مصر الكبرى

10:25 مساءً EET

ظل رجل وعريس الشجرة

كانت في الثامنة عشرة من عمرها عندما التقت به لأول مرة مصادفة في شركة والدها، تقرب منها وتودد إليها وصارحها بحبه ورغبته في الارتباط بها، ولإنها الأبنة المدللة لأبويها لم يستطع والدها رفض العريس أمام إصرارها وتمسكها به رغم عدم اقتناعه بشخصيته،فلم يكن من وجهة نظره العريس المناسب الذي يرضى به زوجا لابنته خاصة وإنها لم مازالت تدرس بالجامعة .

ولأن العريس لم يكن يمتلك المال الكافي لتقديم الشبكة وإقامة الفرح أو تجهيز عش الزوجية فقد تكفل والدها بكافة المصاريف، وكانت الأم تدفعه الى ذلك بقوة بحجة أنها الابنة الوحيدة ، و تريد أن تفرح بها وتراها عروسا في بيتها قبل أن توافيها  المنية.
تزوجته وكان موظفا بسيطا في شركة والدها، وقام الوالد بترقيته وإعطائه منصبا ورفع راتبه حتى يستطيع الإنفاق على بيته، ورغم ذلك كان يمد يده لها مطالبا إياها بالذهاب إلى والدها لمساعدتها فالراتب لا يكفي، ولأنها كانت تحبه كانت تفعل ما يريد دون مناقشة. وكان والدها لا يبخل عليها بأية مصاريف تطلبها، وكان مبدؤه أنه طالما أن الله سبحانه وتعالى منحه المال فلماذا لا ينفقه على ابنته ويعينها على الحياة، ومرت أربع سنوات كاملة استسهل فيها الزوج الحياة مع زوجته التي كان يقودها مغمضة العينين منفذة لكلامه دون مناقشة أو تذمر.
تعثرت في دراستها الجامعية بعد أن أنجبت طفلا صغيرا، شغل معظم وقتها، لكن رسوبها المتكرر لم يعجب والديها اللذين آمنا دائما بأهمية تعليم المرأة وحصولها على شهادة جامعية تكون سندا وعونا لها في وقت الأزمات والحاجة، إلا أن زوجها أراد أن يشغلها عن دراستها ويثنيها عن عزمها للحصول على الشهادة مستهزئا، وكان كلما رآها تستذكر دروسها، يؤكد لها أن ما سترثه عن والدها بمليون شهادة من التي تنوي الحصول عليها.
بدأت تمله وتشعر بأنه زوج لا فائدة منه، فمعه لم تحقق شيئا يذكر، فلم يكن هو الرجل الذي تحمل مسؤوليات زوجته وابنه وبيته، ولم يكن هو الرجل ذا المكانة العملية التي نالها بكفاءته، ولكن ما وصل اليه كان بمساعدة والدها، ولم يكن أيضا هو الرجل الذي يدفعها كامرأة كي تحقق طموحها في نيل شهادتها العليا.
تيقنت أن والديها يريدان مصلحتها، فاهتمت بدراستها، واجتهدت ونالت شهادتها العليا، وطلبت من والدها أن تعمل معه في إدارة الشركة، وبالفعل بدأت تمارس مهام عملها، وتنقلت في كافة الأقسام لتنال الخبرة المناسبة قبل أن تتسلم منصبا إداريا، وقبل أن تنال مرادها مات والدها فجأة.
وبعد سنة من وفاة والدها، جاءها محاسب الشركة يخبرها أن الشركة ستفلس بسبب ديونها المتراكمة، هالها ما سمعت وحاولت أن تستفسر عن الأمر، فاكتشفت أن زوجها هو الذي أوصل الشركة الى الإفلاس بسبب سحبه لكل الأموال وكتابة شيكات باسم الشركة وغيره.
وفي النهاية أغلقت الشركة، وعندما طالبت زوجها برد أموالها طلقها وهرب تاركا لها طفلا وديونا متراكمة، تركت بلدها وسافرت إلى بلد خليجي  بحثا عن فرصة عمل وكانت شهادتها الدراسية عونا لها، ووفقها الله سبحانه وتعالى لتبدأ حياتها من جديد، وبعد عام تقدم لها أحد زملائها في العمل وله نفس ظروفها، مطلق ولديه طفل في نفس عمر ابنها، رفضته لأنها لا تريد ان تكرر تجربتها السابقة بزواج جديد فاشل، إلا أن والدتها أقنعتها بالعدول عن قرارها بعد إلحاح من هذا الزميل وكانت تردد على مسامعها دائما(عريس في اليد خير من عشرة على الشجرة) و(ضل راجل ولا ضل حيطة). فتزوجته، ولم يكن أفضل حالا من الزوج الذي سبقه.
فقد كان نموذجا مماثلا للزوج السابق،وكان لا يخجل من مد يده لها في كل اول شهر ليأخذ راتبها بحجة أنهما يجب أن يضعا أموالهما في سلة واحدة،ثم يقوما بالأنفاق من تلك السلة ومايتبقى هو للإدخار يمكن تقسيمه عليهما مناصفة، والحقيقة أن مرتبها كان يعادل ثلاثة أضعاف مرتبه، وبحسبة بسيطة وجدت أنه هو المستفيد الأول والأخير من تلك السلة وأنها هي الممول الأول للحياة الزوجية
تمردت على أسلوبه وواجهته بحقيقة الأمر والخدعة التي يعتقد إنها ستمر عليها،فتحول إلى ثور هائج ينعتها بالمرأة الأنانية الفاشلة والمادية،فهددته باللجوء إلى المحكمة لطلب الطلاق إذا لم يفعل ذلك بنفسه،ولشدة خوفة من أن يصل الأمر إلى مديره في العمل طلقها،لملمت ملابسها وخرجت من باب المنزل وهي تحتضن صغيرها وهي تهمس في أذنه طالما لدي شهادة دراسية وعمل شريف أكسب منه المال فلا شيء مهم،وضل حائط أفضل من كائن يسرقني ويعيش عالة علي .

التعليقات