آراء حرة

07:57 صباحًا EET

كواعب أحمد البراهمي تكتب : أجمل النعم

قالت لي جارتي وهي تشير بيدها نحو السماء : الخير قادم . ظنت في البداية أنها تدعو لي كعادتها عندما أقابلها كل صباح . واستبشر بدعائها لي . فنظرت إلي حيث أشارت ورأيت الغيوم . فقلت لها أمطار . قالت أيه أمطار خير وبركة . وتركتها وأنا أفكر .

نحن عندنا نهر النيل ونراه كل يوم ونمر بجواره وننظر إليه بغير اكتراث . وكل ما يهم الأثرياء منا أن يكون لديهم شقة تطل علي هذا النهر . أما الفقراء فيمشون يتنزهون بجواره ويستمتعون بالهواء النقي العليل . أما المعدمون فأنهم يغسلون فيه ثيابهم وأوانيهم .

وكثير منا لا يدرك النعمة الكبيرة التي أنعم بها الله علينا . بل أن البعض يلوثونه سواء بعمد أو بغير عمد . بل ان سابقا كانت بعض المصانع تلقي مخلفاتها فيه . وبعض الأشخاص يلقون به الحيوانات النافقة. نحن لدينا الماء لنشربه بلا مقابل ,أو حتي و لو بمقابل فهو زهيد .

لا نضطر أن نشتري ماء لنرتوي به مثلما تفعل باقي الدول . وتذكرت قول زميلي الأردني كفاية عندكم نهر النيل . فقلت له ما انتو عندكم نهر الأردن فقال ده مجرد قناة صغيرة جدا مثلما الترع الصغيرة عندكم . . مالنا نحن البشر. لا نعرف نحافظ علي أجمل ما نملك ولا نشكر الله علي أعظم النعم . وتذكرت من أسبوعين عندما كنت مريضة . ولم أدرك ولم أعلم ولم أشعر أن أعظم نعمة في الوجود علي الإطلاق فهي الصحة إلا عندما وجدت نفسي لا أستطيع الحراك من مكاني .

و حتى ما استطعت آخذ أجازة حتى أسترد كامل عافيتي . عندئذ علمت أن الإنسان فعلا مقصر جدا في حق ربه ولا يعرف يشكر النعم . تحدثت في مقال سابق لي بعنوان ( الشكر والكفر ) عن أن الشكر ليس باللسان لان ذلك أضعف الإيمان وقلت أيضا أن عدم الشكر علي النعمة كفر بها . وأقول اليوم أن الشكر لابد أن يكون بالرضاء الذي ينبع من داخلنا بالقناعة بأقدارنا . و أن الشكر كما يكون بالرضاء والقناعة فأنه يكون أيضا بتقديم الخير للآخرين ولو بالكلمة الطيبة .

أو أضعف الإيمان يكون بكف الأذي عن الآخرين ولو كان هذا الأذي هو الحديث عن البشر وذكرهم بالسوء في غيبتهم . إن الشكر يكون يإستغلال تلك النعم إستغلالا حسنا . إستغلال الوقت فيما ينفعنا وينفع الآخرين وعدم إهداره بلا نفع .

وإستغلال الصحة قبل الكبر بفعل كل ما هو خير حتي ولو كان الذهاب لتسأل عن إنسان كبير لا يستطيع أن يزورك . لا تستصغر من الخير فإن تبسمك في وجه أخيك صدقة وسؤالك عنه يخلق المودة ويصفي النفوس . ونحن الآن في أمس الحاجة لأن نتماسك ونتقارب وننبذ الفرقة .

لأننا في وقت كثرت فيه المشاكل والمعارك والتناحر وكل ذلك بعد عن الدين . ولا أظن أحدنا يرضي في قراره نفسه بأن يغضب ربه . لأن الخير في الإنسان هو الفطرة النقية التي فطر الله الناس عليها .

التعليقات