كتاب 11
الكلام في غزو الظلام
الحرب تحتاج إلى كلام، والكلام في هذا الوقت مسرحه الإعلام، والإعلام «موضته» الآن هي تطبيقات الإعلام الجديد في الإنترنت.
نحن نعيش في حروب، لا حرب واحدة، حروب مع جماعات وتيارات، ودول، حروب ظاهرة سافرة، كما هو الحال مع تنظيمات «القاعدة» و«داعش» ومشتقاتها، وحروب خفية ومعقدة، كما هو الحال مع إيران، وغير إيران من ذوي القربى، والأخيرة أوقع من الحسام المهند.
قال الشاعر محذرا بني أمية من مؤامرات أصحاب الرايات السود في خراسان:
وإن النار بالعودين تذكى/ وإن الحرب مبدؤها كلام
قبل أيام حذر المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي من المؤثرات الخارجية السلبية التي تستهدف السعودية مستغلة وسائل التقنية.
وقال خلال المحاضرة التي ألقاها في الملتقى الثاني لفرع الجمعية الدولية للأمن الصناعي بالرياض، إن هناك من يستهدف وحدة النسيج الاجتماعي السعودي؛ بغرض الإخلال بالنظام والأمن والاستقرار، وإحداث الفوضى في الحياة العامة. وحذر المتحدث الأمني من استغلال المتربصين والمتطفلين والدخلاء للإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في نشر ما سماه بـ«الفكر الضال» واستدراج الشباب إلى مناطق الصراع.
الفكر الضال في قاموس الأمن السعودي، يعني فكر جماعات «القاعدة»، فكر الظواهري وأسامة بن لادن، و«داعش» و«النصرة»، و«أنصار بيت المقدس»، و«الجماعة المقاتلة» بليبيا، و«الوحيشي» في اليمن، وفارس آل شويل وعبد العزيز المقرن في السعودية.
المعلومات تتحدث عن مئات بل آلاف الحسابات النشطة في السعودية على تطبيق «تويتر»، موجهة من جماعات خارج السعودية، وكثير منها يدار من قبل مخابرات دول معادية، والغرض منها إضعاف الداخل السعودي، عبر تغذية مشاعر السخط والتشويش على الاستقرار، من خلال محاولات ملحاحة تلج في كل قضية، صغرت أو كبرت، في السعودية، من مريض لم يجد سريرا في مستشفى، إلى سيول داهمت قرية أو مدينة، إلى تغييرات في مناصب سيادية، إلى ملعب كرة قدم، إلى أي شيء يخطر على بالك، وطبعا قبل هذا وبعده، ملفات الإثارة التي ينشط فيها مناصرو «القاعدة» و«داعش» داخل السعودية.
غالب هذه الحسابات، القيادية، لشخصيات لا تكتب باسمها الصريح، هذا الكلام يجب ألا يكون مفاجئا، فنحن في حالة حرب واصطفاف ومؤامرات بالفعل.
نتذكر أن كثيرا من أصحاب الأسماء الوهمية في الإنترنت، قبل زمن «تويتر»، أيام منتديات الحوار والنقاش في الإنترنت، كانوا فاعلين في التحريض والتعبئة ضد الاستقرار، وخلق حالات كراهية للدولة وللمجتمع، نتذكر حسابا اسمه «أخو من طاع الله» وحسابا آخر اسمه «لويس عطية الله» تبين أن الأول كان لنشط قاعدي إعلامي، قبض عليه، وأودع السجن، والآخر كان لشخص غير سعودي، وصلت شهرته إلى أن جريدة مناوئة للسعودية تصدر من لندن استكتبته باسمه الوهمي هذا!
ليست المشكلة في النقد والحنق «لعادي» مهما بلغت حدته، المشكلة فيمن يستثمر هذا الحنق في خزائن سياسية لا يعلم عنها كثيرون. ولا يراد لهم أن يعلموا..