كتاب 11

11:07 صباحًا EET

«النور» يلدغنا مرتين!

إذا كان حزب «النور» السلفى قد أعلن دعمه للمشير عبدالفتاح السيسى فى انتخابات الرئاسة، فما أرجوه صادقاً أن ننتبه جيداً إلى أن هذا الإعلان من جانبه ليس معناه أبداً أن أعضاءه السلفيين سوف يصوتون للمشير، لأننا يمكن أن نكتشف فى النهاية أن دعماً من هذا النوع على لسان قادة الحزب إنما يساوى فى ساحة التصويت وأمام صناديق الاقتراع صفراً كبيراً!

لماذا؟!.. لأن لنا تجربتين سابقتين مع الحزب فى هذا الاتجاه، تؤكد كل واحدة منهما ما نقوله وتدعمه بالدليل!

أما التجربة الأولى، فهى فيما بعد 30 يونيو مباشرة عندما حضر الأمين عام للحزب جلال المرة اجتماع الاتفاق على خريطة المستقبل يوم 3 يوليو، وأعلن الحزب بوضوح بعدها أنه يؤيدها ويدعمها بكل كيانه، وكنا فى الوقت نفسه إذا تلفتنا حولنا تبين لنا بالملاحظة المباشرة أن أعداداً لا بأس بها من أعضاء النور موجودون مع الإخوان فى ميدان رابعة، وفى غير ميدان رابعة!

وكنا وقتها لا نعرف ما إذا كان علينا أن نصدق الذين حضروا اجتماع 3 يوليو وباركوه، أم الذين يتواجدون مع الإخوان فى الشارع وفى الميدان، ممن ينتسبون إلى الحزب ذاته؟!

أما الثانية، فكانت فى يومى الاستفتاء على الدستور 14 و15 يناير، فالحزب كان حاضراً فى لجنة الخمسين التى وضعت الدستور، وكان مشاركاً فى كل اجتماع من اجتماعات اللجنة، وكان موافقاً على كل مادة من مواد الدستور، وكان يقول بعد انتهاء صياغة المواد إن قواعده فى القاهرة والمحافظات سوف تخرج فى يومى الاستفتاء لتترجم قناعات وكلام قادتها، ولتقول «نعم» للدستور، وقد صدقناه بالطبع!

صدقناه ونمنا يوم 14 يناير ونحن مطمئنون، فإذا بنا فى صباح 15 يناير، وفى الصباح التالى طبعاً أمام أكبر خدعة من حزب النور، بل أكبر كذبة منه، عندما لاحظ الذين تواجدوا فى اللجان من الموظفين أو الذين اصطفوا فى طوابير أمام اللجان ذاتها من الناخبين أن سلفياً واحداً من المنتمين للحزب لم يذهب إلى هناك، وأنهم جميعاً قاطعوا، وأن فجوة عميقة كانت قائمة بين كلام سمعناه من قادتهم وواقع رأيناه وعشناه من قواعدهم إياها، ولا تفسير لذلك حتى هذه اللحظة!

صحيح أن المصريين الوطنيين المخلصين الذين لا ينتمون إلى أى كيان سوى بلدهم قد تكفلوا بإدهاش العالم حين طالت طوابيرهم أمام اللجان لمئات الأمتار.. ولكننا هنا نتكلم عن حزب يعطى كلمة، يتبين لنا بعدها أنه لا رصيد لها على الأرض على الإطلاق!

إن أى حزب مستقر فى العالم يعرف فى داخله ما يسمى بالالتزام الحزبى، وهذا معناه أن رئيس الحزب، أى حزب، إذا أعطى تعهداً أو التزم بشىء، فإن سائر الواقفين معه وخلفه فى حزبه يلتزمون على الفور بما قال وبما تعهد، التزاماً لا يعرف سوى الانضباط، وهو ما رأينا نقيضه فى تجربتنا مع «النور»، بما قد يحتاج إلى انتباه منا، حتى لا نراهن على سراب، ثم يحتاج الأمر إلى تفسير مقنع منهم حتى لا يخدعونا للمرة الثالثة.. فالتالته تابتة، كما يقال فى عاميتنا المصرية، كما أن المؤمن يكفيه أن يلدغ من جحر واحد مرة واحدة!

التعليقات