ثقافة

09:54 صباحًا EET

قرأت لك.. رواية “الكونت دي مونت كريستو”

رواية “الكونت دي مونت كريستو”، للروائي الفرنسي الكسندر دوماس (1802 – 1870)، تبرز في طياتها الحب والشوق والحرمان، الصداقة والخيانة والغدر، الظلم والقهر والعدالة العرجاء، الغيرة والحسد والغيبة، الأنانية والإيثار، المصالح والدوس على الرقاب، الحقيقة والأقنعة، الصراع على السلطة والدسائس والمكائد، لذة الانتقام وقسوة الندم هي المغازي التي يعالجها الأدب في كل زمان ومكان. عندما تطرح رواية واحدة هذه المسائل كافة خلال سلسلة من المغامرات المثيرة.

فهذا ما جعلها إحدى الروائع العشر في الأدب العالمي، ومن النسيج البنيوي الذي حاك أدب الحضارة الغربية، على حد قول الكاتب والناقد البلجيكي-الأميركي، لوك سانت.

بداية الرواية

ترسو السفينة فرعون في مرفأ مرسيليا بأمان. يكافئ صاحبها، أم. موريل، البحار الشاب، ادموند دانتيس، الذي تولى قيادتها بعد وفاة ربانها، لوكلير، ويعيّنه مكانه. يبدو أن الحظ يبتسم لهذا الشاب، إذ حصل على ترقية لا يحلم بها، ويستطيع، في تلك الآونة، أن يحسن وضعه المالي ويطلب يد حبيبته مرسيدس، التي كانت تنتظر عودته بفارغ الصبر. لكن هذه الترقية توغر صدور ثلاثة، ابن عم مرسيدس فيرناند المتيم بها، كاديروس، جار دانتيس .

يقترب يوم الزفاف وفيرناند لا يعرف كيف ينام. يجتمع الثلاثة ويخبر دانغلار رفيقيه بأن دانتيس، عملا بوصية الكابتن المتوفى، أوصل رسالة الى المارشال بيرتراند، المنفي مع نابليون في جزيرة آلبا، وأن نابليون طلب منه أن يوصل رسالة الى أحد رجاله المخلصين في مرسيليا. ثم يقترح التبليغ عنه، برسالة من مجهول، بأنه من أتباع نابليون ويشارك في مؤامرة ضد النظام. يعارض كاديروس فكرة إيذاء دانتيس، لكنه لا يحرك ساكنا حين يعتقله البوليس في اليوم التالي.

الخوف والتردد

يمثل دانتيس أمام النائب العام مسيو فيلفور، وهو طموح يحرص على إظهار الولاء للملكيين ليثبت أنه عكس والده الموالي لنابليون. لا يجد شيئا يدين دانتيس ويهم بإطلاق سراحه. لكنه حين يعلم أنه يحمل رسالة من نابليون الى والده نوارتييه دي فيلفور، يخاف على منصبه ومستقبله ويتلف الرسالة. وحتى يضمن سكوته الى الأبد يحكم عليه بالسجن مدى الحياة، في قلعة ديف المخصصة للسياسيين الخطرين. بعد فترة قصيرة يعود نابليون الى الحكم، ويسعى موريل الى الحصول على عفو له، لكن جهوده تبوء بالفشل.

تمر سنوات ست، ودانتيس معلق بين الحياة والموت.. ثم يبدأ التواصل مع السجين الذي اصبح هناك نفق بين زنزانتيهما (القس الايطالي فاريا). .ويهتم فاريا بتثقيفه ويعلمه اللغة والأدب والفلسفة والعلوم. وبعد ثماني سنوات تنهار صحته، فيفضي الى دانتيس، قبل موته، بسره عن مكان كنز ضخم في جزيرة مونت كريستو، ويهبه له اذا خرج من السجن حيا.. ومن ثم يفلح في الهروب من السجن .

يترك دانتيس العمل مع المهربين في البحر، وياخذ الكنز.. ويشتري جزيرة مونت كريستو. ولقب”كونت” من حكومة توسكان. ثم يحيط نفسه بحاشية من الخدم، ويدفع فدية رجل العصابات الايطالي لويجي فامبا، ليستخدمه في الوقت المناسب. بعد ذلك يزور مرسيليا منتحلا شخصية القس الايطالي بوزوني. وهناك يعرف ان والده مات جوعا، فيوزع الهبات على الفقراء والمحتاجين.

يبهر الكونت كريستو بثقافته وثروته المجتمع المخملي في باريس ويصبح من ألمع نجومه- لا احد يتعرف على شخصيته الحقيقية سوى حبيبته مرسيدس. ويبدا استخدام ثروته لتحقيق العدل.

يضم الكونت الى حاشيته الخادم بيرتوسيو وهو من الناقمين على فيلفور. يخبره بيرتوسيو انه ضبط فيلفور في إحدى الليالي يحفر حفرة في حديقة منزله الخلفية ويضع فيها صندوقا صغيرا. وأول ما خطر له، وقتئذ، أن كنزا في ذلك الصندوق. لذلك نبش الحفرة بعد ذهاب فيلفور وأخرج الصندوق، فوجد فيه رضيعا في الرمق الأخير.

أخذه الى أخته التي ربته وسمته بينيديتو، وهو الآن من الخارجين على القانون.. وأثناء العشاء يعلن ان خدمه خلال هندسة الحديقة، عثروا على صندوق فيه بقايا طفل صغير، فاضطر الى تبليغ الشرطة. وتضطرب زوجة دانغلار ويدرك فيلفور أنه يعرف سرهما ( علاقة بينهما). يتساءل بخوف وقلق ماذا يريد منه!؟ وبعد أن روى الكونت تعطشه للثأر، يشعر دانتيس بالندم لأن انتقامه دمر الأبرياء، ولاسيما مرسيدس والبير. يتزوج هاييديه ويغادر باريس الى مكان مجهول.

دوماس وكريستو

حياة الكسندر دوماس، رواية حافلة: اليوم ثري وغدا مفلس! وبين الترف والتبذير والحاجة والاستجداء، هو يمتلك طاقة متجددة وغزارة في الانتاج يدفع بهما الديون! ومثل ما عثر ادموند دانتيس على كنز في جزيرة مونت كريستو، وجد الكسندر كنزا، وهو رواية” الكونت دي مونت كريستو” التي لاقت طلبا مذهلا وبقيت فترة طويلة، الكتاب الأكثر مبيعا في القارة الأوروبية.

فكسب الكسندر مبالغ هائلة. وبدافع الإقرار بالجميل، بنى قلعة(قصرا) سماها”قلعة مونت كريستو”. ثم غرق في البذخ فافلس وباعها. والقلعة، حاليا، متحف في بورت مارلي. بعد ذلك هرب من الدائنين الى بلجيكا ثم الى روسيا التي عاش فيها سنتين. واستمر على هذه الحال حتى مات ودفن في قريته”فيلير كوتيريت” سنة1870.

التعليقات