آراء حرة

10:25 صباحًا EET

كواعب أحمد البراهمي تكتب: نتعلم منهم

أتذكر يوما كنت أعمل في مكتب وكانت المنسقة ( السكرتيرة ) التي تعمل بالمكتب هندية – تحمل الديانة الهندوسية ( من عبدة البقر ) وكثيرا ما كانت تحاول إقناعي بأن أكل اللحوم يعجل بالشيخوخة وأن الأفضل أن أكل خضروات وفواكه فقط – وكانت تقول إنها نباتية. وطبعا أن لا أستجيب لاني نشأت في مجتمع يظهر قدر كرمه بعدد قطع اللحمة التي يقدمها للضيف ( هذه مزحة طبعا ) المهم علمت أنها لا تؤمن بالله الواحد القهار .

وذلك جعل مني مراقبة لسلوكها وما يصدر منها حبا في أن أعرف بماذا بأمرها إلهها الذي تعبده .وللحق أقول كانت إنسانة خلوقة هادية تعمل شغلها علي أكمل وجه , وبمنتهي الإخلاص , لا تتحدث عن أحد في غيبته . تعامل أسرتها كأحسن معاملة , كانت تحكي إنها تستيقظ في الخامسة صباحا لتوقظ أولادها وتفطرهم ثم يذهبون للمدرسة الساعة السادسة , وتوقظ زوجها وتعد له الفطور ليخرج في السابعة ثم تكون هي بالمكتب الساعة الثامنة .

لم أرها يوما ففي موقف مشين , لا تحب الحديث مع الرجال وحديثها كله محوره العمل ولا تضحك بلا سبب ولا بشكل بذئ.كانت ملتزمة , وذلك يؤكد لي أن الصفات الشخصية موجودة في الطباع , وإلا لما قال الرسول صلي الله عليه وسلم خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام , ولكن الدين ينظم تلك الصفات , وقد يغير من طبائع البشر إلي الأفضل لمن أراد الله لهم الهداية وأيضا قد يكتسب الشخص الصفات الحسنة أو السيئة من البيئة .

ولكن ما لفت نظري وما أردت الحديث عنه في تلك الفترة بالذات التي تمر بها بلدنا . هو انه عندما أتي إلي المكتب (أوفس بوي) . عامل بالمكتب. كان هندي الجنسية , من دولتها , وكان مسلم الديانة فكانت معه كالأخت الشقيقة , كانت تريد تعليمه اللغة , ويتحدثان كثيرا جدا , وتنصحه لأنه مغترب جديد , كانت تساعده علي قدر إستطاعتها وسألت له مدرب ليتعلم القيادة وكانت دوما تسأله عن اخباره .

عندما تسمعهما تشعر أنهما أخوين شقيقين ولا أنكر أنني شعرت بالغيرة من تلك الدولة التي يتعامل فيها البشر بهذا الحب . وحد بينهم الأقليم الواحد , بالرغم من إختلاف الديانة إختلافا جذريا فهي لا تؤمن بوجود أنبياء إطلاقا , ولكنها تحسن معاملة الناس وتحسن معاملة أبناء بلدتها . وذلك بعكس بعض البشر الذين لا يكتفون بالبعد وعدم المساعدة لأبناء بلدهم أو للناس عموما , ولكن قد يكونون السبب في الإيذاء حتي ولو بطريق غير مباشر , طبعا لا أقصد بذلك أشخاص بعينهم , ولكن رأيت أيضا وكثيرا ما حدث ذلك , وليس معني ذلك أن كل أهل الهند بنفس الصفات , ولكن أردت أن أوضح أننا في وقت نحن أحوج فيه للتكاتف ,ولحب بعضنا البعض ,والعمل علي نهضة بلدنا .

نحن بحاجة لأن نحب بلدنا أكثر . لأن يحب كل منا الخير للآخر . محتاجين أن لا تفرقنا سياسة ولا أن نخضع لمن يزرعون الفتن . لأن الفتنة أشد من القتل . ولو نظرنا للوطن العربي لوجدنا الفتن في كل مكان وفي كل بلد , وكأنه مخطط بل هو فعلا مخطط للقضاء علي الوطن العربي بأيدي أبنائه . فيجب علينا أن نتوحد ولا نجعل للفرقة مكان بيننا , فلو نظرنا إلي الدين الإسلامي لوجدنا أن حرصه علي الجماعة هو أهم ما أتي لأجله , في صلاتنا وفي صيامنا وفي حجنا ., إن الله يحب أن يرانا جماعة – فهل نحقق لله ما يحبه, هل نتقن أعمالنا لأن الله يحب أن يري منا ذلك ؟ هل يحاول كل شخص مع نفسه أولا .

التعليقات