الحراك السياسي

12:55 مساءً EET

أحمد فهمي يكشف أسرار فترة ما قبل عزل «مرسي»

 أكد الإخواني أحمد فهمي، رئيس مجلس الشورى السابق إن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي رفض في آخر فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي حلاً يقضي بأن يتم تكليفه برئاسة الحكومة، لحين الدعوة إلى استفتاء على الرئاسة أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة .

وأوضح فهمى، أن هناك مبادرات لحل الأزمة التي مرت بها البلاد طرحتها جهات أجنبية ورفضها الرئيس مرسي، قبل عزله من قبل الجيش. وفي أول حوار مع وسيلة إعلامية منذ غيابه عن المشهد السياسي بعد 3 يوليو 2013، أشار فهمي إلى أن أطرافا داخلية وخارجية مارست ضغوطا علي مرسي للقبول بتغيير الحكومة، علي أن يترأسها محمد البرادعي القيادي بجبهة الإنقاذ، مع تفويض صلاحيات كاملة له كرئيس للحكومة، وهو ما رفضه مرسي، وهو بدوره ما جعل كلا الطرفين يتبنيان إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لا يكون الرئيس مرسي طرفا فيها.

وإلى نص المقابلة مع أحمد فهمي آخر رئيس لمجلس الشورى، في فترة حكم محمد مرسي:

** عام كامل قضاه مرسي في الحكم، كيف رأيتم ما واجهه من أزمات أدت في النهاية إلى عزله؟

منذ أن تم إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية بفوز محمد مرسي برئاسة الجمهورية، ورغم قرب النتائج مع المرشح المنافس أحمد شفيق، إلا أنه كان يمثل ضربة للدولة العميقة، الذي تسبب فوزه بالشعور بالقلق والخوف من النظام الجديد، سواء بمحاسبتهم علي ما اقترفوه ضد الشعب أو إقصائهم عن الحياة السياسية. كان من المتوقع أن يواجه مرسي معارضة ومشكلات كبيرة، إلا أننا لم نكن نتخيل أن تكون الحرب بهذا الحجم وهذه الشدة، أو يكون لها هذا التأثير، وبدأت منذ اللحظات الأولى لإعلانه رئيسا خلال حلف اليمين الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا (أعلى هيئة قضائية ويؤدي الرئيس أمامها اليمين الدستورية في حال عدم وجود برلمان بحسب الدستور المصري).

** يفهم من كلامكم أنكم تعتبرون مظاهرات 30 يونيو2013، كانت انقلابا علي ثورة 25 يناير2011؟

لا أقول 30 يونيو، وإنما 3 يوليو، هي التي كانت كذلك. ففي 30 يونيو، خرج فيها كثيرون حسنو النية، متأثرين بما تم تسويقه في وسائل الإعلام ومفاصل الدولة العميقة، ووضع العراقيل أمام الرئيس ونظامه، وخرجوا من أجل الصالح العام للبلاد. ولكن الفئة الأغلب كان خروجها مصطنعا، تحت رعاية داخلية وخارجية، وظهر ذلك في مواقف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الخليجية، الذين اتفقوا جميعا من أجل مصالحهم بإزاحة هذا النظام، في انتظار الفرصة المواتية باصطناع هذا الخروج بهذا الشكل. ويمكن توضيح هذا بالقول إن بعض مؤسسات الدولة صنعت هذا الخروج وانتظرت أن يتم بهذا الشكل من أجل الانقلاب علي الرئيس كما حدث في 3 يوليو.

** متى شعرت بصفتك مسؤولا بالدولة حينها أن ما تصفونه بانقلاب على مرسي سوف يتم؟

شخصيا، لم يكن يدور في خلدي أبدا أن يتم انقلاب من قبل المجلس العسكري، خاصة أنهم كانوا محل تقدير من الرئيس مرسي، ومنا كمسؤولين في ذلك الوقت، ولم نكن أبدا نقف في طريق ما يسعون إليه وما يحقق أهدافهم من تدريب وتشريعات وغيرها.

 ما هي أبرز هذه الحلول التي عرضها الرئيس مرسي وتم رفضها؟ عرض الكثير من الأمور التي تهدئ من روع الشارع، كتغيير حكومة هشام قنديل (آخر رئيس وزراء في عهد مرسي ووجه بانتقادات شديدة لأداء حكومته)، والموافقة على إجراء استفتاء على بقائه، وغيرها من الأمور، لكنهم كانوا دائما ما يرفضون أي اقتراحات. الرئيس مرسي كان يرى الانتهاء من الاستحقاق البرلماني وعدم إحداث أي فراغ تشريعي، ومن ثم ترتيب كل الأمور المستقبلية عن طريق هذا البرلمان (مجلس النواب – الغرفة الأولى للبرلمان)، باعتباره الذي يمثل الشعب تمثيلا حقيقيا. والرئيس لم يعترض علي تغيير الحكومة، وإنما كان يرى أن فترة الانتخابات قريبة، ومع بداية البرلمان تتشكل الحكومة الجديدة طبقا لدستور 2012. الرئيس مرسي كان يرفض أن تكون قراراته وتغيراته مفروضة من أي جهة، وإنما تتم وفقا للأسس الديمقراطية.

