الحراك السياسي
خبراء صينيون: السيسى وضع اللبنة الأولى للتعاون الأستراتيجى الشامل مع بكين
تأتى زيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى إلى الصين فى التوقيت المناسب تماما، لكونه أول زعيم عربى يقوم بزيارة البلاد عقب اختتام مؤتمر العمل الاقتصادى المركزى فى بكين مؤخرا، وهو مؤتمر يشير البيان الصادر عنه إلى تغير جديد فى نمو الاقتصاد الصينى الذى من شأنه أن يفتح نافذة أمام فرص هائلة للتعاون الاقتصادى الرحب بين الصين ومصر.
وذكرت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا”، أن حضور الرئيس السيسى يوم الأربعاء الماضى لمراسم التوقيع على مجموعة كبيرة من مذكرات التفاهم بين الحكومة المصرية والشركات الصينية لتنفيذ عدد من المشروعات فى مجالات الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة والسكك الحديدية وغيرها دلالة على أن زيارته للصين تدفع عجلة التعاون الاقتصادى بين الصين ومصر للأمام، وأن التعاون الإستراتيجى الشامل بين البلدين الصديقين قد أرسى لبنته الأولى.
ويرى يانغ قوانغ رئيس مؤسسة أبحاث غرب آسيا وشمال إفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن “التعاون الاقتصادى بين الصين ومصر يتمتع بإمكانات ضخمة فى ضوء تكامل اقتصاديهما من حيث قطاعات الصناعة وإن ما سيعطى دفعة جديدة لتعزيز هذا التعاون هو دخول الصين “لوضع اقتصادى طبيعى جديد” تشهد فيه إصلاحات اقتصادية سينتج عنها وجود قطاعات فائضة لديها من بينها قطاعا الطاقة الشمسية والطاقة النووية، وقطاع الطيران والفضاء، وصناعات التكنولوجيا الفائقة والتى تبدى مصر اهتماما كبيرا بها فى إطار تنفيذها لتخطيط طموح بشأن تنمية الاقتصاد.
وأشار يانغ إلى أنه “فى إطار سعى مصر الحثيث إلى إنشاء نظام متكامل للصناعة، فإن استفادة مصر من القطاعات الفائضة فى الصين سيتيح فرصة تعاون ذهبية بين الصين ومصر”. وأكد وانغ جينغ ليه الباحث بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية أن ما يبشر بأن آفاق التعاون ستغدو رحبة هو أن الصين هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تمتلك نظاما متكاملا فى قائمة أصناف القطاعات الاقتصادية التى حددتها الأمم المتحدة، ومن ثم يمكن لمصر أن تجد فى الصين أى قطاع ترغب فى إدخاله.
وأضاف وانغ أن الأهم من ذلك يكمن فى أن الصين، على نقيض الولايات المتحدة والغرب، لم ولن تفرض أية شروط سياسية على نقل خبراتها أو قطاعاتها سواء التقنية أو الهندسية إلى البلدان الصديقة، ناهيك عن تقديمها بأسعار أقلّ من نظيراتها الغربية. ولهذا يشجع الخبراء الصينيون مصر على الاستفادة من الفرصة المتمثلة فى تغيير الصين لسياساتها الاقتصادية بما يسهم فى الجهود التى تبذلها الحكومة المصرية لإنشاء نظام متكامل للصناعات وتوفير المزيد من فرص العمل.
وفى إطار إشادة الرئيس عبد الفتاح السيسى بمبادرة “الحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن الـ21” التى طرحها الرئيس الصينى شى جين بينغ فى العام الماضى، أكد الاقتصادى المخضرم يانغ أهمية مصر فى هذه المبادرة الطموحة كونها تقع عند نقطة التقاء طريقى الحرير البرى والبحرى.
وأضاف أن مصر دولة ذات ثقل كبير فى منطقة الشرق الأوسط وقارة إفريقيا وعضو مهم بمنتدى التعاون الصينى – الإفريقى، لذلك تكتسب أهمية كبيرة فى دبلوماسية الصين، متوقعا أن تجنى مصر المزيد من الفرص على أصعدة القروض التفضيلية ونقل التكنولوجيا والرسوم الجمركية على خلفية المبادرة الصينية، علاوة على رغبة الصين فى نقل خطوط تصنيع إلى مصر وتدريب عمال فنيين مصريين.
وشاطره الرأى وانغ جينغ ليه، قائلا إن مصر تستطيع الاضطلاع بدور إشعاعى من جانبين، أولهما تدعيم ترابط دول مبادرة “الحزام والطريق” مع دول الشرق الأوسط، وثانيهما تعزيز ترابط دول المبادرة مع الدول الأوروبية.
ومن جانبه أشار وو بينغ بينغ، رئيس معهد دراسات الحضارة الإسلامية التابع لجامعة بكين، إلى أن الخطوة الأولى لترجمة مبادرة الحزام والطريق على أرض الواقع هى الترابط، أى الترابط بين الدول المشاركة فى المبادرة بشبكة طرق وملاحة بحرية وجوية ومرافق اتصالات تعد الأرضية الأساسية لإجراء التعاون الاقتصادى السلس.
وأضاف أنه فى ظل سعى مصر إلى تشييد وتحديث شبكة مواصلات واتصالات حديثة ومتطورة وتمتع الصين بخبرات وافرة ورؤوس أموال كبيرة فى هذا المجال يمكن أن يتحقق التعاون والتكامل بين البلدين ويأتى ثمارا طيبا فى هذا الصدد.
وعلى خلفية إسراع الصين إلى إدخال إستراتيجية مناطق التجارة الحرة حيز التنفيذ وبناء نظام اقتصادى منفتح وجديد وما لذلك من علاقة وثيقة بمبادرة “الحزام والطريق”، يرى الخبير الصينى وانغ ضرورة إطلاق العنان للدور المهم الذى تلعبه منطقة غرب السويس للتعاون الاقتصادى والتجارى بين مصر والصين لتغدو نموذجا يمكن الانطلاق منه إلى دراسة إمكانية إقامة منطقة تجارة حرة بين البلدين مستقبلا.
ومن جانبه ذكر الخبير يانغ، أن منطقة غرب السويس تقام على غرار مناطق صينية اقتصادية خاصة صنعت تاريخا لتطوير اقتصاد مدن صينية مثل شنتشن وشيامن ومن ثم فإن هذه المنطقة المصرية ستمضى على نفس درب تلك المناطق الصينية ولا سيما أن مصر تتمتع بمزايا خاصة عديدة من أبرزها موقعها الجغرافى الفريد كجسر يربط بين قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا.
وأجمع الخبراء الصينيون على أن تسهيل الاستثمارات والتجارة هو الاتجاه الرئيسى لتعزيز التعاون الاقتصادى والمطلب الجوهرى للعولمة الاقتصادية فى عالم اليوم، قائلين إن الرسالة التى وجهها الرئيس السيسى إلى المستثمرين الصينيين خلال زيارته التى اختتمها أمس الجمعة وأكد فيها التزام مصر بتحسين المناخ الاستثمارى واتخاذ كل الخطوات للحد من الإجراءات البيروقراطية تكتب النجاح لمشروع المنطقة وهدفه الطموح.