كتاب 11
أحلام وردية .. وواقع مرير
ثلاثة أعوام مضت على ثورة الخامس والعشرين من يناير ومازال الفقراء فى ازدياد , وساكنى القبور يعيشون على الصدقات , والعاطلين يرفعون أياديهم لله بالدعاء , ثلاثة أعوام شهدت فيها مصر أيام صعبة , تغير فيها كل شىء كالحكام والسياسيين وأصحاب المناصب العليا وإلاعلاميين والحقوقيين وغيرهم إلا المواطن البسيط فمازال كما هو يصرخ من ألم المرض ولاعلاج , يعانى ألم الإحتياج ولا عمل , يقتله الخوف فلا أمان , ومع ذلك مازال لديه أمل فى الحياة الكريمة , ترى هل توفير الحياة الكريمة لهؤلاء الفقراء بالأمر العسير ؟؟؟؟
أم أن الفقراء لأنهم فقراء ليس لهم الحق فى الحياة مثلهم مثل ميسورى الحال ؟؟؟ ولماذا لم تستطع الحكومات المتعاقبة منذ قيام ثورة يناير حل مشاكلهم الى الأن ؟؟ الحقيقة أن هذا الأمر فى غاية التعقيد فإدارة بلد فى حجم مصر ليس بالأمر اليسير , وإذا أضفنا الى ذلك حجم مشاكلها فسوف تكتشفون مدى صعوبة وضع حلول سريعة فى فترة بسيطة كالتى إستمرت فيها حكومة الببلاوى , ف 223 يوما فى السلطة غير كاف ابدا لتحقيق كل أحلام المصريين ولكن لا أعفيها ايضا من مسؤلية تدهور الأوضاع فى مصر ولكن دعونا ننظر للأمر بعقلانية بعيدا عن المشاعر والكلمات الرنانة . وحتى لاأكون متجنية فى حكمى على أداء تلك الحكومة , فيجب أن نعترف أولا أنها تحملت مسؤلية البلاد فى ظروف قاسية جدا , ومشاكل لاحصر لها تحتاج للعلاج , مثل مشاكل البطالة والفقر والحد الأدنى والأقصى للأجور والإضرابات العمالية , تدنى عائدات قطاع السياحة , الصراعات السياسية التى لاتنتهى , المشاكل الأمنية , تدهور الأوضاع الإقتصادية , هذا الى جانب ماواجهته من تحديات ومشاكل خارجية مثل مشكلة سد النهضة والتعنت الأثيوبى فى التفاوض , مساندة أمريكا وبعض الدول الأوروبية الاخرى للتنظيم العالمى للإخوان المسلمين , وعدم إعتراف بعض الدول الأخرى بالحكومة الحالية ووصفها بأنها حكومة إنقلابية لايجب التعامل معها , نضيف على كل ذلك الخوف من الوقوع فى الخطأ والمحاسبة وهو ما جعل قراراتها تتسم بالبطىء والإرتباك والتردد والإرتعاش , حتى وصفها البعض بأنها حكومة العواجيز . وسط كل تلك الظروف لم تستطع حكومة الببلاوى أن تقدم أى شىء للشعب المصرى حتى تأخذ بيديه الى بر الأمان ولم تستطيع إحداث أى تغيير فى السياسات الإقتصادية والسياسية والمالية والنقدية وإعتمدت على أنها حكومة عادية وليست حكومة لفترة إستثنايئة فى عمر الوطن فأتخذت من منهج السابقين عليها من حكومات طريقا لمواجهة الأزمات فكانت النتائج النهائية زيادة الإحتجاجات العمالية التى لم تستطع الحكومة أن توفر لهم الحد الادنى للأجور الذى وعدتهم به والذى لم يتم دراسته جيدا ولم توفر له مصدرا لتمويله فأصبح قرارا على ورق فقط , ثم تكرار الأزمات وعدم إيجاد حلول قاطعة لها مثل مشكلة إنقطاع الكهرباء , باإضافة الى إنتشار الأمراض والأوبئة كاأنفلونزا الخنازير , وتدهور العملية التعليمية وتأجيل الدراسة مرتين لأول مرة لأسباب عدة منها استكمال المنظومة الأمنية المدنية ورفع كفاءة المنشآت والمدن الجامعية التي أصابها الكثير من التلفيات من جراء أعمال الشغب التي وقعت مؤخرا وتفويت الفرصة على الطلاب التابعين للجماعة الارهابية بتصعيد عمليات العنف والشغب داخل الجامعات مع بداية اسئتناف الدراسه وهو ماتم إنتقاده بشدة .
إذن إستقالة تلك الحكومة كانت مطلوبة وضرورية بعد كل الإنتقادات التى تعرضت لها بسبب إخفاقها فى أدارة البلاد , ولكن السؤال الذى يطرح نفسه حاليا هو هل هذا وقت مناسب لتقديم الدكتور الببلاوى إستقالته خاصة ونحن مقبلين على إجراء إنتخابات رئاسية قريبا ؟ بالطبع لا … الدكتور الببلاوى بهذا القرار قد وضع البلاد فى موقف صعب لأنه ترك المنصب فى وقت غير مناسب وكان عليه الإنتظار حتى إصدار قانون إنتخابات الرئاسة , أما الحكومة القادمة فأنا أشفق عليها كثيرا لأنها ستلقى أيضا هجوما شرسا من المواطنين لانها لن تستطع تقديم أى جديد فى فترة حكمها القصيرة التى ستتركها لمن بعدها عقب إختيار رئيسا جديدا للجمهورية , وستبدأ الرحلة مرة أخرة من أول الطريق , وفى النهاية على المواطنين الصبر والتحمل والدعـــــــــــــــــــاء .