كتاب 11
لن تركع مصر ولن يركع شعبها سوى للخالق
تمر مصر حالياً بتهديدات أخطر مما تعرضت له ابان عدوان عام 1956 ، تحالف دولى يستهدف اسقاط نظام الحكم وكيان الدولة ، فى إطار عملية إعادة ترتيب القوى العظمى للأوضاع بالمنطقة على حساب بلادنا ، تجاوزنا أزمة 56 بنجاح وانتصرنا على قوى العدوان بفضل القيادة الوطنية ووحدة الشعب ، ماتقدم من إجراءات مقترحة لو تم تنفيذها سينعكس دون شك على معنويات ووحدة الشعب وسيخلق حالة من التضامن الوطنى فى مواجهة كافة التحديات..وعودة الروح التى افتقدها الشعب منذ عقود.
على القيادات المرتعشة والمبتدئة والهاوية ان تنسحب من المشهد الراهن تاركة القيادة للأكفاء والأقدر ..لاموضع لتصنيفات ولا تمييز بين ألوان سياسية او عسكرية ..فالوطن مهدد ، ومن يفرق الصف فليتم إخراجه من المشهد ، ومن يقدر على انتشال الوطن من ازمته فلندفعه للصدرة اياً كان انتماؤه.
نشرت صدى البلد تفاصيل الأجتماع الإستراتيجي السري الذى تم عقده بالقاعدة العسكرية الامريكية بدارمشتاد بألمانيا في الفترة من 16 وحتى 18 أغسطس الجاري تحت اسم “حول انقلاب مصر”، وحضره ممثلون للموساد الاسرائيلي وممثلون للولايات المتحدة وجهاز الامن القومي الامريكي وممثل عن القوات البريطانية في قبرص وممثل عن وزارة الدفاع الفرنسية وممثل عن غرفة العمليات لحلف شمال الاطلسي وصدر عنه 29 تقريرا مسجلا تحت تصنيف “سري جدا”.وأشارت الوثائق إلي زعزعة الأمن في مصر ايضاً عن طرق ضخ أسلحة من النقب والسودان وليبيا وتشاد وان تكون الاهداف التي سيتم ضربها هي انابيب الماء والغاز المحلية، المحولات الكهربائية، الجسور الرئيسية، وعبارات النيل وقناة السويس وضرورة الاستمرار على بقاء مصر في توتر.
واضافت الوثيقة يسجل الحاضرون الموقف المؤسف لأقباط الولايات المتحدة الذين رفضوا التعاون مع حكومة بلادهم فى أى عملية تدخل، وأيدوا الإدارة الانتقالية المصرية الجديدة، ويضاف هذا الموقف إلى قرار الكنائس المصرية بدعم الإدارة الانتقالية، مما قد يؤثر سلبا على حركتنا، وربما أيضا على مواقف الكنائس الأوروبية والأمريكية من الخطة المقبلة، يضاف إلى ذلك التصرف المتوحش لتحالف الإخوان المسلمين، الذى يشبه تصرف قبائل الأباتشى، الذى أدى إلى استهلاك للموارد البشرية والمادية الناتج عن الهجوم بلا حساب، وسوء التخطيط والعاطفية، مما أدى إلى إفشال فرص كانت متاحة، خاصة فى ظل الحكومات التى كانت مترددة، فى اتخاذ القراروانتهي اجتماع المخابرات إلى عدة توصيات أهمها، أن قرار مقاطعة مصر اقتصاديا قد تم اتخاذه على أن يبقى قرارا مكتوما حتى يحين الموعد المناسب بهذا المسار، مؤكدين على أن قرار المقاطعة هو الذي سيُركّع مصر، مع التركيز على سيناريو يمنع الاستثمار فى مصر، ويصعب من عمليات تمويل المشاريع فى أسواق المال الدولية، مع تكليف مؤسسات مالية للمراهنة المالية على العملة المصرية للتأثير على قيمتها، مع إطلاق حملة للتأثير على سمعة مصر الإدراية والمالية، وتنفيذ حصار اقتصادي، ووضع خطة من خلال متخصصين تساعد على تنفيذ البرنامج المذكور. ……………..
