كتاب 11
وجع الجنوب
مجزرة أسوان ليس خبراً قدر ما هو كارثة إنسانية، فلا يعتبر حدثاً نكتب عنه ولكنه تشخيص واضح لحال وطن أُهمل على مدار الزمن وطاف بحقائقه وتشوهاته على سطح الحاضر، إنه الصعيد الذى يفجر المشهد الكارثى لكم أيها السادة المسؤولون ولكم درس يعلم ماذا تحصد بعد طول سنين من غياب التنمية والاهتمام بالبشر حيث تحول أهلها إلى حالة الغضب بعد أن نفد الصبر وفاق الاحتمال.. أهل النوبة الذين عرف عنهم حسن الخلق تحولوا إلى الهجوم بالسلاح. للأسف تم التعامل مع هذه المنطقة كآثار ومنتدى سياحى، وتناسوا أنهم من تعداد السكان المصرى مواطنون مسالمون لهم الحقوق فى حصاد التطوير.
تحمل الأمن فى الماضى والحاضر لدرء كل الأزمات، ويدفع الجيش فى كل مرة أخطاء وتقصير كل نظام.. أزمات مصر ليست أمناً واقتصاداً وسياسة فقط.. تحولت الآن إلى أزمات أخلاق.. فلم يبق سوى السلاح والثأر أمام كل اختلاف، فاسترداد الحق والكرامة يأتى بالدم والتمثيل بالجثث.. فهناك تشريع للخطأ بخطايا وجرائم واعتداء واغتيال، مجرد أرقام ليس لها سند وسبب سوى ألفاظ خادشة.
هناك عادات وتقاليد لم يتم معالجتها بتعليم وتنمية جيل جديد.. فتحت باب المصالح على ساحة الصعيد لاستغلال الفقر والجهل فى تجارة المخدرات، وسلاح لصالح جماعة الإخوان، وأجندات أخرى لدول على الحدود.. فلم يفتح باب الفتنة حين قتل الأقباط المصريون فى ليبيا، ولم تقم القبائل فى سيناء مع إغلاق الأنفاق، ولم تتفكك وحدة الجيش ولكنه التحم مع الشرطة ودعمها.. فكيف لهم أن يسقطوا الدولة قبل الانتخابات؟ أهالى أسوان الذين أيدوا المشير السيسى يدفعون ثمن دعم الجيش والمشير الرئيس.. فالجامعة المصرية حكم عليها أخيراً أن يدخلها الحرس والأمن، وأصبح الأمر صعباً.. أعدكم أن الإصرار المصرى للشعب سينقذ هذا الوطنى مهما دفعنا من دم.. حرب استنزاف لدولة لن تجعلنا إلا أن ننتصر على كل هؤلاء إن كان من الإخوان أو السودان أو إيران أو تركيا، ولا حتى إسرائيل عدونا القديم، ستظل مصر قادرة على الاستمرار على طريق الانتصارات مهما زاد عدد المعتدين.. فنحن لسنا سوريا ولا العراق شعب ملتحم وجيش وطنى يرسم شرق أوسط عربى جديداً.