مصر الكبرى
لحظة الحقيقة.. قادمة
اذا كانت لحظة انخلاع مبارك فى مساء ١١ فبراير ٢٠١١ هى لحظة الحقيقة الاولى فى مسار ثورة الشعب المصرى الغير مسبوقة فان انتخابات رئيس يومى ٢٣ و ٢٤ مايو تمثل لحظة الحقيقة الثانية فى مسار هذه الثورة التى ما زالت تناضل من أجل بناء نظامها الجديد القادر على تحقيق أهدافها، وعليها ان تستمر فى نضالها لأن الطريق لا يزال طويلا أمامها ، فإذا كانت لحظة الحقيقة الاولى كانت إيذانا ببدأ تصدع وانهيار النظام الذى صمد على مدار ٦٠ عاما بكل إنجازاته والاهم بكل اخفاقاته ، فان لحظة الحقيقة الثانية تمثل إيذانا ببدأ مرحلة وضع الأساس للنظام الجديد الذى لم تتبلور ملامحه بعد رغم ما حققه تيار الاسلام السياسى فى الانتخابات البرلمانية وما هو منتظر ان يحققه فى الانتخابات الرئاسية لأن التفاعلات المجتمعية لا زالت على أشدها
بعد غياب لاكثر من ٦٠ سنة عن المشاركة السياسية الحقيقية
، وعلينا ان نتذكر ان هتاف الجماهير الثائرة خلال الثمانية عشر يوما الحاسمة كان .. الشعب يريد إسقاط النظام .. ولكن لم يكن لديها رؤية واضحة عن ماذا بعد إسقاط النظام ؟ وهو ما أتاح الفرصة للقوى المضادة للثورة لتفعل ما فعلت وترتكب ما ارتكبت من جرائم على مدى الفترة الماضية وما يمكن ان يرتكب خلال الايام القليلة الباقية حتى نهاية انتخابات الرئاسة وتسليم السلطة ! لذا فان اللحظة التى نمر بها الآن هى لحظة مواجهة الحقيقة لكل القوى والأطراف وفى مقدمتها المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذى كان يتولى السلطة من لحظة انخلاع مبارك وحتى لحظة تسليم السلطة وكان ملئ السمع والبصر وبعض اعضائه يصولون ويجولون فى كل شئون البلاد باجتهادات أصابوا أحيانا وأخطأوا فى أحيان أكثر استقبلهم الشارع بترحاب واعتزاز وارتفع شعار .. الجيش والشعب ايد واحدة .. ثم وفى تحول دراماتيكى انقلب الشعار الى .. يسقط يسقط حكم العسكر .. !! والآن اصبح على المجلس العسكرى مواجهة لحظة الحقيقة وهى انتهاء دوره السياسى وعليه ان يترك السلطة ويسلمها للمؤسسات الشعبية المنتخبة وعليه وهو الأهم أن يقدم كشف حساب يحفظ للقوات المسلحة قدرها ومكانتها الوطنية فى وجدان الشعب المصرى بتقديم اجابات مقبولة عن كل ما يمكن ان يثار عن ادائه خلال فترة توليه السلطة وان يعود الى قواعده سالما لإعادة ترتيب منظومة القيادة والسيطرة فى القوات المسلحة طبقا للقوانين التى تحكمها ولتتفرغ القوات المسلحة لواجبها المقدس فى الدفاع عن الوطن وحمايته ولتطوى تماماً صفحة انغماسها فى بحور السياسة وهى عملية تحتاج الى إرادة وتقدير للمسئولية الوطنية والتاريخية ستحسب لهم بلا شك وتقديرها سيكون عظيما لو يعلمون ، اما الطرف او القوة الثانية فهى قوى تيار الاسلام السياسى بكل تنويعاته الاخوان المسلمين فى مقدمته والتيارات السلفية الصاعدة ومن بقى من الجماعات الاسلامية الأخرى  والمتعاطفين معهاوهى القوى التى استشعرت الأغلبية انها الوحيدة المنظمة وربما تكون الأقدر على تحمل مسئولية وضع أسس النظام الجديد بعد استكمال إسقاط النظام السابق فى هذه المرحلة الملتبسة وهو اختيار يمكن تفهمه فى ظل هذه الظروف ولا يمكن اعتباره اختيار مطلق وهذا ما يجب ان تدركه تلك القوى، اذا هى امام اختبار صعب ومسئولية جسيمة وعليها ان تتصرف بقدر عالى من المسئولية وأيضاً الحرص وتجنب السقوط فى هاوية الغرور والتعالى بحكم حصولهم على الأغلبية البرلمانية وفى الاغلب الرئاسية طبقا للشواهد على أرض الواقع فى أنحاء مصر وقراها ونجوعها التى تمثل الأغلبية التصويتية الحقيقية فى مصر نتيجة الانتخابات ليست هى نهاية المطاف ولكنها بالنسبة لقوى الاسلام السياسى هى بداية التحدى وعليهم مواجهة اللحظة بشجاعة ووضوح ، الطرف او القوة الثالثة هى فى الحقيقة مجموعة القوى الوطنية المدنية من اقصى يسارها الى اقصى يمينها والتى شاركت او أيدت او تعاطفت او حتى مجرد رحبت بثورة الشعب المصرى وهذه القوى يميزها حسها الوطنى ولكنها تعانى من التفرق والتشرزم وهو ما قلل فرصها فى الانتخابات البرلمانية واهدر فرصها فى الانتخابات الرئاسية رغم خطابها الثورى وشعاراتها البراقة الشعبوية ولكنها اقتربت من شارع يفتقد الى القوة التصويتية المؤثرة فى نتائج الانتخابات رغم امتلاكه للقوة – الصوتية – عبر وسائل الاعلام وتلك القوى المتعددة عليها أيضاً ان تواجه لحظة الحقيقة بشجاعة ودون صوت عالى وضجيج أعلامى بان تتوافق فى تيار قوى موحد يمكن ان يلعب دور المعارضة السياسية المؤثرة فى مواجهة الأغلبية الاسلامية ثم يدرس أخطاءه وكيف يتعامل معها بواقعية أى كيف يصل الى الجماهير الحقيقية لا ان يكتفىى بمعايرتها بفقرها واحتياجها الى ابسط الاشياء من كيلو السكر الى الزيت والأرز ! ويفكر كيف يوفر لهم تلك الاحتياجات ، يبقى الطرف او القوى الاخيرة وهى أيضاً مجموعات متنوعة ابرزها فلول النظام السابق وهم كثر ومن كانت مصالحهم ترتبط به وهم أيضاً كثر،  منهم من كان من أركان النظام ومنهم رجال اعمال تماهوا معه ومنهم رجال إدارة وبيروقراطيين كبار ومنهم أكاديميون ومثقفون وسياسيون لعبوا دور المعارضة الوهمية وكانوا قد توهموا فى المجلس العسكرى بديلا أو استمرارا للنظام القادر على الحفاظ على مصالحهم ،  وسيكونوا اكثر الأطراف صدمة بتسليم المجلس العسكرى للسلطة وربما سيبقوا غير مصدقين لفترة طويلة وتلك القوى على وجه التحديد ستكون مواجهتها للحظة الحقيقة شديدة الصعوبة ولكن عليها ان تعد نفسها لها واضعة فى اعتبارها ان كل أقنعتها قد سقطت فلا داعى لمحاولات خداع الشعب من جديد..  ولا تزال هناك لحظات عديدة للحقيقة  طالما بقيت الثورة مستمرة وستنتصر … أفيقوا يرحمكم الله…