 تتحدث عن ضغوط خارجية، مورست ضد مرسي للتغيير؟

الضغوط علي مرسي خارجيا كانت من الاتحاد الأوروبي ممثلا في مسؤولة العلاقات الخارجية كاثرين آشتون، بالإضافة إلى السفيرة الأمريكية بالقاهرة (حينها) آن باترسون، وكانت ضغوط للتغير ليست في صالح الشعب المصري، لأنها كانت بعيدة عن المسار الديمقراطي. الضغوط كانت على مرحلتين الأولى بدأت بطلب تغيير الحكومة، علي أن يترأسها بحسب ما علمت، محمد البرادعي القيادي بجبهة الإنقاذ المعارضة، مع تفويض صلاحيات كاملة له كرئيس للحكومة، وهو ما رفضه مرسي، لأن ذلك سيكون بمثابة تخليه عن الحكم بغير إرادة الشعب.

 أما المرحلة الثانية من الضغوط فكانت ما كان يصر عليه السيسي في آخر يومين قبل الانقلاب علي الرئيس، وهو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لا يكون الرئيس مرسي طرفا فيها.

 كنتم آخر من أوصل رسالة من مرسي للسيسي والعكس.. ماذا حدث في هذا اليوم؟ في الساعة العاشرة صباحًا يوم 3 يوليو، اتصل بي اللواء ممدوح شاهين وكان عضوا بالمجلس العسكري، تليفونيًّا وسألني حول تصوري لما سيقوله الفريق السيسي للناس حينما يتحدث إليهم، وهل سيعتذر عن المهلة التي سبق وأن أعلنها للقوى السياسية ويترك لها أن تتصرف مع بعضها البعض، فأخبرته بأنني لا أعلم ما سيقول لأني لم أقابله، فتم تحديد موعد للقائه بعدها بساعة.

 ذهبت للقاء السيسي، فسألني: ماذا تريد أن تبلغنيه؟ فقلت له: أنت الذي اتصلت بي، فماذا تريد أن تقوله لي، فقال: نحن نريد إجراء استفتاء على الرئاسة خلال أسبوعين أو ثلاثة. فقلت له: إنها مدة قصيرة وقد يترتب عليها فراغ، فأنا أرى أن يتم تغيير الوزارة، ويمكن أن تكون أنت رئيسها بجانب وزارة الدفاع، وبعدها يتم إجراء انتخابات برلمانية في وجودك حيث إن الأغلبية تثق فيك ويترتب على انتخابات مجلس النواب تشكيل حكومة من حزب أو أحزاب الأغلبية، وبعدها تتم الدعوة إلى استفتاء على الرئاسة أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وبذلك نتفادى حالة الفراغ. فرد السيسي عليّ بأن هذا حل طويل، ونحن نريد إجراء استفتاء في أسبوعين أو ثلاثة، فقلت له: أن هذا الحل غير مرضي، وأن صور المظاهرات التي نشرت في الصحف نشرت صور مظاهرات المعارضة ولم تنشر صور مظاهرات التأييد للشرعية الدستورية ( … ) قلت له: لقد أخذت قرارك يا سيادة الفريق ولا تحتاج إلي مبادرات أو رؤى للحل. ذهبت بعدها للسيد الرئيس وعرضت عليه ما دار بيني وبين الفريق السيسي، فوافق على كل ما جاء في عرضي عليه، حرصًا على استقرار البلد بوجود البرلمان والحكومة أولاً. ثم اتصلت باللواء ممدوح شاهين وأخبرته بما دار بيني وبين الرئيس وموافقته على العرض الذي ينشئ البرلمان والحكومة أولاً ثم يتم الاستفتاء على الرئاسة أو الانتخابات الرئاسية المبكرة، وطلبت منه توصيل هذا الكلام للفريق السيسي، فوعد بذلك.

 وماذا كان رده عليكم؟

حدث الانقلاب العسكري الذي أطاح بالشرعية فعطل الدستور واختطف الرئيس وأخفاه، ثم أصدر قرارًا باطلاً بحل مجلس الشورى.

** بعد عام من عزل مرسي، هل لكم نصيحة إلى مرسي بالقبول بالانتخابات بدلا من عزله وما ترتب عليه من أحداث؟

إذا عاد بنا الزمن للوراء، أعتقد أن الرئيس كان سيصر علي موقفه وسيأخذ نفس القرارات، فليس من غير المعقول أن تتم انتخابات رئاسية خلال أسبوعين أو ثلاثة، وإنما كان يريد أن يحقق ديمقراطية حقيقية.

** هل كنتم طرفا للتواصل مع السلطات الجديدة للبلاد في إطار التصالح وإيجاد حلال للتسوية عقب عزل مرسي؟

اتصل بي اثنان من قيادات المجلس العسكري (رفض ذكر اسميهما)، وكذلك شيخ الأزهر أحمد الطيب، عقب الإطاحة بمرسي وقبل فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس الماضي، في محاولة للوصول إلى تهدئة وتسوية، وكانت كل مبادراتهم تدور في إطلاق سراح المحبوسين، في مقابل اعتراف الجماعة بالأمر الواقع.

التعليقات