مصر الكبرى
حاتم ندا يكتب … نخبة بن !
دائما كان لمصر وجهان احدهما براق ومخادع واخر مظلم وموجع فهناك دولة السلطان ودولة الفقراء دولة نحاول دائما ان نخدع بها انفسنا ونروجها للعالم واخرى نتنصل منها ونبررها كاستثناء , هذه الرؤية المزدوجة للحياة هى اخطر الامراض الاجتماعية والنفسية التى يعانى منها المصريين وقد كنت اعتقد خاطئا ان هذه الازدواجية تقتصر على المقهورين اجتماعيا فقط كما نظر الكثير لها من علماء الاجتماع عبر مايسمى بثقافة القهر التى تنتج تلك الازدواجية لكن يبدو ان هذا المرض لم يستثنى احد حتى ممن هم على قمة الهرم الاجتماعى والسياسى للدولة ممن يمثلون نخبة البلد وخلاصة عقله.
لذا لا عجب من افعال من هم فى سدة الحكم ايضا وتناقض الافعال مع الاقوال بدرجة تثير الدهشة اذ يبدو ان اللغة ايضا قد فقدت معناها واصبح لها معان اخرى تعنى عكس مفاهيمها المعتادة .ولعل ما يهمنى هنا هو موقف النخبة المفترض فيها التنوير ونشر الحدائة والافكار الجديدة والجيدة التى يمكن ان تنير ظلام دولة رازحة تحت ظلام الجهل والاستبداد منذ عقود اذ تبدو حالة الميوعة والتردى مثيرة للحيرة والارتباك فسابقا كان يمكن لنا ان نتفهم تبريراتهم مع وجود دولة مبارك البوليسية وادعاءاتهم ان الاستبداد امر مفروض وليس اختيار منهم لكن مع مجئ يناير بطلت هذه الحجة وانكشفت حقيقة ان الاستبداد كان قبولا واختيارا لكن ذهب مبارك ولم تنفذ الحجج.الان وبعد تضحيات المجهولين المغدورين من ابناء الوطن لم يعد مقبولا التحجج والمماطلة فقد نفذت جميعا خلال مايقارب من سنتان هما عمر الثورة الوليدة تلك الازدواجية التى اصابت جسد الثورة بنزيف داخلى مستمر ومميت فالنخبة الكسيحة المهادنة هى سبب ماالت ايه الثورة من تردى واصبحت الخطب والاقوال الفارغة قاسما مشتركا لمن تلقفوا سدة الحكم بالموالسة وبمشاركة نجوم النخبة ايضا .يلح علينا نجوم النخبة بالتنظير والمقالات عن الثورة والنضال عبر واجهة براقة لكن من جهة اخرى نرى افعال عكسية تماما وهو الوجه المظلم فهاهو احدهم ينشد فينا ما لانضل بعده لكن وياللعجب نجده مستشارا لرئيس منعدم المشروعية واخر وزيرا واخر على قمة حزب كرتونى واخرون يتقافزون من مجلس الى اخر عبر مجالس تعددت اسماءها لكن اتفقت جميعا على تقويض الثورة واحتقار الشعب وفرض الوصاية عليه, كل هذا عبر الازدواجية الملعونة التى سمحت لهم بالتحايل النفسى على ضمائرهم من اجل المشاركة السياسية الانانية فقط والتى لعبت دور المحلل للعسكر ووزارتيه الفاسدتان كذا مررت الانتخابات الفاسدة ومن قبلها الاستفتاء الافسد كى يتم فى النهاية تقويض الثورة والالتفاف عليها ودائما كانت الرغبة فى الحصول على اية ادوار او الظهور وتصدر المشهد السياسى هو هدفهم الاسمى وليس مجرد وسيلة نحو التغيير وتنوير الناس حتى انى احسهم يرقصون طربا كلما المت فاجعة كى يعيدون الكرة من جديد ويطلون علينا مرات اخرى فيتصدرون مشهد الشارع نهارا كى ينتقلوا ليلا الى صدارة الفضائيات فاللشعب المصرى نخبته الانتهازية بامتياز يحسد عليه.حتى القضايا الخارجية لم تسلم من تلك الازدواجية فى التفكير والتعامل مع الدول الاخرى نجدهم جميعا ضد القوة الكبرى وهيمنتها وسياستها الاستعمارية فى المنطقة ومن ناحية اخرى نجدهم ضيوف دائمين على موائدها المتعددة حتى من يدعون التدين الزائف ممن ابتلينا بهم يرفضون السلام الوطنى المصرى ويحجون لسفارة الدولة العظمى طربين بسلامها الوطنى, حتى الثورة السورية لم تسلم من هذا ايضا فالجميع مع الشعب السورى فى محنته لكن شريطة الانتقال السلمى للسلطة والتفاهم مع نظام الممانعة الوهمى حفاظا على الدور التاريخى السورى وعدم وقوعها فريسة للقوى الظلامية الشريرة وكان الامر لعبة وكان للشعب السورى بديل عن الله فى حربه الغير متكافئة وكأن الشعب السورى يمتلك رفاهية الاختياروان يقوم بثورة ثقافية كفرنسا فى منتصف كاوروبا حتى الرئيس المؤمن نفسه الدائم الاشارة للثورة السورية وياللعجب ينسى باقى الثورات وكانها رجس من عمل الشيطان قمة التناقض.