كتاب 11
ضجة إعلامية بمصر.. والسبب؟
العلاقة بين السعودية ومصر في هذه المرحلة تجاوزت إطار الود والتعاون إلى حالة التحالف والتعاضد الكامل والشامل، على الحاضر والمستقبل، رحلة مشتركة لمواجهة الصعاب وحصد المنافع، وحماية البلاد والعباد.
العلاقة بين البلدين، ومعهما دولة الإمارات، هي حجر الأساس في أمن العرب ومصالحهم، ومصباح الظلام للعبور من ضباب يلف الجميع. بعد تخبط أميركا وانفجار الأمن الإقليمي.
الإعلام يلعب هنا دورا مهما في تعزيز أو إضعاف هذه العلاقة الثرية والتحالف الكبير، لكن الإعلام كما نعلم «صناعة» وعمل معقد ومتنوع، والأهم أنه عمل تنافسي.
من هذا المنطلق فقد كانت الضجة التي أحدثتها بعض الفضائيات المصرية الخاصة، والصحف الموالية لها، ضد اتفاقية شبكة «mbc» السعودية بمصر، مع التلفزيون المصري الحكومي، ووزارة الإعلام المصرية، غير سائغة ولا مقبولة.
غير مقبولة لأنهم لم يحصروا اعتراضهم ضد الاتفاقية بالبعد التجاري، حيث إن الخلاف واضح وهو على حصة الإعلانات في السوق المصرية، لقد نقلوا الخلاف التجاري إلى الحديث المضخم والمشوه عن «بيع تراث مصر» و«الأمن القومي» و«التآمر الخارجي» وغير ذلك من المفردات «الملغمة» والموضوع لا يحتمل كل هذا الكلام، هي اتفاقية تجارية، أو بالأصح مذكرة تفاهم. فقط.
أن يعتقد مستثمر إعلامي مصري ما أن هذا الأمر ليس في صالح «تجارته» فهذا من حقه، فكل يدافع عن مصالحه، لكن ليس من حقه أن يستغل المشاعر الكبيرة والمصالح الاستراتيجية العظمى من أجل مصلحته الصغرى.
هذا الكلام ليس كلامي، بل قاله شخص من «نخب» مصر ليس عليه شائبة في حماسته الوطنية، ولا معرفته السياسية وهو د. أسامة الغزالي حرب، الذي كتب في عموده بصحيفة «الأهرام» قبل أيام عن هذه الضجة المفتعلة حول تفاهم «mbc» مع وزارة الإعلام المصرية والوزيرة درية شرف الدين، وقال: «اتصلت بعدها بوزيرة الإعلام د. درية شرف الدين أستفسر عن ذلك الاتفاق، فأرسلته لي عن طريق مكتبها بالبريد الإلكتروني، فوجدته وثيقة من صفحتين بعنوان (مذكرة تفاهم) بين التلفزيون المصري والقناة السعودية. وبقراءتها تبين لي أنها أولا ليست (اتفاقا) بالمعنى القانوني الكامل وإنما هي (مذكرة تفاهم) التي تعني قانونا نوعا من (نية) أطرافها أو إيذانا ببدء العمل بين أطرافها، أكثر منه التزاما قانونيا كاملا، أي هي أقرب ما يكون إلى (اتفاق شرف)».
وأضاف مستغربا: «دهشت كثيرا للتوصيف المبالغ فيه كثيرا لتلك المذكرة، فقال معلق إنها (إهانة لريادة الإعلام المصري) وقال آخر (الوزيرة تفضل القطاع الخاص السعودي على المصري) ووصف ثالث الاتفاق بأنه مسألة أمن قومي! (..) إنني في الواقع لم أفهم شيئا! هل هم يتحدثون عن المذكرة التي قرأتها أم عن شيء آخر؟ وعندما سألت بعض من هم أكثر معرفة مني بهذا المجال عن سبب تلك الضجة، قالوا لي إنه صراع الإعلانات! حقا، إنه أمر مؤسف».
صدق الدكتور أسامة.