مصر الكبرى
عبد الله رسلان يكتب … ياوتشو مصري
تعد مصارعة السومو اليابانية واحدة من أشهر الرياضات في العالم سواء كانت تنافسية حقيقية أو ترفيهية، وهي رياضة فريدة من نوعها وعريقة للغاية، وتحظى بشعبية كبيرة في اليابان على كل المستويات،وفي السنوات الأخيرة بعد متابعات وتحليلات والأهم شهادات من أبطال سابقين في اللعبة ظهرت ادعاءات بأن هناك فسادا كبيرا يحيط باللعبة يتمثل في الغش المتعمد من اللاعبين وخصوصا الأبطال للتلاعب بنتائج المباريات،
ولم تلق هذه الاداعاءات رواجا في اليابان لأسباب متعلقة بأهمية اللعبة وتغلغلها في المجتمع الياباني، ومع مرور الوقت حدثت اغتيالات لأبطال سومو سابقين حاولوا الإدلاء بشهاداتهم وأفراد آخرين كانوا يحاولون تقصي الحقيقية وراء الادعاءات، المهم أنه ثبت في النهاية وجود تلاعب وغش وفساد مذهل يتم إدراته بحيث لا يكشف عنه، ولأن الأفراد العاديين الذين لا يمارسون هذه الرياضة القاسية في تدريبها لا يمكنهم تبين أين يكون التلاعب، فجاءت تحليلات الخبراء الحسابية وشهادات الأبطال السابقين لتؤكد أن الأبطال في المراتب المتقدمة يتعمدون التلاعب بالنتيجة لأن كل اللاعبين المتصارعين فائزون في النهاية حيث أموال المراهنات الهائلة والدعاية، وتصبح المنافسة في حقيقتها محاولة لتزييف الواقع وإثارة المشاهدين لتمتليء جيوب قائمة طويلة من المستفيدين، هذا هو ما يعرف بالياوتشو أي الفساد والغش وراء الكواليس، وهذا ما يحدث في مصر، ياوتشو مصري حيث يغش الجميع الجميع، ولكن المؤلم أن الأمر لا يدار بحيث لا يكشف! بل يعرف الجميع النصابين بالاسم وماذا يبيعون وأين سيبيعونه، وليس هذا سياسيا وحسب بل على كل المستويات.يتصارع الكبار أو من يصبحون كبارا لأن آخرين صنعوهم أمام العامة من الناس ليثبت كل واحد أنه صاحب الفكرة ومبدع الحل لإثارة المشاهد ثم ينتهي المشاهد إلى مشاهدة لا تنتهي وتمتليء جيوب المتصارعين ويروحوا يتعشوا سوا!!قبل الثورة في مصر لم يكن القطاع الأكبر من المصريين يصدق جماعة انقلاب يوليو أو يثق في كلامهم مع أنهم كانوا يبيعون بضاعة رغم فسادها فإنها كانت تبدو ملموسة مثل صحة أفضل وتعليم ممتاز وطريق مرصوف، في حين أنه بعد الثورة صدق أغلب المصريين جماعات تبيع بضاعة في علم الغيب أو ووعود غيبية مثل الفوز بالجنة والنجاة من النار ورضا الخالق!! لا يستقيم هنا أن ندعي أن الفساد فساد البائع لأن الحقيقة أن الكل يبيع الكذب والانحطاط في سوق لا يمكن تصور أن تباع فيه بضاعة حقيقية.الياوتشو المصري ربما يكون الأكثر فجورا في المنطقة، فحتى الخداع والمناورة والنصب أحيانا يكون براغماتيا مؤقتا، أما أن يكون المنهج كله نصب وكذب فهذه حالة فريدة! والخطير جدا هنا هو أن يكون هذا هو سلوك مصر في الإقليم، فمثلا قال الرئيس المصري في مناسبة ما بأن معاهدة السلام لا تعني أن تعتدي إسرائيل على فلسطين، ثم صمت الرجل تماما عندما اعتدى الجيش الإسرائيلي على شمال السودان! فهل فلسطين دولة شقيقة والسودان التي تربطنا بها مصالح أكبر من قطاع غزة ليست دولة شقيقة؟ إن ما يعانيه السودان اليوم من انقسامات وتطاحن هو أخطر مما يواجهه قطاع غزة الحمساوي.تبقى نقطة شديدة الأهمية في خضم النصب ولعب العيال الذي لا ينتهي وهي سيناء، تحدث المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة منذ أكثر من شهرين عن جداول زمنية وهدم أنفاق وخطط أمنية وتبين أن كله نصب أيضا، فسيناء اليوم أسوأ من الأمس، وتبدو هذه الأرض الاستراتيجية المهمة جدا حبيسة كامب ديفيد وكامب مبارك وكامب مرسي، فيدعي المصريون أن كامب ديفيد عائق في طريق الحفاظ على سيناء، ويدعي الإخوان أن كامب مبارك بمعنى سياساته ونظامه هو العائق، ويدعي مرسي أن حصار قطاع غزة والإرهاب هو العائق وأنا أدعي أن الياوتشو المصري هو العائق!