حادثة فندق “دو روي”، حيث أفاد أحد المدعى عليهم، ويدعى فايز بوشران، أنه كان يتلقى دروساً دينية في فرنسا على يد شيخين أحدهما يدعى “مصطفى” والثاني “أبو بلقيس”. وقد يفسر هذا ظهور اللغة الفرنسية للمرة الأولى في القلمون، وذلك في مقطع الفيديو الذي حمله الشيخ السلفي اللبناني وسام المصري، كرسالة موجهة من “داعش” بخصوص العسكريين اللبنانيين التسعة المحتجزين لديه.
وتثير التغييرات الجديدة في المناصب القيادية لـ”الدولة الإسلامية في القلمون”، واستلامها من قبل أشخاص مغالين في التطرف، مخاوف قادة الفصائل في المنطقة، بمن فيهم أولئك المعروفون بقربهم من التنظيم التكفيري، حيث طالب الناشط ثائر القلموني قيادة “داعش” بسحب “الشرعي” أبو الوليد المقدسي من القلمون قبل أن تندلع الفتنة.
وبرغم أن “جبهة النصرة في القلمون” بقيادة أبو مالك التلّي نأت بنفسها عن الأحداث الأخيرة، إلا أن المعطيات المتوافرة تشير إلى أن أبا مالك أصبح يشعر بتزايد الضغوط عليه، سواء من قبل “داعش”، وإن بشكل غير مباشر، أو من قبل قيادة “النصرة” التي عبرت من خلال بعض قادتها عن ثقتها بشخص أبي مالك وبطريقة معالجته للمستجدات في القلمون، وهو ما رأى فيه بعض المراقبين أنه ضغط على التلي لعدم الاستمرار في صمته المريب، لا سيما في ظل تحريض أطراف عدة عليه، وأبرزها “جيش الإسلام” وبعض قادة “النصرة”، ممن يثيرون مخاوف من إمكان إقدامه على مبايعة “داعش”، نظراً لعدم رضاهم عن موقفه القديم الرافض لقتال “إخوانه” في “داعش”.
وما يزيد من الضغوط على التلي استمرار المعارك في القلمون الشرقي بين “غرفة العمليات المشتركة”، التي تعتبر “النصرة” أحد أعضائها، و”داعش”، حيث أعلن “جيش الإسلام” سيطرته على منطقة المحسا بالكامل، في إطار ما أطلق عليه معركة “أبشروا بقتل عاد”، مؤكدًا اشتراك “النصرة” في هذه المعركة.
والتطورات في القلمون كان وسيكون لها تأثير وتداعيات على الواقع اللبناني ولعل االتأثير الاول سيكون على ملف العسكريين ، وفي هذا الاطار أكد والد الجندي محمد يوسف حسين يوسف في تصريحات صحفية، أنه “لم يعرف طعم النوم منذ أن شاهد الفيديو على إحدى الشاشات اللبنانية ، حيث يظهر نجله مع إثنين من رفاقه راكعين والسكين على رقابهم”، مضيفاً أنه “يسلم أمره وأمر الشباب المخطوفين لله”.
وقال أن “إمام وخطيب مسجد “أبو الأنوار” في طرابلس الشيخ وسام المصري زارهم في خيم الاعتصام في منطقة رياض الصلح وسط بيروت، فور عودته مباشرة من جرود بلدة عرسال الشرقية بعدما التقى 9 من العسكريين المختطفين لدى “داعش”، مطمئنا إلى أنهم بخير وأن اثنين فقط منهم مصابون ببعض الالتهابات”.
ونقل يوسف عن الشيخ المصري تأكيده أنه “قادر وفي حال تم تكليفه من قبل الحكومة بالملف بأن يحرر 3 أو 4 من العسكريين ببادرة حسن نية، وأن ينهي الملف خلال أسبوعين”، موضحًا أنه “ينتظر اتصالا من “داعش” ليعود إلى الجرود، حاملا المطالب النهائية للتنظيم وتعهدًا بعدم إعدام أي من العسكريين”.فهل سيكون قتال الاخوة الاعداء من اجل السيطرة وابعاد الحر مؤشر عن انطلاق الفتنة الكبرى ؟ هل سيشهد ملف العسكريين حلاً يعيد الامل ام انه سيكون امام مزيد من التعقيدات ؟ القادم من الايام سيحمل الخبر اليقين .