كتاب 11
هل الأفغاني والبنا عملاء للماسونية؟
الماسونية اسم خطير عندما يذكر في أي مكانٍ ترى الناس يشمئزون منه بل سمعت أحدهم يتعوذ منهم ومن شرورهم، وإذا وُصِف إنسان بأنّه ماسونيٌّ فإنّه يسقط في تقييم العامة وينبذ عند الخاصة ويعدّونه خائناً لوطنه وأمته ودينه ومتعاوناً مع الأعداء الصهاينة وغيرهم من الذين اخترعوا هذه الجماعة السرية لخدمة مصالحهم والتحكّم في رقاب المتنفذين في البلدان بشكل مخيفٍ وعملٍ جريءٍ غاية في الدقة والسرية، وكان من أمرهم أنّهم لقّبوا أنفسهم بأجمل لقب “البناؤون الأحرار”،
وقد اختلف المؤرخون في تاريخ نشأتهم وكيف بدأ أمرهم فمنهم من يعيد بدايتهم إلى القرون الأولى منذ بداية اليهودية، وقد استدلوا بأمور كثيرة ولكني لا أستطيع الجزم بها، وقد تكون هي فكرةٌ تحيا وتموت حسب الحاجة عبر القرون الماضية حتى جاءت القرون الوسطى الأوروبية وأصبحت الماسونية أمراً بالغ الأهمية لبني صهيون فبدأوا يحثون رجالات الدول التي يعيشون فيها باعتناقها والتفاني في خدمتها وبدأ تشكيل الطقوس والدساتير والمراتب الإدارية وغير ذلك من الأمور التي تتيقن بها بأنّ الداخل فيها لا يمكنه أن يخرج منها أو أن يعصي أوامرها وإلا تعرّض إلى أقسى العقوبات ومنها القتل.
هذه الجماعة الخطيرة التي تتستر بالبناء والحرية والمعرفة والثقافة ودعم الفقراء وكفالة الأيتام وغيرها من الأعمال النافعة للمجتمعات، نجحت نجاحاً كبيراً في استقطاب أعلام كبار لهم نفوذهم ومكانتهم، من بينهم “جورج واشطن” أول رئيس للولايات المتحدة (1789-1797م) وغيره كثُر من الزعماء والمفكرين والعلماء والأغنياء في أوروبا وأميركا والدول المتقدمة مما يجعلنا نتأكد أنّ “الماسونية” لا بدّ أنّها بنت فروعاً لها في جميع دول العالم، ولكنها تأخرت كثيراً في الوصول إلى المنطقة العربية فقيل إنّ “نابليون” أول من أدخلها إلى “مصر” وقيل غير ذلك وما يهمنا بأنّها في القرن التاسع عشر والقرن العشرين حتى منتصفه كانت جمعيات غير محظورة وتمارس نشاطاتها بكل حريّة وقد انضم إلى صفوفها كثير من أعلام مصر ومنهم “محمد عبده” صاحب مجلة العروة الوثقى وشيخه المصلح المزعوم “جمال الدين الأفغاني” الذي لم يكن أفغانياً في يومٍ بل هو إيرانيٌّ تدّعي أسرته أنّه من ذرية زين العابدين ويسكنون في منطقة “أسد أباد” الإيرانية ولي وقفة في مقال آخر عن هذه المنطقة!.
لم يكن “جمال الدين الأفغاني” ينتمي إلى المحفل الماسوني فقط بل كان رئيساً لإحداها وقد انضم إليه تلميذه “محمد عبده” وقد أسس جمعياتٍ سريةً عدة في الفترة التي قضاها في مصر والهند وغيرهما من البلدان، وانضم إليه كثير من الشباب المسلم وكذلك من النصارى المفتونين به وبادعاءاته للإصلاح وتغيير التعليم والنهوض بالأمة، والعجيب في هذا كله كثرة اليهود الذين انضموا إلى جمعياته وكأنّ الأمر يهيأ له من “الماسونية” العالمية، والعرب المساكين يصدقون كل شيء من غير تحقيق ولم يعرفوا ما كان يبطنه من الانحرافات العقدية والعقائد الباطنية التي كانت يمليها عليه أصل عقيدته وانتماؤه الماسوني المنحرف عن شريعتنا السمحة.
إذا علمنا أنّ “الأفغاني” كان من دعاة “الماسونية” في الشرق الأوسط والبلدان الإسلامية وكانت تموله وتيسر له تحركاته وتنقلاته في البلاد التي ينزل فيها وكأنّه محمي، حيث كانت هناك قوى خفيّة تقف وراءه في أي مكان يقصده حتى مكنوا له الوصول إلى السلطان العثماني “عبدالحميد”، فلا بدّ أن نربط بينه وبين تلميذه المخلص “محمد عبده” ثم تأثر الشاب الصغير “حسن البنا الساعاتي” بهما وجعلهما رمزاً له في تأسيسه جماعته المخربة (المتأخونين) ليتابعوا مسيرة تمزيق الأمة وخرابها كما فعل “الأفغاني” بشكل عجيب.