مصر الكبرى
صباحي يعتبر نفسه جسرا مع إنقلاب يوليو
 
في محافظة أسيوط مسقط رأس جمال عبد الناصر, وبحضور ابنه عبد الحكيم والقيادات الناصرية, أعلن حمدين صباحي عن برنامجه الانتخابي لرئاسة الجمهورية. اعتبر الصباحي أن الولايات المتحدة الأمريكية – التي تنفق على تسليح الجيش المصري من ميزانيتها الخاصة – خصمنا الرئيسي هي وإسرائيل. وبينما لم يتحدث الصباحي عن الدول العربية التي ساعدتنا ووقفت بجانبنا في جميع الأزمات, فقد وعد بإقامة "علاقات قوية" مع إيران التي تهدد باحتلال دول الخليج.
 ولم يخف حمدين صباحي تحمسه للإنقلاب الناصري في يوليو 1952, ولا حاول أن يتجمل. بل قالها صراحة, إنه: "سيكون جسرا بين ثورة (إنقلاب) يوليو وثورة 25 يناير". كما وصف "تجربة الجمهورية الأولى بقيادة عبد الناصر" بأنها كانت تجربة عظيمة شامخة يجب "الأخذ بمميزاتها العديدة". وبالطبع رد عبد الحكيم ابن عبد الناصر على إعلان الصباحي, بدعوة شعب أسيوط للتصويت له رئيسا لمصر, قائلا: "من يعطي صوته لحمدين يعطيه لبيت جمال عبد الناصر", وهتف الناصريون في حماس "جمال … جمال … جمال ما ماتش … والثورة (إنقلاب يوليو) لسة لسة ما انتهتش".  
   وهكذا بعد أن تعرض شعب مصر للذل والهوان ستين عاما منذ إنقلاب 1952, يريد الصباحي إعادة التجربة الناصرية من جديد. فهل كانت ثورتنا تهدف إلى مجرد التخلص من حسني مبارك, أم من النظام الشمولي الذي فرضه الإنقلاب العسكري في يوليو 1952؟
   فقبل إنقلاب يوليو عاشت مصر فترة مزدهرة للحياة البرلمانية والرخاء الإقتصادي، رغم أن دستور 23 أعطى الملك حق حل مجلس الوزراء والبرلمان, ورغم وجود الإحتلال البريطانى في تلك الفترة.  لكن الوضع تغير بعد قيام إنقلاب يوليو 1952 حيث اتجه النظام الجديد إلي توطيد أركانه عن طريق القضاء على المعارضة. وفي 16 يناير 1953 صدر قانون حل الأحزاب السياسية واتجه النظام إلي التنظيم السياسي الواحد, الذي يحكم البلاد باسم هيئة التحرير ثم الاتحاد القومي الذي تغير بعد ذلك إلى الاتحاد الإشتراكي. ورغم السماح بتعددية الحزبية منذ 1977, إلا أن التنظيم الذي شكله الرئيس السادات باسم الحزب الوطني الديموقراطي ظل رقيبا على من يسمح له بتشكيل الأحزاب كما اعتبر نفسه الحزب الوحيد الذي يحق له حكم البلاد, رافضا فكرة انتقال السلطة الذي يقوم عليه النظم الديموقراطي.
   من الواضح أن الشعب المصري لم يعد يقبل الآن أن يحكم حكما شموليا , وبنزول الجماهير إلى الميدان في  25 يناير, انتهت شرعية إنقلاب يوليو وبدأ عصر جديد يرفض حكم الحزب الواحد ويطالب بعودة الحياة البرلمانية إلى مصر.