مصر الكبرى

11:48 صباحًا EET

ماأحوجنا الى الرجـال .. الرجـال !!

يقول المثل المصرى العبقرى : الراجل ( يتربــط ْ ) من لسانه !!وما أحوجنا فى هذا الزمان الردىء ؛ الى تلك العينة الرائعة من الرجال؛فلقد ابتلينا على الساحة السياسية المصرية ؛ومنذ(سقطت ) البقرة الحلوب فى أيدى من لايتقى الله فى دينه وبلده وشعبه بمجموعة ماانزل الله بها من سلطان ؛ كمهرجـــــى السيرك ؛ الذين يلعبون على كل الحبــــال ؛ولديهـــم ( أقنعــة) لكل المواقف والمناسبات !!

وهذا يذكرنا بالنكتة الشهيرة ؛ التى تداولتها الألسنة فى الشارع السياسى المصرى العبقرى ؛ والتى تقول : أن أحدهم كان يعتلى صهوة المشهد السياسى ؛ وكان يذهب لزيارة أسلحة الجيش المصرى المختلفة ؛ فيرتدى ملابس البحرية فى زيارته لجنود البحرية ؛ ويلبس شرطة فى لقائه ببتوع الداخلية ؛ ويلمع بملابس الطيران حين يزور قاعدة جوية ؛ وهكذا !!

ولكنه وقع فى مأزق .. حين دُعى الى مؤتمر نسائى .. فاحتار فى الأمر بينه وبين نفسه : ماذا يلبس ؟ ماذا يلبس ؟ ماذا يلبس ؟ واخيراً ـ كما تقول النكتة العبقــرية التى أطلقها شعبنا الرائع ؛ الى أن ( يلبس : ماتستخدمه النساء فى محاولات منع الحمل !! ) وهى كانت أيامها حملة شهيرة ؛ لمواجهة انفجار الزيادة السكانية ؛ بعنوان ( أنظر حولك !! ) وآسف فى العبارة ؛ ولكن هكذا اطلقت النكتة ؛ والنكتـــــة مايتكدبشى عليها مثل الأحلام فى المنام ؛ كما يقول العجائز !!
والدلالة فى تلك النكتة العبقرية ؛ تعطيك حقيقة هؤلاء الذين يتلونون بكل ألوان الطيف ؛ للخداع والمراوغة ؛ واكتساب تعاطف السذج والبسطاء والدهماء من االمغلوبين على أمرهم ؛ ويريدون مجرد الحياة البسيطة؛ والرضا بما قسمه الله لهم من نسبة (الأوكسيجين) التى توهبهم مجرد انتظام الأنفاس فى الصدور ؛ دون ما تطلع الى رفاهية ؛ أو نظرة بحقد الى مافى أيدى الأغنياء والأثرياء ؛ ويقنع قناعة تامة بعشائه المعجون بدقيق الكفاف وزيت المذلة والاحتياج !!