ليس من الأمور المعتادة ان تتسرب وثائق تحوى معلومات “سرى جداً” تتعلق بالأمن القومى للدولة من داخل اجهزة المخابرات..بعض الأجهزة لديها تقاليد تسمح بنشر الوثائق بعد مرور فترة معينة..قد تتفاوت وفقاً لدرجة سريتها..لكن ذلك ليس من تقاليد الأجهزة المصرية..لذلك عندما تقرأ النص “المترجم” للوثيقة المتعلقة بالإجتماع الإستراتيجى الذى عقد من 16-18 أغسطس الجارى بالقاعدة العسكرية الأمريكية فى دارمشتات بألمانيا بشأن ماأطلق عليه “مواجهة الإنقلاب فى مصر” لابد ان تدرك منذ البداية ان تسريبها متعمد ، وان حجم ماتمثله الخطة من مخاطر وتهديدات على مصر أكبر من ان تواجهها الدولة المصرية بأجهزتها ومؤسساتها وحدها ، وان الأمر يفرض مشاركة شعبية واسعة فى الدفاع عن كيان الدولة ذاته. من منطلق تلك الرؤيا يصبح عرض النص الأصلى للوثيقة ، او ملخصاً له ، على نحو ماتناولته كافة الصحف ، او حتى التحاليل المتحذلقة للخبراء الإستراتيجيون لايحقق الهدف ، لأن الحشد الشعبى للدفاع عن كيان الدولة يفرض “قراءة وطنية” لأبعاد تلك الخطة التى تستهدف “تركيع مصر”.
ويرى المجتمعون ان وجود نظام مستقر فى مصر ، لايخضع لسيطرة الغرب ، يعكس مخاطر جدية على نظام الحكم الإسلامى الراهن فى تركيا ، ولذلك ينبغى تنفيذ النموذج العراقى والسورى فى مصر “فرق الموت” لإصابتها بحالة من الشلل السياسى والإقتصادى ، ويقدر المجتمعون انه اذا كان معدل ضحايا هذه الفرق فى العراق وسوريا فى حدود 6000 شهرياً ، فإن هذا الرقم ينبغى ان يتضاعف ليصل الى 12000 ضحية شهرياً بمصر على امتداد سيناء والوجهين البحرى والقبلى ، حتى ينعدم تماما تأثير الثورة المصرية على دول المنطقة.
ماسبق يمثل خطة متكاملة لإستنساخ النموذج العراقى والسورى فى مصر إستكمالاً للخطة الأمريكية المتعلقة بتقسيم وتفكيك الشرق الأوسط ، والخطة تراهن بصفة رئيسية على ضعف وتردد الحكومة المؤقتة فى مصر ، لذلك فإن أولى المهام التى ينبغى انجازها هى إجراء تعديل وزارى يتم بمقتضاه استبعاد كافة العناصر التى لديها اى تعاطف مع الإخوان ، وكذا كل من يميل لفكرة المصالحة وأنصاف الحلول ، وكذا من سجلت اجهزة الأمن انه قد تعاون مع نظام الإخوان بإخلاص خلال فترة حكمهم حتى لو كان ممن يطلقون على انفسهم تكنوقراط..لم يعد الموقف يحتمل كل هذا الهراء. ولأن الخطة تأتى فى إطار الصراع الدولى على الشرق الوسط ، فلابد من ترتيب زيارة عاجلة للرئيس بوتين الى القاهرة ، او زيارة وفد مصرى رفيع على مستوى القمة لموسكو لتوقيع اتفاق تعاون استراتيجى بين البلدين ، على ان يغطى هذا التعاون – بالإضافة الى تنويع مصادر السلاح – عدد من المسائل ذات الأولوية والتى تحبط المرتكزات الرئيسية لخطة العمل ضد مصر (انظمة متطورة لمراقبة الحدود – وضع الآليات الكفيلة باستفادة مصر من الأقمار الصناعية الروسية فى رصد عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود ، وكذا تجمعات الإرهابين وتحركاتهم داخل مصر ، وبالقرب من حدودها – تحديث شبكات التنصت على الإتصالات الداخلية والخارجية لشبكات الإرهاب…) ونظراً لما يقوم به عناصر المخابرات والدبلوماسيين فى السفارة الأمريكية (يتجاوز عددهم 1200) من دور رئيسى فى تنفيذ الخطة ومتابعتها وتعديلها بناء على التطورات الجارية على الأرض ، الأمر الذى يفسر ماورد بمحضر الإجتماع من تأكيد وحرص على تجنب إحداث قطيعة فى العلاقات مع مصر ، فمن المناسب المبادرة بتخفيض مستوى العلاقات مع الولايات المتحدة الى مستوى قائم بالأعمال ، وتجميد علاقات التعاون العسكرى والإقتصادى معها ، وذلك كرد فعل وطنى لما قررته من وقف للمعونة والتدريبات المشتركة ، ولتدخلها فى الشئون الداخلية لمصر ، كما يتم ترحيل العسكريين الأمريكيين المتمركزين فى سيناء (عددهم 400 جندى) ، واتخاذ قرار بالتخفيض المتبادل والمتكافىء لأطقم الدبلوماسيين والإداريين العاملين بالسفارات ، فى القاهرة وواشنطن ، وذلك الى الحد الذى يشل قدرة السفارة الأمريكية على التحرك المخابراتى الداخلى الفعال ، وينطبق ذلك بشكل أقل على السفارتين البريطانية والفرنسية. والدعوة الى عقد مؤتمر على مستوى الخبراء الأمنيون ، تمهيداً لعقد مؤتمر على مستوى سياسى رفيع ، يضم مصر والسعودية والإمارات وسوريا والعراق تكون مهمته التغاضى عن الخلافات الراهنة ، وحشد الجهود ، والتنسيق والتعاون الكامل وتبادل المعلومات فى مواجهة الإرهاب والمخاطر المشتركة التى تواجهها المنطقة بكاملها ، بغض النظر عن نوع الأنظمة الحاكمة فيها..قد يبدو ذلك صادما من حيث درجة وسرعة التحول السياسى .. لكن حجم المخاطر اكبر من ان تكفى معه الطرق التقليدية لمواجهته. وسرعة اجراء تعبئة اعلامية لشن حملة مصرية واسعة وجادة بالخارج ، يتم الإستعانة فيها بشركات للعلاقات العامة يتم اختيارها وفقاً لمعايير تضمن عدم وجود ارتباط بينها وبين الحزب الديمقراطى الذى تنتمى اليه الإدارة الأمريكية الحالية ، كما يتم التنسيق مع الجاليات المصرية بالولايات المتحدة واوروبا ، وتستهدف الحملة كشف جرائم الإخوان كمنظمة ارهابية ، وطبيعة علاقات التعاون بينها وبين منظمات الإرهاب الدولى ، وبينها وبين الإدارة الأمريكية.
وفى مقدور المخابرات العامة المصرية – من خلال علاقاتها مع المخابرات المركزية الأمريكية – ان تمارس ضغوطاً هائلة على الولايات المتحدة لإجبارها على التراجع عن تنفيذ الخطة الموضوعة ، مستخدمة فى ذلك كل ماهو متاح لديها من اوراق ضغط ، وهى عديدة ، ليس اكثرها تأثيراً وأقواها فعالية التهديد بكشف تفاصيل ماتم من تعاون فى استجواب العديد من المعتقلين الأمريكيين بمصر..تلك أمور تشكل أهمية بالغة للرأى العام الامريكى يسقط معها نظم ورؤساء وأحزاب ، وهى فى نفس الوقت لم تعد تمس موقف مصر ..فقد ثار شعبها على نظام مبارك بكل ممارساته بما فيها استخدام أجهزته الوطنية فى مساعدة ودعم أجهزة اخرى ، فى قضايا وموضوعات لاناقة للمصريين فيها ولا جمل. فالتعامل داخلياً بمنتهى الحزم والحسم فى مواجهة أية أنشطة إرهابية .. انصاف الحلول لم تعد تجدى .
واستمرار التظاهر والإعتصام لإنهاك الدولة لم يعد مقبولاً بعد ان اتضحت اهدافة لتمرير الخطة الدوليه ضد مصر .. إقرار وتفعيل قانون التظاهر الذى أعد النظام السابق مشروعه ينبغى ان يتم على وجه السرعة ، وان نطبقه بكل صرامة .. بضاعتهم ترد اليهم .. مع استمرار تجفيف مصادر تمويل الإخوان فى الداخل والخارج .. والسيطرة على العناصر الحركية فى التنظيم والتنظيمات المتعاونة معه أياً كان عددها ، المهم شل قدرتهم على اى تحرك. وسرعة وضع خطة امنية للتعامل مع العمليات الإرهابية وتقليل خسائرها البشرية (ضرورة إحكام السيطرة الأمنية على مداخل المدن للحيلولة دون تسلل إرهابيين او أسلحة.. الإزدحام ومشاكل المرور لاينبغى ان يكون مبرراً لإهمال إجراءات التفتيش الدقيق .. أمن الدولة يعلو ولايعلى عليه – تقسيم المدن الى أحياء ، والأحياء الى قطاعات ، والقطاعات الى مربعات سكنية على خرائط العمليات وعلى الأرض ، على النحو الذى يسمح بالإغلاق الأمنى لأى مربع فور تعرضه لعملية إرهابية ، او انطلاق عملية من داخله ، بحيث يمنع خروج الإرهابيين منه ، الى ان يتم تمشيطه ، والقبض على مرتكبيها – سرعة انشاء غرفة عمليات مشتركة لإدارة الأزمات تضم عناصر مدربة من الجيش والشرطة والمخابرات والخارجية ، ويتم ضم كل من تثبت الحاجة لتواجده وفق نوعية الأزمات التى تتصدى للتعامل معها – تجهيز مجموعات فنية قادرة على اكتشاف المتفجرات ، واخرى للتدخل السريع والتعامل معها لإبطال مفعولها..)