وتذكرنى هذه الازدواجية بالتعبير العبقىرى للراحل الحاضر رضا هلال عن جماعة بن لكن التى كانت تدعى انها ضد صدام حسين لكن فى نفس الوقت ضد اى تدخل لتغييره فالنخبة مع الثورة لكن تجلس مع العسكر وتضفى عليهم المشروعية من اجل الثورة ايضا كما انها مع التغيير الجذرى لكن تشارك فى الانتخابات من اجل النضال السلمى كذا هى ضد شفيق لكن لامانع من مساعدة مرسى والاخوان فى الوصول للسلطة وكله من اجل مصر كذا هى ضد بشار لكن ضد اسلمة الثورة او اى تدخل لنصرة الشعب السورى.لكن اقولها انا هذه المرة متى تتخلون عن انتهازيتكم والتصدر لمشهد ثورى لم تشاركوا فى صنعه متى تكفون عن لعب هذا الدور البائس الذى يرسم ملامح مستقبل شباب فجر ثورة لم تكونوا على قدر مسئوليتها متى ترفعون الوصاية وتتطهرون وتعترفون دون تقية فى كلام او كتابات ام ينحصر دوركم على مجرد اقتسام الغنائم فقط وينحصر دور الشباب على التضحية حتى النهايةوياللعجب من اشخاص تدعى القيادة التف حولها الملايين مروجين مبهورين واحيانا اخرى متعبدين ذاهلين لكن دون جدوى ودون مجيب وتلك ماساة اخرى.وهاهى النخبة تشارك مرة اخرى فى ولس تمرير دستور بدائى فاسد كما شاركت من قبل فى ولس تمرير انتخابات برلمانية فاسدة ورئاسية اكثر فسادا ومن قبل استفتاء مهين حتى انى اجزم ان بعضا ممن يناهضون اللجنة التاسيسية الان لو تمت دعوتهم للمشاركة لتبدلت مواقفهم فهم دائما مستعدون للنضال لكن من فوق الكراسى ومن اجلها فقط.لذا نجد الاحزاب المصطنعة مؤخرا هى مجرد صورة باهتة من تلك الازدواجية ورغبة النخبة فى التصدر والاستحواذ فهى على شاكلة النخبة تماما مجرد واجهات للظهور ولعب دور اعلامى فقط لكن وجهها الحقيقى غائب تماما عن الاتصال بالجماهير ولا يعنيها فى شئ ان يكون لها جذور حقيقية فى الشارع بين ابناء الشعب وتصبح مجرد مكلمة عن الديمقراطية والمشاركة وهى اشد دكتاتورية وتسلط من نظام مبارك نفسه وبدلا من المقاومة والنضال عبر صراع حقيقى وقوى ورفض كل الفساد الذى تصدر المشهد السياسى ورفض الانتخابات الشكلية ورفض مرسى وجماعته راهنت النخبة على احدهما والباقى على المرشح الاخر طمعا فى لعب دور مستقبلى فالتكيف السلبى هو اقصى ادوارهم اما المقاومة فهى خارج السياق لذا يمر الوقت وتبقى خريطة القوى السياسية على ماهى عليه من ضعف ودون تغيير حتى تفاجئنا انتخابات جديدة بنفس القواعد الفاسدة ونفس اللاعبين المكسحين ونفس الملعب تنتج مجرد تغييرات شكلية فقط ويبقى الهيكل دون تغيير اذ يبدو ان فساد دولة مبارك لم يستثنى احد وامتد الفساد الى كل شئ حتى الى النخبة المفترضة المعارضة شكلا والمتماهية مع النظام السابق موضوعا .لذا اعتقد ان الثورة المصرية قد تجاوزت نخبتها بمراحل كبيرة واصبحت نخبة منتهية الصلاحية تماما ولا مفر من انتظار نخبة جديدة وقوى سياسية جديدة وحقيقية تعبر عن التحول وعن اخلاقيات الثورة وتمتلك جذورا حقيقية لدى الناس تكون على قدر المرحلة التاريخية والمسئولية التى تبحث عمن يتصدى لها , نخبة لا تعانى امراض الازدواجية والقهر ولا تستخدم التقية فى التعبير عن مواقفها تمتلك الشجاعة الحقيقية لكشف وتعرية امراض المجتمع دون خوف ودون خطوط ملونة ومستعدة للتضحية من اجل وطنها لا من اجل لعب دور المحلل الدائم للسلطان