وآسف فى الاطالة بتلك الجملة الاعتراضية الطويلة ؛ ولكنى أوردها لتمهيد الفكر والوجدان ؛ لبيان الفرق بين رجال ورجال ؛ رجال يتلونون بكل ألوان الطيف لاكتساب أرضية لايستحقونها بين البسطاء والفقراء ؛ بالخداع والمراوغة ؛ ورجال ( ثـقــــاة ) يعلمون أن للكلمة شرف والتزام ؛ مهما كلفهم ذلك من تضحيات ؛ ومتى التزموا بها ـ؛حتى لو كانت على خلاف عقيدتهم ــ فإنهم يلتزمون بها التزاماً ادبياً رائعاً ؛ ويموتوا فى سبيل ( كلمة شرف ) !!
وأســـوق مثالاً على الالتزام بكلمة الشرف ؛ والتى التزم بها رجل من الرجال ( الثقاة ) ؛ فى أيام سيدنا ( محمد ) رسول الله وأشرف الخلق أجمعين ؛ حين عقد العزم على الخروج بدعــــوته مهاجراً الى ( يثرب ) ؛ وبعد أن اشتد عليه الحصار فى مكة ؛ لمحاربة الدين الجديد الذى يبشر بهبعد محاصرة المشركين للرسول صلى الله عليه وسلم ؛ وخروجه من بيته تاركاً ( علــي ) في فراشه توجه الى جبل ثور حيث بنى غاراً ليسكن فيه بضعة أيام قبل توجهه الى المدينة . وفي تلك الفتره كان صلى الله عليه وسلم ؛ بأمس الحاجه الى رجل أمين يقوم بمساعدته في الطعام والشراب أولا.. وإيصال الاخبار الى (علي ) و ( فاطمه ) ؛ و لمعرفة التطورات بعد هجومهم على الدار ثانيا… وأنه بحاجه الى رجل دليل يوصله الى يثرب ثالثا .. فدعا ( صلى الله عليه وسلم ) الله سبحانه أن يهدي له من يكون أهلا لهذه المهمه ؛..فأستجاب الله سبحانه لدعاء الرسول ( صلعم ) فأرسل اليه راعيا أمينا مضحياً عارفاً بكل طرق المدينه ؛ إذ التقى الرسول بشخص يدعى ( عبد الله بن أريقط بن ابى بكر ) فى ( جبل ثــور ) فقال له الرسول : أريد أن أئتمنك على دمـى ؟؟ )… فقال إذاً والله احرسك وأحفظك ولا أدلي عليك…فأين تريد يا محمد ( صلعم ) ؟ فأجاب الرسول : يـثــــــــرب..فقال: لأسلكن بك مسلكا لا يهتدي فيه احد..وبصرف النظر عن ايمانه بعد ذلك من عدمه ؛ فلقد تضاربت الأقاويل عن واقعة دخوله فى الاسلام ؛ أو بقائه على حال عبادة الأصنام ؛ فتلك ليست هى القضية ؛ ولكنها قضية التزامه بالكلمة مع سيدنا رسول الله ؛ رغم حالة الالحاد والشرك التى كان عليها ؛ حين اتفق والتزم ونفذ كلمة الشرف التى أعطاها للرسول بعدم التدليل عليه وتسليمه الى جحافل من يبحثون عنه لقتله
فأصبح عثور النبي ( ص ) عليه من المعجزات الالهيه وإنما من أهم تلك المعحزات ..وأعظم من معجزة العنكبوت والحمامة !!فهو أعظم آية للرسول ( ص ) كما نصَّت الآية 🙁 إنك لا تهدي من احببت لكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين )
ولقد كانت قريش تعرف (عبد الله بن أريقــط ) دليلاً ماهر على الطرق والشعاب ومن المتمسكين بعبادة الأوثان ؛ وبذلك لم توجه اليه أية شكوك !! وهذا ما مكنه من أن يكون خير دليل وواسطه في طعامه ورسائله وطريقه ؛ فجاء الكفار وهو معه في الغار مفتدياً الرسول بدمه مضحياً من أجل هذا الدين ؛ حتى وإن لم يعتنقه ؛ ويخالف معتقداته .
أرأيتم سيداتى .. سادتى ؛ مدى حاجتنا الى هؤلاء الرجال الثقـاة ؛ فى وسط هذا الخضم الهائل من الأمواج المتلاطمة فى بحر السياسة المصرية ؛ وفى وقتنا الراهن ؛ الذى قفز فيه كل من هب ودب ؛ مرتدياً كل الأقنعة وبكافة الألوان الجاهزة لكل مجال ؛ للحاق باقتسام قطعة من كعكة المشهد السياسى الملىء بالمفارقات المرعبة والمخزية فى آن ؛ ونظير اكتساب حفنة من الدولارات ؛ ربما تجعله الآن متصدراً لشاشات العرض ومانشيتات الصحف الصفراء ؛ ولكنه سيكون مع مضى الزمن وحكم التاريخ الذى لايرحم ؛ مسخة وعبرة ؛ لمن أراد الاعتبار خوفاً من كرباج التاريخ والأجيال القادمة ؛ التى ستفضحه فضيحة بجلاجل ؛ ولأن ( جبرتى الشعوب ) لايُسقط حرفاً من ذاكرة الاحساس الجمعى ؛ خاصة فى مصرنا المحروسة .
اللهم اجعلنا أصحاب كلمة شرف ؛ والتزام بقضايا وطننا الذى نرجو له السلامة والمعافاة ؛ والخروج من ذلك النفق المظلم ؛ الذى حفره لنا وبأظافر قذرة ؛ خفافيش الظلام ؛ ودعاة التقهقر والتخلف ؛ ليتعايشوا بسلام آمنين مع بنى وطنهم بلا مؤامرات ؛ لاتخدم سوى أعداء الوطن ؛ ومريدى الفتن والحروب بين أبناء الجلدة الواحدة والنسيج الواحد ؛ وليأخذوا العبرة والعظة من عظمة سيدنا رسول الله ؛ حين استعان باليهودى فى هجرته ؛ وآمنه على دمه ورسالته ؛ وليعرفوا أن ذاكرة التاريخ ؛ لايسقط من دفاترها وأوراقها .. حرفاً واحداً .
اللهــم قــد بلَّغـت .. اللهــم فاشهــد

التعليقات