مصر الكبرى
هل يختار الشعب رئيسا مدنيا أم من الإخوان؟
 
اليوم يبدأ المصريون المقيمون في الخارج بالتصويت في انتخابات رئاسة الجمهورية, لإختيار الرئيس الذي سيحكم مصر لأربع أو ثمانية سنوات قادمة. وبعد استبعاد مرشح السلفيين – حازم صلاح أبو إسماعيل – ينحصر الصراع الآن بين عدد من المرشحين ينتمون كلهم للإخوان المسلمين بشكل من الأشكال, كمرسي والعوا وأبو الفتوح, أو إلى المؤيدين للنظام المدني كعمرو موسى وشفيق والصباحي والبسطاويسي. وعلينا ألا نخدع أنفسنها في من نختار, فمن المؤكد أن أي من المرشحين الثلاث عشر الموجودين الآن, لا يمثل أهداف ومبادي ثورة 25 يناير, وكل ما يجب البحث عنه عند الاختيار هو الشخص الذي سيحكم لفترة انتقالية يتمكن خلالها شباب الثورة من تكوين تنظيماتهم الحزبية, وتحديد أهدافهم السياسية, وتعريف الناس بهم.
   وبعد سقوط الجمهورية الوهمية التي أقامها جمال عبد الناصر عندما أسقط النظام الملكي واستبعد أحمد فؤاد عن العرش, هذه هي فلرصتنا الأولى لانتخاب رئيس جمهورية بإرادتنا نحن, من بين عدد كبير من المرشحين. ففي نظام الحزب الواحد الذي عرفناه لحوالي 60 عاما, لم يكن من الممكن تبادل السلطة أو انتخاب رئيس من بين مرشحين عديدين, بل كان الحزب الواحد وبرلمانه يقدم للجمهور مرشحا يكون عليه التصويت له بنعم أم لا. عندئذ لم ير المصريون فائدة للإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة, أما الآن فهناك فرصة حقيقية أمام شعب مصر لإختيار رئيسه الجديد.
   ورغم أن الانتخابات البرلمانية من قبل قد جرت – بشكل عام – دون عميات تزوير مباشرة, فقد نتج عنها برلمان تسيطر عليه جماعة الإخوان وله أغلبية من الإسلام السياسي, باتت تهدد بلادنا بإقامة نظام ديني شمولي يزيد في قمعه وبطشه عن أسوأ ما عرفناه من قبل. وإذا ما فاز واحد من مرشحي الإخوان في انتخابات الرئاسة فسوف يؤدي ذلك إلى فرض سيطرة الإخوان على الدولة المصري. مما يتبعه من عدم استقرار سياسي وإقصادي, وقد يهدد بإبعاد مصر عن غالبية الدول العربية ونشوب حرب مع إسرائيل تفقد مصر نتيجتها شبه جزيرة سيناء, إما للقوات الإسرائيلية أو لحكومة حماس في غزة.
   لهذا يصبح من الضروري على المصريين التفكير مليا قبل إعطاء أصواتهم هذه المرة, فهي التي ستقرر مصير بلادنا لسنين طويلة في المستقبل. ومع كثرة استطلاعات الرأي وتعددها, فهي تختلف بشكل كبير عن بعضها البعض, مما يجعل إمكانية التعرف على النتيجة مسبقا عملا عسيرا. ومع هذا فمن الواضح وجود بعض المرشحين الذين يملكون فرصا أكبر للفوز من غيرهم, إلا أن فوز أحدهم بالأغلبية في الدورة الأولى للانتخابات لن يكون عملا سهلا, وسيصبح من الضرورة إعادة الانتخابات بين فائزين بأكثر الأصوات.
   وبينما يتضح أن مرشحي الإخوان سوف يتنازلون في النهاية لمن يحصل منهم على أكثر الأصوات, والذي يبدو أنه عبد المنعم أبو الفتوح, فهناك انقسام حاد بين أصحاب التيار المدني بين عمرو موسى أو أحمد شفيق من ناحية, وحمدين الصباحي والبسطاويسي من ناحية أخرى.