تحقيقات
ناشونال إنترست: وهم العقوبات الأمريكية على إيران
انتقد الباحث السياسي “آرون أرنولد”، في مقال له نشرته مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية في موقعها على الإنترنت، التحليلات والمناقشات التي تبالغ في تقدير الولايات المتحدة لتأثير العقوبات خلال التفاوض على اتفاق نووي مع إيران، مشيراً إلى أنها “مقامرة محكوم عليها بالفشل”.
ورأى الكاتب أن أي عقوبات جديدة، وخصوصاً تلك المقترحة في إطار “قانون منع إيران نووية” الذي يتسم بالصرامة والقسوة الشديدين، يهدد بإفشال المفاوضات في الوقت الذي توفر فيه وقوداً لمدافع المتشددين في إيران.
ولفت الكاتب إلى أنه قد مرت مهلة ثانية دون إبرام اتفاق شامل بين مجموعة الخمسة زائد واحد وإيران، وتؤكد تصريحات الصقور في الولايات المتحدة على التشاؤم المتزايد إزاء نجاح مفاوضات الموعد النهائي القادم في يونيو (حزيران) لعام 2015، وتؤكد الدعوات المطالبة بتشديد العقوبات تراجع تأييد الكونغرس للمحادثات، وتدعم رواية غير واقعية تفيد بأن الحرمان الاقتصادي سيجبر إيران على تقديم تنازلات.
وأوضح الكاتب أن هناك نقاش متزايد في واشنطن يزعم بأن خطة العمل المشتركة لمجموعة الخمسة زائد واحد مع إيران تقوض القوة التفاوضية للولايات المتحدة، وتوفر لإيران فرصة لإحياء اقتصادها المتراجع، فهذه الخطة، التي وقعت منذ أكثر من عام، تمنح إيران إمكانية الوصول إلى حوالي 700 مليون دولار شهرياً من عائدات النفط، وهو ما سيستمر لفترة التمديد على مدار سبعة أشهر.
ويتفق الكاتب مع حقيقة أن العقوبات ضد الصناعات النفطية والمصرفية الإيرانية تسببت في زيادة التضخم وسط تراجع صادرات النفط، مشيراً إلى أن إيران تبحث عن وسيلة إغاثة، في الوقت نفسه، هناك عوامل أخرى تساهم في الركود الاقتصادي في إيران، بما في ذلك سوء الإدارة الاقتصادية للرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وانخفاض أسعار النفط.
لكن على الرغم من المؤشرات الاقتصادية السيئة نسبياً، يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2% في إيران خلال العام 2014، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى الصادرات غير النفطية والحفاظ على احتياطيات العملة والنمو في قطاع التصنيع المحلي، كل هذه بدأ قبل إدخال أقسى العقوبات حيز التنفيذ، وكذلك قبل أن تجني إيران أي فوائد من خطة العمل المشتركة.
من هنا، يؤكد الكاتب على وجود طرق للتهرب والإفلات من العقوبات دائماً، فعلى الرغم من اعتراف رجال الأعمال الإيرانيين بالتأثير السلبي للعقوبات، فلا يزالون على صلة بالتجارة العالمية، ولكن مع زيادة تكاليف المعاملات.
علاوة على ذلك، سمحت العقوبات للشركات المملوكة للدولة في إيران، التي تفيد في معظمها المرشد الأعلى وأفراد النظام، بأن تستمتع بالنمو المحلي غير التنافسي وتوطينه. وتعزيز العقوبات في هذه المرحلة لا يؤدي إلا لمزيد من تركيز السلطة الاقتصادية داخل النخبة السياسية في ايران وأضعاف النفوذ الأمريكي للتفاوض على اتفاق ناجح، بحسب الكاتب.
ويرى الكاتب، وهو باحث سياسي ومشارك في مشروع إدارة الذرة بمركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية في جامعة هارفارد، أن إيران ستطالب في أي اتفاق برفع أقسى العقوبات أولاً وهي تلك التي فُرضت عليها منذ عام 2012 التي تستهدف القطاعات المالية والطاقة والشحن والتأمين، مرجحاً عدم تنازل أوباما عن العقوبات الأكثر تأثيراً دون ضمانات راسخة بامتثال إيران، مع الإبقاء على العقوبات التي فُرضت لمعالجة الإرهاب والقضايا الإنسانية وهو ما سيتسغله المتشددون الإيرانيون لتغذية المزاعم بأن العقوبات لا علاقة لها بالقضية النووية، وستتصاعد هذه المزاعم حتى لو نجحت المفاوضات.
وقال الكاتب في ختام مقاله: “لقد مضى أكثر من ثلاثين عاما على معاناة إيران من الحظر التجاري والعقوبات المالية، لكنها لم تقدم أي تنازلات بشأن برنامجها النووي، وعلى الرغم من العزلة المالية الكاملة تقريباً، تواصل إيران إبداء مستوى مذهل من المرونة، ومواصلة دعم المطالبات بتعزيز العقوبات لن يقوي إلا المتشددين الإيرانيين، ويعزل المؤسسات المالية العالمية، ويضر بشرعية المفاوضات النووية”.