آراء حرة
عمرو الباز يكتب : أفلا تشكرون ؟!
كنت كباقى الشباب يجلس على صفحات الفيس بوك لينتقد فقط ما يحدث ويصرخ على صفحات شبكة التواصل الاجتماعى فقط وأتحدث عن أشخاص لم أراهم فى حياتى ولم أتخيل مدى بساطتهم فى معيشتهم كما رأيتهم رؤيا العين عندما التحقت بعملى الجديد الذى يحتم على الدخول فى قرى وبلاد أسمع عنها لأول مرة فى حياتى وأرى إناساً لم أراهم كنت أتحدث عنهم ولم أعرفهم كنت أصرخ لمدى الإهمال الذى يعيشون فيه ولم أجرب حتى أن أعيش معهم لأشعر بألمهم وكالعادة أغلق جهازى لأتابع حياتى المرفهة جدا بالنسبة لهم.
نعم كنت أعارض كل شئ ولم يعجبنى شئ فى مصر ولكن مع تحركاتى اليومية داخل القرى والنجوع ومع بساطة المعيشة فى هذه الأماكن لم أرى إلا أشخاصاً تعمل من الصباح الباكر لتجد قوت يومها تعيش ببساطة شديدة جداً ولا تتذمر أو تصرخ لتطلب شئ من رفاهية الحياة كل ما يهمها هو أن يعيشوا بسلام مطمئنين يحمدون الله على النعمة التى يعيشون فيها. فكرت كثيراً وأنا أسير داخل الأراضى الزراعية وداخل القرى وماذا لو لم تنشئ هذه الطرق ؟؟؟ كيف كان يعيش هؤلاء البشر بدون الطرق والكبارى؟؟ وكيف كانت تحركاتهم بين القرى التى يعيشون فيها والقرى المجاورة لهم ؟؟ والسؤال الذى طال تفكيرى فيه طوال شهرين تقريباً وحتى الآن لماذا لم يخرج هؤلاء لقطع الطريق مثلما يفعل الآخرون ليطالبوا بمطالب تحسن لهم معيشتهم ؟؟ الإجابة كنت أراها فى أعينهم جميعاً وهى العيش ببساطة شديدة جداً شاكرين الله على ما منحهم من نعم يعيشون فيها ولا ينظرون إلى مناصب أو أموال أو جاه كل ما يحلمون به فقط هو العيش بإطمئنان وستر من غدر الدنيا. أحاول أن أطابق ما أراه يومياً بكل ما أراه على صفحات التواصل الاجتماعى وفى الشارع من حالات التذمر ومحاولات البعض لخطف ما ليس له من الأساس لأعرف أن الحقيقة ليست فى الاحساس بالظلم أو الشعور بالتهميش ولكنه فقط عدم الرضا بما قسمه الله لنا. هؤلاء هم الأغلبية العظمى الموجودة داخل مصر الآن فى كل القرى والنجوع فى الصعيد وفى الدلتا كل ما يحتاجون إليه هو الشعور بالأمان لمواصلة حياتهم البسطية جداً كل ما يريدونه هو العيش فقط لهم ولأبنائهم يعيشون بعيداً عن الضجيج لا يشعر بهم أحد من أساتذة وأباطرة برامج التوك شو الذين يخرجون يومياً على البرامج لتدمع أعينهم الزائفة حزناً عليهم من دخل الاستديوهات ولم يفكر أحد منهم فى الذهاب إلى هذه الأماكن ليراها على الطبيعة ليتعلم منها الكثير والكثير من الصبر والجلد والعمل دون عناء أو مشقة لاستكمال يوم هادئ بعيداً عن خناقات الهواء فى الشاشات وبعيداً عن الملابس الأنيقة جدا المصطنعة والأموال مقابل الظهور لدقائق معدودة للتحدث عن أشخاص لم يراهم فى حياته ولو لمرة واحدة.