مصر الكبرى
الدستور .. لا تراجع ولا استسلام
نجح الاخوان وساعدتهم التيارات المتعددة والمتشتتة التى تلعب دور المعارضة حتى الآن على الاقل فى معركة الدستور وهى الأهم على الاطلاق لو تدركون ، تركوا الجميع يتجادلون ويتشاحنون حول قضية وهمية اسمها معايير تشكيل الجمعية التأسيسية والمطالبة بحلها بدلا من التركيز على مضمون ما يتم إعداده من دستور بمواده المختلفة والذى سيؤسس للنظام السياسى القادم فى مصر لسنوات قد تطول ، وشغلوا الناس بتسريبات حول مواد لم ولن يتمكن احد من تفعيل مضمونها باى حال لانها تتعلق بقيم معنوية مطلقة مثل الكرامة وحرية العقيدة وغيرها بينما شغلوهم عن المواد المؤثرة فعلا على نظام الحكم والسلطات التى ستمارسها على الشعب ،
واستهلكوا الوقت بمهارة فى المنازعات القضائية حول تشكيل الجمعية التأسيسية بينما العمل يجرى فيها على قدم وساق لإعداد مشروع الدستور فى صيغته النهائية بعد اطلاق مجموعة من بالونات الاختبار المتتالية بمسمى المسودات بينما المشروع معد وتجرى عليه بعض التعديلات الطفيفة ، قالوا مبكرا انهم يريدون نظام برلمانى وبعد طول لف ودوران جعلوه برلمانيا فى آخر تعديل مطروح بالنص على ان الرئيس يكلف الحزب او الائتلاف الحاصل على الأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة وبالطبع سيتم تعديل المواد المرتبطة بذلك ، وليس لدينا مشكلة فى ذلك ولكن فقط نضرب مثالا للأسلوب المتبع حتى يخرج علينا فى اللحظات الاخيرة قبل الاستفتاء مشروع الدستور الاصلى المعد سلفاً ولن يكون أمامنا وقت للمناقشة العميقة لمواد اكثر خطورة اشرت اليها وسأظل اطرحها وهى تلك المتعلقة بالدفاع والامن القومى وسلطات الرئيس المطلقة دون ضوابط تلك الضوابط التى اصبحت حاكمة فى كل النظم الديموقراطية الحديثة واستدعاء قوانين استثنائية وضعها عبد الناصر فى عام ١٩٦٨ عقب هزيمة يونيو وعقب محاولات الانقلاب عليه من عامر وجماعته لفرض سيطرته على القوات المسلحة ووضع تلك القوانين التى تخطاها الزمن فى الدستور وتحصينها وهو امر لم يفعله لا عبد الناصر ولا السادات ولا مبارك وان كانوا أبقوا عليها كقوانين يمكن تفعيلها اذا احتاجوا اليها لفرض سلطاتهم الشمولية كما فعل مبارك عندما أصر الشعب على خلعه فاستدعى ما يسمى بالمجلس الاعلى للقوات المسلحة ولم يكن موجودا عمليا وسلمه حكم البلاد وفى الحقيقة سلم الحكم لطنطاوى الذى اصدر قرارا بتشكيل اعضاء المجلس ، والأمثلة عديدة مثل اذدواج منصب وزير الدفاع وهو منصب سياسى مع القائد العام للقوات المسلحة وهو منصب عسكرى احترافى وعدم وجود ضوابط لتعيين القائد العام سوى انه يعين من بين ضباط القوات المسلحة اى بسلطة الرئيس لاختيار اى ضابط من اى رتبة وفى هذا كسر لأبسط قواعد النظم والتقاليد العسكرية المعتبرة ، وما يتعلق بميزانية القوات المسلحة وحجبها عن اى لجنة برلمانية تمثل الإرادة الشعبية وهو امر لا مثيل له فى اى نظام ، وعدم النص على اجهزة المعلومات المعنية بالأمن القومى وتحصينها دستوريا وهى المخابرات العامة وايضا الأمن الوطنى الذى يجب فصله عن الداخلية ووضع ضوابط لعملها ومحاسبتها ولكن تم تركها تحت السلطة المطلقة للرئيس دون اى نص ، وغير ذلك كثير !!
لا يجب ان ننشغل بمعركة وهمية حول تشكيل وحل الجمعية التأسيسية او حول مواد لا يملك احد تفعيلها او فرضها على الناس ولكن معركتنا الحقيقية حول المواد المتعلقة بنظام الحكم والسلطات .. ولن نتوقف… ولن نتراجع.. . ولن نستسلم .. وسنصر على دستور يؤسس لدولة
مدنية .. دستورية .. ديموقراطية .. حديثة أريقت فى سبيلها دماء زكية لابناء مصر
افيقوا يرحمكم الله